للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرُهُ، وَالْمَعْنَى فِيهِ كَثْرَةُ الْمُؤْنَةِ وَخِفَّتُهَا كَمَا فِي الْمَعْلُوفَةِ وَالسَّائِمَةِ.

وَالْعَثَرِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ مَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّيْلِ الْجَارِي إلَيْهِ فِي حُفْرَةٍ وَتُسَمَّى الْحُفْرَةُ عَاثُورًا لِتَعْثِيرِ الْمَاءِ بِهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْهَا وَالْقَنَوَاتُ وَالسَّوَّاقِي الْمَحْفُورَةُ مِنْ النَّهْرِ الْعَظِيمِ كَالْمَطَرِ فَفِي الْمَسْقِيِّ بِمَاءٍ يَجْرِي فِيهَا مِنْهُ الْعُشْرُ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الْقَنَوَاتِ إنَّمَا تَخْرُجُ لِعِمَارَةِ الْقَرْيَةِ، وَالْأَنْهَارُ إنَّمَا تُحْفَرُ لِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ، فَإِذَا تَهَيَّأَتْ وَصَلَ الْمَاءُ إلَى الزَّرْعِ بِطَبْعِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى بِخِلَافِ السَّقْيِ بِالنَّوَاضِحِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْمُؤْنَةَ لِلزَّرْعِ نَفْسِهِ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّوْعَيْنِ كَالنَّضْحِ وَالْمَطَرِ يَسْقُطُ بِاعْتِبَارِ مُدَّةِ عَيْشِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَنَمَائِهِمَا لَا بِأَكْثَرِهِمَا وَلَا بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ، فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ مَثَلًا إلَى يَوْمِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَاحْتَاجَ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْهَا إلَى سَقْيَةٍ فَسُقِيَ بِالْمَطَرِ، وَفِي الْأَرْبَعَةِ الْأُخْرَى إلَى سَقْيَتَيْنِ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ، وَكَذَا لَوْ جَهِلْنَا الْمِقْدَارَ مِنْ نَفْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ أَخْذًا بِالِاسْتِوَاءِ وَاحْتَاجَ فِي سِتَّةٍ مِنْهَا إلَى سَقْيَتَيْنِ فَسُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَفِي شَهْرَيْنِ إلَى ثَلَاثِ سَقْيَاتٍ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ سُقِيَ بِمَاذَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْمَعْنَى فِيهِ) أَيْ فِي وُجُوبِ الْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ. وَقَوْلُهُ " كَثْرَةُ الْمُؤْنَةِ " لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ، فَالْكَثْرَةُ رَاجِعَةٌ لِنِصْفِ الْعُشْرِ وَالْخِفَّةُ لِلْعُشْرِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمَعْلُوفَةِ وَالسَّائِمَةِ) التَّنْظِيرُ فِي مُطْلَقِ خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ وَكَثْرَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْمَعْلُوفَةُ لَا زَكَاةَ فِيهَا أَصْلًا.

فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ يُؤَثِّرْ ثِقَلُ الْمُؤْنَةِ فِي إسْقَاطِ الْوُجُوبِ مِنْ أَصْلِهِ هُنَا وَأَثَّرَ فِي الْمَعْلُوفَةِ؟ قُلْت: لِأَنَّ الْقَصْدَ بِاقْتِنَاءِ الْحَيَوَانِ نَمَاؤُهُ لَا عَيْنُهُ، فَلَمَّا عُلِفَ لَمْ يَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ لِكَوْنِ الْعَلَفِ فِي نَظِيرِ النَّمَاءِ وَمِنْ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ عَيْنُهُ فَيُنْظَرُ إلَيْهَا مُطْلَقًا، ثُمَّ تَفَاوَتُوا فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ. قَوْلُهُ: (بِمَاءِ السَّيْلِ) أَيْ الْمَطَرِ الْمُجْتَمِعِ.

قَوْلُهُ: (فِي حُفْرَةٍ) وَهِيَ أَنْ تُحْفَرَ حَفِيرَةٌ يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ مِنْ السَّيْلِ إلَى أُصُولِ الشَّجَرِ كَمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، إطْفِيحِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَالْقَنَوَاتُ) أَيْ الْأَنْهَارُ الصَّغِيرَةُ.

