لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ مَعَ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةِ شَوَّالٍ أَوْ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ، أَوْ كَانَ هُنَاكَ مُهَايَأَةٌ فِي رَقِيقٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِلَيْلَةٍ وَيَوْمٍ أَوْ نَفَقَةُ قَرِيبٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ كَذَلِكَ فَهِيَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ حَصَلَ فِي نَوْبَتِهِمَا فَتَخْرُجُ عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ دُونَ مَنْ وُلِدَ بَعْدَهُ وَيُسَنُّ أَنْ تُخْرَجَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ لِلِاتِّبَاعِ، وَهَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَإِنْ أُخِّرَتْ اُسْتُحِبَّ الْأَدَاءُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ بِلَا عُذْرٍ كَغَيْبَةِ مَالِهِ أَوْ الْمُسْتَحِقِّينَ.
(وَ) الثَّالِثُ مِنْ الشُّرُوطِ (وُجُودُ الْفَضْلِ) أَيْ الْفَاضِلِ (عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ) مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ (عِيَالِهِ) مِنْ زَوْجِيَّةٍ أَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَمْ يُدْرِكْ الْجُزْأَيْنِ وَهُوَ حُرٌّ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَرْبَعُ صُوَرٍ، وَخَالَفَ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَجَعَلَهَا عَلَى السَّيِّدِ فِي الْأُولَى وَلَا تَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الثَّانِيَةِ؛ نَعَمْ قَدَّمَ هُوَ فِي شَرْحِهِ الثَّانِيَةَ عَلَى الْأُولَى.
قَوْلُهُ: (بِلَيْلَةٍ وَيَوْمٍ) بِأَنْ كَانَ يَخْدُمُ أَحَدَهُمَا يَوْمًا وَالْآخَرَ لَيْلَةً، وَكَذَا الْقَرِيبُ كَأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ نَهَارًا وَالثَّانِي لَيْلًا.
قَوْلُهُ: (فَهِيَ عَلَيْهِمَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ؛ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلَا فِطْرَةَ عَلَى أَحَدٍ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَهِيَ عَلَى الْعَتِيقِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ يَقْتَضِي رُجُوعَهُ لِلصُّوَرِ الْأَرْبَعِ. وَفِيهِ مِنْ الْإِجْمَالِ مَا لَا يَخْفَى.
وَقَوْلُهُ " عَلَى الْعَتِيقِ " لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَاصِلَةٌ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ كَالْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ شَوَّالٍ فَقَدْ تَحَقَّقَتْ الْحُرِّيَّةُ مَعَ سَبَبَيْ الْوُجُوبِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ مُعْسِرٌ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَالْمُعْسِرُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَمَا يَقَعُ لَهُ مِنْ الْإِرْثِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا بَعْدَ الْوُجُوبِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجَ. وَقَالَ ع ش عَلَى م ر: وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ مُقَارِنًا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ فَيَكُونُ الْعِتْقُ وَمِلْكُ مَا يَصْرِفُهُ فِي الزَّكَاةِ مُتَقَارِنَيْنِ، فَيُقَدَّرُ سَبْقُ مِلْكِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ أَوْ سَبْقُهُمَا مَعًا عَلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ تَصْوِيرِ مَا ذُكِرَ بِالْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَإِنَّهُ يَمْلِكُ بَعْدَ عِتْقِهِ وَفِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ مَا دَامَ فِي مِلْكِهِ، وَتَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِمَا ذُكِرَ صَحِيحٌ، فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ قَدْ حَصَلَ فِي نَوْبَتِهِمَا) الْمُرَادُ أَنَّ جُزْءًا مِنْ جُزْأَيْهِ وَقَعَ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا، وَالْجُزْءَ الثَّانِي وَقَعَ فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ وُجُوبُ الْفِطْرَةِ لَا لِأَجْلِ الْمُهَايَأَةِ لِأَنَّهَا لَاغِيَةٌ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْمِلْكِيَّةِ أَوْ الْقَرَابَةِ.
