للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّكَاةُ وَإِنْ بَلَغَ بِغَيْرِهِ، أَمَّا إذَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ نَقْدٍ كَعَرْضٍ وَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ فَبِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ يُقَوَّمُ بِهِ.

فَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ بِمَحَلٍّ لَا نَقْدَ فِيهِ كَبَلَدٍ يُتَعَامَلُ فِيهِ بِفُلُوسٍ أَوْ نَحْوِهَا اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ، فَإِنْ مَلَكَهُ بِنَقْدٍ وَغَيْرِهِ قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَالْبَاقِيَ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ.

فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ عَلَى التَّسَاوِي وَبَلَغَ مَالُ التِّجَارَةِ نِصَابًا بِأَحَدِهِمْ دُونَ الْآخَرِ قُوِّمَ لِتَحَقُّقِ تَمَامِ النِّصَابِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ تَمَّ النِّصَابُ فِي مِيزَانٍ دُونَ آخَرَ أَوْ بِنَقْدٍ لَا يُقَوَّمُ بِهِ دُونَ نَقْدٍ يُقَوَّمُ بِهِ.

وَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا بِكُلٍّ مِنْهُمَا خُيِّرَ الْمَالِكُ كَمَا فِي شَاتَيْ الْجُبْرَانِ وَدَرَاهِمِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ صُحِّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْأَنْفَعُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَيُضَمُّ رِبْحٌ حَاصِلٌ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لِأَصْلٍ فِي الْحَوْلِ إنْ لَمْ يَنِضَّ بِمَا يُقَوَّمُ بِهِ.

فَلَوْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ فِي الْحَوْلِ وَلَوْ قَبْلَ آخِرِهِ بِلَحْظَةٍ ثَلَثَمِائَةٍ زَكَّاهَا آخِرَهُ، أَمَّا إذَا نَضَّ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِمَا يُقَوَّمُ بِهِ وَأَمْسَكَهُ إلَى آخِرِ الْحَوْلِ فَلَا يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ بَلْ يُزَكَّى الْأَصْلُ بِحَوْلِهِ وَيُفْرَدُ الرِّبْحُ بِحَوْلٍ (وَيُخْرِجُ مِنْ) قِيمَةِ (ذَلِكَ) لَا مِنْ الْعُرُوضِ (رُبْعُ الْعُشْرِ) أَمَّا أَنَّهُ رُبْعُ الْعُشْرِ فَكَمَا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِهِمَا، وَأَمَّا أَنَّهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَلِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ عَيْنِ الْعُرُوضِ.

(وَمَا) أَيْ وَأَيُّ نِصَابٍ (اُسْتُخْرِجَ مِنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقَوْلُهُ " لِأَنَّهُ " أَيْ بِالنَّقْدِ، وَقَوْلُهُ " فَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ " أَيْ بِمَا اُشْتُرِيَتْ بِهِ، وَقَوْلُهُ " فَبِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ " أَيْ بَلَدِ حَوَلَانِ الْحَوْلِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ خ ض عَلَى التَّحْرِيرِ.

وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: فَلَوْ حَالَ إلَخْ " وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: أَيْ نَقْدُ بَلَدِ الْإِخْرَاجِ. قَوْلُهُ: (وَالْبَاقِي) وَهُوَ مَا قَابَلَ غَيْرَ النَّقْدِ، وَيُعْرَفُ مُقَابِلُهُ بِتَقْوِيمِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَجَمْعِ قِيمَتِهِ مَعَ النَّقْدِ وَنِسْبَتِهِ مِنْ الْجُمْلَةِ، فَلَوْ كَانَ اشْتَرَى بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَبِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ فَمُقَابِلُهُ ثُلُثُ مَالِ التِّجَارَةِ فَيُقَوَّمُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ جِنْسُ النَّقْدَيْنِ الْمُتَقَوِّمِ بِهِمَا لَمْ يَكْمُلْ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَلَا تَجِبُ زَكَاةُ مَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا مِنْهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا فَتَأَمَّلْ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فَبِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ.

قَوْلُهُ: (لِتَحَقُّقِ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِالتَّحَقُّقِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّحَقُّقِ غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَلَوْ قَالَ: لِأَنَّ الْوَزْنَ أَضْبَطُ لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ) أَيْ الْمُقَوَّمِ بِهِمَا حَتَّى يُفَارِقَ مَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (مَا لَوْ تَمَّ النِّصَابُ) أَيْ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا) مُقَابِلُ قَوْلِهِ " بِأَحَدِهِمَا ".