قَوْلُهُ: (وَالسَّوَّاقِي) الْمُرَادُ بِهَا الْمَسَاقِي وَهِيَ الْأَنْهَارُ الْكَبِيرَةُ كَالْخُلْجَانِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ التَّعْلِيلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ لِأَنَّ فِي الْمُسْقَى بِتِلْكَ نِصْفَ الْعُشْرِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ النَّهْرِ) أَيْ مِنْ جَنْبِهِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مُؤْنَةَ الْقَنَوَاتِ إنَّمَا تَخْرُجُ إلَخْ) أَيْ شَأْنُهَا ذَلِكَ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا عِبْرَةَ بِمُؤْنَةِ الْقَنَوَاتِ وَالسَّاقِيَّةِ لِأَنَّهَا لِعِمَارَةِ الضَّيْعَةِ لَا لِنَفْسِ الزَّرْعِ.

قَوْلُهُ: (وَنَمَائِهِمَا) تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: (لَا بِأَكْثَرِهِمَا) أَيْ الْمَطَرِ وَالنَّضْحِ خِلَافًا لِلْمَدَابِغِيِّ مِنْ جَعْلِهِ الضَّمِيرَ لِلْمُدَّتَيْنِ، أَيْ لَا يُعْتَبَرُ بِأَكْثَرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ تَرْجِيحًا لِلْغَلَبَةِ، وَيُلْغَى الْأَقَلُّ عَنْ الِاعْتِبَارِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَا تَقْسِيطَ بِأَكْثَرِهِمَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ؛ إذْ الْأَكْثَرُ لَا تَقْسِيطَ فِيهِ حَتَّى يُنْفَى. قَوْلُهُ: (وَلَا بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ) أَيْ وَلَا يُقَسَّطُ بِعَدَدِ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ التَّقْسِيطَ بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَتْنُ الْمِنْهَاجِ وَعِبَارَتُهُ وَفِيمَا سُقِيَ بِهِمَا سَوَاءٌ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، فَإِنْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَفِي قَوْلٍ يُعْتَبَرُ هُوَ؛ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُقَسَّطُ بِاعْتِبَارِ عَيْشِ الزَّرْعِ وَنَمَائِهِ، وَقِيلَ بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ يَوْمِ الِاطِّلَاعِ فِي النَّخْلِ أَوْ ظُهُورِ الْعِنَبِ فِي الْكَرْمِ إ ط ف.

قَوْلُهُ: (وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ) وَلَوْ اُعْتُبِرَ عَدَدُ السَّقْيَاتِ لَوَجَبَ ثُلُثَا الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ السَّقْيَةَ الَّتِي بِالْمَطَرِ يَجِبُ فِيهَا ثُلُثُ الْعُشْرِ وَالسَّقْيَتَانِ بِغَيْرِ الْمَطَرِ يَجِبُ فِيهِمَا ثُلْثَا نِصْفِ الْعُشْرِ وَثُلْثَا نِصْفِ الْعُشْرِ ثُلُثٌ كَامِلٌ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا) أَيْ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ لَوْ جَهِلْنَا الْمِقْدَارَ إلَخْ بِأَنْ شَكَكْنَا هَلْ انْتَفَعَ بِسَقْيَةِ الْمَطَرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَسَقْيَتَيْ النَّضْحِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّهَا تُقَسَّطُ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ بِأَنْ تُجْعَلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِسَقْيَتَيْ الْمَطَرِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِسَقْيَتَيْ النَّضْحِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ " أَخَذَ بِالِاسْتِوَاءِ " أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

وَقَوْلُهُ " مِنْ نَفْعِ إلَخْ " يَقْتَضِي أَنَّ النَّفْعَ مُعْتَبَرٌ فِي التَّقْسِيطِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ح ف وَصَرَّحَ بِهِ عَمِيرَةُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ نَفْعٍ) مُتَعَلِّقُ الْمِقْدَارِ، وَقَوْلُهُ " بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ " مُتَعَلِّقٌ بِ " نَفْعٍ ". وَقَوْلُهُ " أَخْذًا بِالِاسْتِوَاءِ " أَيْ بِتَسَاوِي الْمُدَّتَيْنِ بِجَعْلِ نِصْفَ الْمُدَّةِ لِلسَّقْيَةِ وَنِصْفَهَا لِلسَّقْيَتَيْنِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّحَكُّمُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ زِيَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ) أَيْ نَظَرًا لِسَقْيِ السَّمَاءِ، وَقَوْلُهُ " وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ " أَيْ نَظَرًا لِسَقْيِ

<<  <  ج: ص:  >  >>