للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْخَمْسِينَ وَتَجِبُ فِي الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ كَمَا تَجِبُ فِيمَا لَوْ كَانَ مَالِكًا لِخَمْسِينَ مِنْ غَيْرِ الْمَعْدِنِ.

تَنْبِيهٌ: خَرَجَ بِقَوْلِنَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَعْدِنِ وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَأَمَّا مَا يَأْخُذُهُ الرَّقِيقُ فَلِسَيِّدِهِ فَيَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ أَخْذِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِحْيَاءِ بِهَا لِأَنَّ الدَّارَ لِلْمُسْلِمِينَ وَهُوَ دَخِيلٌ فِيهَا وَالْمَانِعُ لَهُ لِلْحَاكِمِ فَقَطْ، فَإِنْ أَخَذَهُ قَبْلَ مَنْعِهِ مَلَكَهُ كَمَا لَوْ احْتَطَبَ، وَيُفَارِقُ مَا أَحْيَاهُ بِتَأَبُّدِ ضَرَرِهِ وَوَقْتُ وُجُوبِ حَقِّ الْمَعْدِنِ حُصُولُ النَّيْلِ فِي يَدِهِ، وَوَقْتُ الْإِخْرَاجِ عَقِبَ التَّخْلِيصِ وَالتَّنْقِيَةِ مِنْ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ، كَمَا أَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ فِي الزَّرْعِ اشْتِدَادُ الْحَبِّ وَوَقْتُ الْإِخْرَاجِ التَّنْقِيَةُ.

(وَمَا) أَيْ وَأَيُّ نِصَابٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (يُؤْخَذُ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الرِّكَازِ (فَفِيهِ الْخُمُسُ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَخَالَفَ الْمَعْدِنُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا مُؤْنَةَ فِي تَحْصِيلِهِ أَوْ مُؤْنَتُهُ قَلِيلَةٌ فَكَثُرَ وَاجِبُهُ كَالْمُعَشَّرَاتِ، وَيُصْرَفُ هُوَ وَالْمَعْدِنُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْأَرْضِ فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ نِصَابًا مِنْ النَّقْدِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ، وَالرِّكَازُ بِمَعْنَى الْمَرْكُوزِ وَهُوَ دَفِينُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَاهِلِيَّةِ مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَيْ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ جَهَالَاتِهِمْ، وَيُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الْمَدْفُونِ الْجَاهِلِيِّ رِكَازًا أَنْ لَا يُعْلَمَ أَنَّ مَالِكَهُ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهَا بَلَغَتْهُ وَعَانَدَ وَوُجِدَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ فِي الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ إلَخْ) وَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ وَقْتَ تَمَامِهِمَا وَلَا يَتِمَّانِ إلَّا بَعْدَ اسْتِخْرَاجِ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ إنْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهِمَا، يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ فِي الصُّنْدُوقِ خَمْسُونَ وَاسْتَخْرَجَ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَجَبَتْ زَكَاةُ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ وَانْعَقَدَ حَوْلُ الْمِائَتَيْنِ مِنْ حِينَئِذٍ وَمَا مَضَى عَلَى الْخَمْسِينَ مِنْ الْمُدَّةِ لَا يُحْسَبُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالْقِيَاسُ انْعِقَادُهُ مِنْ حِينِ الْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِهِمَا لَا مِنْ حِينِ تَمَامِهِمَا لِمِلْكِ الْمُسْتَحِقِّينَ جُزْءًا مِنْ الْمُسْتَخْرَجِ فَيَنْقُصُ مَجْمُوعُ الْمَمْلُوكِ عَنْ النِّصَابِ فَلَا يَنْعَقِدُ حَوْلُهُ.

. قَوْلُهُ: (وَالْمَانِعَ لَهُ الْحَاكِمُ فَقَطْ) عِبَارَةُ م ر: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَنْقَدِحُ حِينَئِذٍ جَوَازُ مَنْعِهِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ فِيهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيُفَارِقُ مَا أَحْيَاهُ) فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِتَأَبُّدِ ضَرَرِهِ) أَيْ ضُرِّ مَا أَحْيَاهُ. قَوْلُهُ: (حُصُولُ النَّيْلِ) أَيْ الْمَنَالِ

قَوْلُهُ: (بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ) أَوْ بِالْجِيمِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ؛ وَلَعَلَّ اخْتِيَارَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْوُجُودِ الْأَخْذُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الرِّكَازِ) مِنْ الرِّكْزِ وَهُوَ الْخَفَاءُ، قَالَ تَعَالَى: {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: ٩٨] أَيْ صَوْتًا خَفِيًّا ح ل.

قَوْلُهُ: (وَخَالَفَ الْمَعْدِنَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ قَدْرُ الْوَاجِبِ وَإِنْ وَافَقَهُ فِي الْإِخْرَاجِ فَوْرًا.

قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ إنَّهُ) أَيْ الرِّكَازَ. وَقَوْلُهُ " لَا مُؤْنَةَ فِي تَحْصِيلِهِ " كَأَنْ أَظْهَرَهُ السَّيْلُ، وَقَوْلُهُ " أَوْ مُؤْنَتُهُ قَلِيلَةٌ " أَيْ إنْ لَمْ يُظْهِرْهُ السَّيْلُ. قَوْلُهُ: (كَالْمُعَشَّرَاتِ) فَإِنَّ فِيهَا الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، فَإِنَّ فِيهِ رُبْعَ الْعُشْرِ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، أَيْ فَلَمَّا كَانَتْ الْمُعَشَّرَاتُ لَا مُؤْنَةَ فِيهَا أَوْ مُؤْنَتُهَا قَلِيلَةٌ كَثُرَ وَاجِبُهَا عَلَى مَا مُؤْنَتُهُ كَثِيرَةٌ، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُصْرَفُ إلَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، قَالَ م ر: وَبِهِ انْدَفَعَ قِيَاسُهُ عَلَى الْفَيْءِ.

. قَوْلُهُ: (قَدْ عُلِمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ " وَأَيُّ نِصَابٍ " وَأَمَّا.

قَوْلُهُ: " وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ " فَقَدْ عُلِمَ مِنْ السُّكُوتِ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ) أَيْ النَّاسُ الَّذِينَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى مَنْ يَعْقِلُ تَشْبِيهًا لَهُمْ بِغَيْرِ الْعُقَلَاءِ لِعَدَمِ اهْتِدَائِهِمْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (أَيْ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الدَّافِنُ مِنْ قَوْمِ مُوسَى أَوْ عِيسَى وَغَيْرِهِمَا أج.

قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّ مَالِكَهُ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ دَفِينٌ جَاهِلِيٌّ أَيْ قَبْلَ الْمَبْعَثِ، وَهَذَا بَعْدَهُ فَلَا حَاجَةَ لِاشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ دَفَنَهُ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَهُوَ جَاهِلِيٌّ ثُمَّ بُعِثَ الرَّسُولُ وَبَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ وَلَمْ يُؤْمِنْ فَهَذَا دَفِينٌ جَاهِلِيٌّ، فَإِذَا وَجَدَهُ شَخْصٌ فَلَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرِكَازٍ بَلْ فَيْءٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ؛ أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>