قَوْلُهُ: (بِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ بِكُلٍّ مِنْ النَّقْدَيْنِ الْغَالِبَيْنِ عَلَى التَّسَاوِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ صُحِّحَ) ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (وَيُضَمُّ رِبْحُ) سَوَاءٌ حَصَلَ الرِّبْحُ بِزِيَادَةٍ فِي نَفْسِ الْعَرْضِ كَسَمْنِ الْحَيَوَانِ أَمْ بِارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ شَرْحُ م ر. وَإِنَّمَا ضَمَّ الرِّبْحُ قِيَاسًا عَلَى النِّتَاجِ مَعَ الْأُمَّهَاتِ وَلِعُسْرِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى حَوْلِ كُلِّ زِيَادَةٍ مَعَ اضْطِرَابِ الْأَسْوَاقِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ارْتِفَاعًا وَانْخِفَاضًا اهـ شَرْحُ حَجّ.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَنِضَّ) بِأَنْ لَمْ يَنِضَّ أَصْلًا أَوْ نَضَّ بِغَيْرِ مَا يُقَوَّمُ بِهِ أَيْ بِيعَ بِغَيْرِ مَا يُقَوَّمُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّضَّ الْبَيْعُ، فَمَنْطُوقُهُ شَامِلٌ لِصُورَتَيْنِ، وَتَفْسِيرُ النَّضِّ بِالْبَيْعِ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ وَإِلَّا فَمَعْنَاهُ أَنْ يَصِيرَ نَاضًّا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ: أَمَّا إذَا نَضَّ إلَخْ. وَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْبَيْعَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إنَّمَا يُسَمُّونَ النَّقْدَ نَاضًّا إذَا تَحَوَّلَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَتَاعًا؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ مَا نَضَّ بِيَدِي مِنْهُ شَيْءٌ أَيْ مَا حَصَلَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ

قَوْلُهُ: (فَصَارَتْ قِيمَتُهُ) أَوْ نَضَّ فِيهِ بِهَا وَهِيَ مِمَّا لَا تُقَوَّمُ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَهَذِهِ هِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَنْطُوقِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا نَضَّ) بِأَنْ بِيعَ بِمَا ذَكَرَهُ، وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا نَضَّ مِنْ الْجِنْسِ فَقَدْ رَجَعَ رَأْسُ الْمَالِ إلَى أَصْلِهِ فَيَصِيرُ الرِّبْحُ مُسْتَقِلًّا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنِضَّ أَوْ نَضَّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَلَمْ يَرْجِعْ رَأْسُ الْمَالِ إلَى أَصْلِهِ فَلَا يَصِيرُ الرِّبْحُ مُسْتَقِلًّا، لِارْتِبَاطِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِرَأْسِ الْمَالِ ارْتِبَاطَ التَّابِعِ بِالْمَتْبُوعِ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَأَمْسَكَهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، إذْ مِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ عَرْضًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَيُفْرِدُ الرِّبْحَ بِحَوْلٍ) فَإِذَا تَمَّ حَوْلُهُ زَكَّاهُ. وَلَا يُقَالُ إنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ النِّصَابُ، وَالرِّبْحُ لَيْسَ نِصَابًا كَامِلًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ الْإِخْرَاجَ لَيْسَ عَنْهُ وَحْدَهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا بِيَدِهِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ أَنْ يَضُمَّهَا لِمَا عِنْدَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ.

قَوْلُهُ: (فَلِأَنَّهَا) أَيْ الْقِيمَةَ مُتَعَلِّقَةٌ أَيْ رُبْعُ الْعُشْرِ.

قَوْلُهُ: (وَأَيُّ نِصَابٍ) أَيْ وَلَوْ بِضَمِّهِ لِمَا عِنْدَهُ كَمَا يَأْتِي، وَسَوَاءٌ اُسْتُخْرِجَ بِمُعَالَجَةٍ أَوْ بِدُونِهَا خِلَافًا لِلْقَوْلِ الْمُفَصَّلِ بَيْنَ مَا اُسْتُخْرِجَ بِمُعَالَجَةٍ فَفِيهِ رُبْعُ الْعُشْرِ، وَمَا اُسْتُخْرِجَ بِلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>