قَوْلُهُ: (فِي نَوْبَتِهِمَا) الْأَوْلَى فِي نَوْبَتَيْهِمَا بِالتَّثْنِيَةِ. قَوْلُهُ: (دُونَ مَنْ وُلِدَ بَعْدَهُ) وَكَذَا مَنْ شَكَّ فِي أَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْجَنِينِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَبَاقِيهِ بَعْدَهُ فَلَا وُجُوبَ؛ لِأَنَّهُ جَنِينٌ، مَا لَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ م ر وسم أج.
قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ أَنْ تَخْرُجَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ لَهَا خَمْسَةَ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ جَوَازٍ، وَوَقْتُ وُجُوبٍ، وَوَقْتُ فَضِيلَةٍ، وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ، وَوَقْتُ حُرْمَةٍ.
فَوَقْتُ الْجَوَازِ أَوَّلَ الشَّهْرِ وَالْوُجُوبِ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَالْفَضِيلَةِ قَبْلَ الْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْكَرَاهَةِ تَأْخِيرُهَا عَنْ صَلَاتِهِ إلَّا لِعُذْرٍ مِنْ انْتِظَارِ قَرِيبٍ أَوْ أُحْوِجَ وَالْحُرْمَةُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ اهـ اط ف.
قَوْلُهُ: (كَغَيْبَةِ مَالِهِ) أَيْ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ ح ل وحج. فَلَوْ أَخَّرَهَا بِلَا عُذْرٍ عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً فَيَقْضِيهَا وُجُوبًا فَوْرًا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ زَكَاةَ الْمَالِ الْمُؤَخَّرَةَ عِنْدَ التَّمَكُّنِ تَكُونُ أَدَاءً، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفِطْرَةَ مُؤَقَّتَةٌ بِزَمَنٍ مَحْدُودٍ كَالصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ " أَوْ الْمُسْتَحِقِّينَ " يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ فِي مَحِلٍّ يَحْرُمُ نَقْلُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ ح ل.
قَوْلُهُ: (وُجُودُ الْفَضْلِ إلَخْ) وَيُعْتَبَرُ الْفَضْلُ، عَمَّا ذُكِرَ وَقْتَ الْوُجُوبِ فَوُجُودُهُ بَعْدَهُ لَا يُوجِبُهَا اتِّفَاقًا، وَفَارَقَ الْكَفَّارَةَ حَيْثُ تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ إذَا عَجَزَ عَنْهَا بِأَنَّ الْيَسَارَ هُنَا شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ وَثُمَّ شَرْطٌ لِلْأَدَاءِ؛ وَكَأَنَّ حِكْمَتَهُ أَنَّ هَذِهِ مُوَاسَاةٌ فَخُفِّفَ فِيهَا بِخِلَافِ تِلْكَ.
وَبِهِ يُفَرَّقُ أَيْضًا بَيْنَ مَا هُنَا وَوُجُوبِ الصَّلَاةِ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ وَقْتِ أَدَائِهَا أَوْ أَدَاءِ مَا يُجْمَعُ مَعَهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هُنَا قَاعِدَةٌ، وَهِيَ أَنَّ الْحَقَّ الْمَالِيَّ إذَا وَجَبَ عَلَى شَخْصٍ فَإِنْ تَسَبَّبَ فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهِ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَقْتَ وُجُوبِهِ كَالْكَفَّارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي وُجُوبِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَقْتَ وُجُوبِهِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَهُ كَالْفِطْرَةِ. اهـ. م د.
وَلَيْسَ مِنْ الْفَاضِلِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْعِيدِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي الْعِيدِ مِنْ كَعْكٍ وَسَمَكٍ وَنَقْلٍ، فَلَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَنِهِ إذَا لَمْ يَزِدْ عَنْ الْحَاجَةِ؛ وَهَذَا إذَا هَيَّأَهُ وَأَعَدَّهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ.
قَوْلُهُ: (مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ وَلَوْ بَهِيمَةً فَمَنْ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْعَاقِلِ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ زَوْجِيَّةٍ) أَيْ إذَا كَانَتْ فِي طَاعَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي طَاعَتِهِ فَإِنَّهَا عَلَيْهَا حِينَئِذٍ