للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفِضَّةِ) أَيْ اسْتَخْرَجَ ذَلِكَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَهُ (يُخْرِجُ مِنْهُ) أَيْ النِّصَابِ (رُبْعَ الْعُشْرِ) بِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ لِخَبَرِ «وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ» إذْ لَا وَقْصَ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ كَمَا مَرَّ.

وَلَا يُشْتَرَطُ الْحَوْلُ بَلْ يَجِبُ الْإِخْرَاجُ (فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْحَوْلَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِأَجْلِ تَكَامُلِ النَّمَاءِ، وَالْمُسْتَخْرَجُ مِنْ الْمَعْدِنِ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الثِّمَارَ وَالزُّرُوعَ، وَيُضَمُّ بَعْضُ الْمُخْرَجِ إلَى بَعْضٍ إنْ اتَّحَدَ الْمَعْدِنُ وَتَتَابَعَ الْعَمَلُ كَمَا يُضَمُّ الْمُتَلَاحِقُ مِنْ الثِّمَارِ، وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْأَوَّلِ عَلَى مِلْكِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِي الضَّمِّ اتِّصَالُ النَّيْلِ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ غَالِبًا إلَّا مُتَفَرِّقًا.

وَإِذَا قُطِعَ الْعَمَلُ بِعُذْرٍ كَإِصْلَاحِ آلَةٍ وَمَرَضٍ ضُمَّ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ عُرْفًا، فَإِنْ قُطِعَ بِلَا عُذْرٍ لَمْ يُضَمَّ طَالَ الزَّمَنُ أَمْ لَا لِإِعْرَاضِهِ.

وَمَعْنَى عَدَمِ الضَّمِّ أَنَّهُ لَا يُضَمُّ الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي فِي إكْمَالِ النِّصَابِ وَيُضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ بَاقِيًا كَمَا يَضُمُّهُ إلَى مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ الْمَعْدِنِ كَإِرْثٍ وَهِبَةٍ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ، فَإِذَا اسْتَخْرَجَ مِنْ الْفِضَّةِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا بِالْعَمَلِ الْأَوَّلِ وَمِائَةً وَخَمْسِينَ بِالثَّانِي فَلَا زَكَاةَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُعَالَجَةٍ فَفِيهِ الْخُمْسُ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَعَادِنِ) أَيْ أَمْكِنَةِ الذَّهَبِ إلَخْ فَمِنْ لِلِابْتِدَاءِ وَالْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةٌ أَوْ مَعَادِنَ هِيَ الذَّهَبُ، فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَمِنْ بَيَانٍ لِمَا؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ يُطْلَقُ عَلَى الْمَكَانِ وَعَلَى الْمُسْتَخْرَجِ سَوَاءٌ كَانَ بِكَسْرِ الدَّالِ أَوْ فَتْحِهَا.

وَقِيلَ: إنَّ الْمَكَانَ بِالْفَتْحِ وَالْمُسْتَخْرِجَ بِالْكَسْرِ، وَالْمَعَادِنُ جَمْعُ مَعْدِنٍ مِنْ عَدَنَ بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ، وَمِنْهُ {جَنَّاتُ عَدْنٍ} [الرعد: ٢٣] أَيْ إقَامَةٍ ح ل قَالَ م ر سُمِّيَ بِذَلِكَ لِعُدُونِهِ أَيْ إقَامَتِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ) سَكَتَ عَمَّا اُسْتُخْرِجَ مِنْ مَسْجِدٍ أَوْ مَوْقُوفٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُسْتَخْرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ وَقْفِهِ مَسْجِدًا فَهُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا بَعْدَ الْوَقْفِيَّةِ فَهُوَ مِنْ رِيعِ الْمَسْجِدِ، وَالْمُسْتَخْرَجُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَى شَخْصٍ إنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْوَقْفِيَّةِ فَهُوَ مِنْ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فَيَكُونُ مَمْلُوكًا لِلشَّخْصِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى مَسْجِدٍ.

قَوْلُهُ: (رُبْعُ الْعُشْرِ) وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ إنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ كَوْنِهِ مِلْكَهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ الْأَرْضَ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مِمَّا يُخْلَقُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهَا شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (إنْ اتَّحَدَ الْمَعْدِنُ) أَيْ الْمَكَانُ لَا إنْ تَعَدَّدَ وَإِنْ تَقَارَبَ م ر.

وَكَذَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ فِي الرِّكَازِ، ابْنُ حَجَرٍ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَتَتَابَعَ الْعَمَلُ) أَوْ قَطَعَهُ بِعُذْرٍ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْأَوَّلِ عَلَى مِلْكِهِ) كَأَنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ بِالتَّلَفِ فَيُضَمُّ الثَّانِي وَالثَّالِثُ لِمَا تَلِفَ وَتَخْرُجُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ إنْ كَمُلَ النِّصَابُ؛ فَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ الْأَوَّلِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ كَأَنْ كَانَ كُلَّمَا أَخْرَجَ شَيْئًا بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ إلَى أَنْ أَخْرَجَ نِصَابًا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ نَحْوِ الْبَيْعِ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ وَيَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ وَإِنْ تَلِفَ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ ع ش. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الضَّمِّ اتِّصَالُ النَّيْلِ) أَيْ الْمَنَالِ. وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا " وَتَتَابَعَ الْعَمَلُ " إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَتَابُعِ الْعَمَلِ اتِّصَالُ النَّيْلِ، فَقَدْ تَكُونُ الْأَرْضُ صُلْبَةً يَكْثُرُ الْعَمَلُ فِيهَا وَلَا يُدْرِكُ الْمَنَالَ.

قَوْلُهُ: (اتِّصَالُ النَّيْلِ) أَيْ اتِّصَالًا حَقِيقِيًّا، وَإِلَّا فَالِاتِّصَالُ الْعُرْفِيُّ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَفِي الْقَامُوسِ: النَّيْلُ وَالنَّوْلُ مَا نِلْتُهُ أَيْ حَصَّلْتُهُ.

. قَوْلُهُ: (كَإِصْلَاحِ آلَةٍ) أَيْ وَهَرَبِ أَجِيرٍ م ر.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ طَالَ) غَايَةٌ لِلضَّمِّ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَطَعَ بِلَا عُذْرٍ) أَوْ تَعَدَّدَ الْمَعْدِنُ.

قَوْلُهُ: (بِإِعْرَاضِهِ) نَعَمْ يَتَسَامَحُ بِمَا اُعْتِيدَ لِلِاسْتِرَاحَةِ فِيهِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَقَدْ يَطُولُ وَقَدْ يَقْصُرُ، وَلَا يُتَسَامَحُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (لَا يُضَمُّ الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي) خَرَجَ بِالثَّانِي غَيْرُهُ مِمَّا يَمْلِكُهُ فَيُضَمُّ إلَيْهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْتَخْرَجِ نِصَابًا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ أَيْ وَأَيُّ نِصَابٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ إذَا بَلَغَ الْمُسْتَخْرَجُ نِصَابًا يَضُمُّهُ لِمَا عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يُزَكَّى.

قَوْلُهُ: (فِي إكْمَالِ النِّصَابِ) الْأَوْلَى فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ ق ل. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " فِي إكْمَالِ النِّصَابِ " أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُزَكِّيَ الْجَمِيعَ وَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ لِيُزَكِّيَ الثَّانِيَ فَقَطْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ.

وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " وَيُضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ " لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ضَمِّ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ ضَمُّ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي اط ف مُلَخَّصًا.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ بَاقِيًا) هَذَا لَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ سَابِقًا " وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْأَوَّلِ عَلَى مِلْكِهِ " لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَتَابَعَ الْعَمَلُ، وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَتَابَعْ الْعَمَلُ؛ هَذَا مَا ظَهَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>