للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» (وَتَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ بِثَلَاثَةِ شَرَائِطَ) بَلْ بِأَرْبَعَةٍ كَمَا سَتَعْرِفُهُ: الْأَوَّلُ (الْإِسْلَامُ) فَلَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَهُوَ إجْمَاعٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ مُطَالَبًا بِإِخْرَاجِهَا وَلَكِنْ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا فِطْرَةُ الْمُرْتَدِّ وَمَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ فَمَوْقُوفَةٌ عَلَى عُودِهِ إلَى الْإِسْلَامِ وَكَذَا الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ وَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَمَنْ تَلْزَمُ الْكَافِرَ نَفَقَتُهُ مُرْتَدٌّ لَمْ تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ حَتَّى يَعُودَ إلَى الْإِسْلَامِ، وَتَلْزَمُ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ فِطْرَةُ رَقِيقِهِ الْمُسْلِمِ وَقَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ كَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمَا.

(وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي (بِغُرُوبِ) كُلِّ (الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ) لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ فِي الْحَدِيثِ إلَى الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ فِي الْخَبَرِ الْمَاضِي، وَلَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَجُزْءٍ مِنْ لَيْلَةِ شَوَّالٍ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا قَالَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (صَاعًا) بَدَلٌ أَوْ حَالٌ وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى كُلِّ إلَخْ) بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ قَوْلِهِ " عَلَى النَّاسِ " ع ش.

وَقَالَ ح ل: " عَلَى " بِمَعْنَى " عَنْ " وَهُوَ بَيَانٌ لِلْمُخْرَجِ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ " عَلَى النَّاسِ " بَيَانٌ لِلْمُخْرِجِ وَعُمُومُهُ لَيْسَ مُرَادًا، وَالْمَعْنَى: فُرِضَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يُؤَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ إلَخْ. وَمَا ذَكَرَهُ ع ش أَوْلَى لِأَنَّهُ يُفِيدُ وُجُوبَهَا عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ابْتِدَاءً.

قَوْلُهُ: (بِثَلَاثَةِ شَرَائِطَ بَلْ بِأَرْبَعَةٍ) مِنْهَا ثَلَاثَةٌ فِي الْمُؤَدِّي وَهُوَ أَحَدُ أَرْكَانِهَا الْأَرْبَعَةِ، وَالثَّانِي: النِّيَّةُ، وَالثَّالِثُ: الْمُؤَدَّى عَنْهُ، وَالرَّابِعُ: الْمَالُ الْمُؤَدَّى. وَالْوَجْهُ أَنَّ الْإِسْلَامَ مُعْتَبَرٌ فِي الْمُؤَدَّى عَنْهُ، فَقَوْلُهُ " فَلَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ " أَيْ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ إذَا كَانَ مُسْلِمًا.

وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ مُتَعَلِّقٌ بِزَمَنِ الْوُجُوبِ ق ل.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ) الْأَوْلَى وَلِأَنَّهَا عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى عِلَّةٍ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ ثَانٍ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَيْسَ مُطَالَبًا) أَيْ مِنَّا، وَإِلَّا فَهُوَ مُطَالَبٌ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ. وَقَوْلُهُ " بِإِخْرَاجِهَا " أَيْ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُطَالَبٌ بِإِخْرَاجِهَا عَنْ رَقِيقِهِ وَقَرِيبِهِ الْمُسْلِمِينَ أَيْ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا فِطْرَةُ الْمُرْتَدِّ) أَيْ الَّتِي وَجَبَتْ فِي الرِّدَّةِ.

قَوْلُهُ: (فَمَوْقُوفَةٌ) لَكِنْ إذَا أَخْرَجَهَا هُوَ فِي حَالِ رِدَّتِهِ أَجْزَأَتْهُ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَتَكُونُ نِيَّتُهُ لِلتَّمْيِيزِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ) يُغْنِي عَنْهُ.

قَوْلُهُ: وَكَذَا الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ، فَلَوْ أَسْقَطَهُ أَوْ أَتَى بِفَاءِ التَّفْرِيعِ لَكَانَ أَوْلَى كَذَا قِيلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهُ لِشُمُولِهِ الْقَرِيبَ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ تَلْزَمُ الْكَافِرَ) لَيْسَ بِقَيْدٍ. وَقَوْلُهُ " وَقَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ " الْمُرَادُ بِهِ الْأَصْلُ وَإِنْ عَلَا وَالْفَرْعُ وَإِنْ سَفَلَ ح ف.

قَوْلُهُ: (وَبِغُرُوبِ) أَيْ وَبِإِدْرَاكِ غُرُوبِ إلَخْ وَأَتَى بِالْبَاءِ لِتَوَهُّمِ ذِكْرِهَا فِيمَا قَبْلَهُ، أَيْ وَلَوْ كَانَ الْغُرُوبُ تَقْدِيرًا لِيَشْمَلَ أَيَّامَ الدَّجَّالِ، أَوْ الْبَاءُ فِي " بِغُرُوبِ " لِلتَّصْوِيرِ أَيْ مُصَوَّرٌ بِغُرُوبِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (كُلِّ الشَّمْسِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وُلِدَ بَعْدَ غُرُوبِ جُزْءٍ مِنْهَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوُجُوبُ وَإِنْ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ شَوَّالٍ لِعَدَمِ إدْرَاكِهِ كُلَّ الْغُرُوبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ تَجِبُ فِي هَذَا لِإِدْرَاكِهِ الْجُزْأَيْنِ.

وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ سم عَلَى الْمَتْنِ: قَوْلُهُ " بِغُرُوبِ الشَّمْسِ " احْتِرَازًا عَمَّا يَحْدُثُ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ مِنْ وَلَدٍ وَنِكَاحٍ وَإِسْلَامٍ وَمِلْكِ رَقِيقٍ وَغِنًى، فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُهَا لِعَدَمِ وُجُودِ ذَلِكَ وَقْتَ الْوُجُوبِ، وَلَوْ شَكَّ فِي الْحُدُوثِ أَقَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا وُجُوبَ لِلشَّكِّ. اهـ. م د. وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ سم " أَوْ مَعَهُ " مَعْنَاهُ أَنَّهُ حَدَثَ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْغُرُوبُ إلَّا بِمَغِيبِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الشَّمْسِ، فَالْمَعِيَّةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِمُقَارَنَةِ الْحُدُوثِ لِآخِرِ جُزْءٍ؛ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ وَقْتِ الْغُرُوبِ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْقِنَّ قَبْلَهُ عَتَقَ وَلَزِمَهُ فِطْرَتُهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي نَقْلَهَا عَنْهُ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا، وَلَوْ وَقَعَ بَيْعُ الْعَبْدِ مَعَ الْغُرُوبِ فَلَا زَكَاةَ عَنْهُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَوْ وَقَعَ الْجُزْءَانِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِمَا فَعَلَى مَنْ تَمَّ لَهُ الْمِلْكُ أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهُ الْمِلْكُ.

قَوْلُهُ: (فِي الْخَبَرِ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ " فِي الْحَدِيثِ ".

قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ جُزْءٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ لَيْلَةِ شَوَّالٍ؛ لِأَنَّ إدْرَاكَ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ " بِغُرُوبِ الشَّمْسِ " فَيَكُونُ مُكَرَّرًا، وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " وَلَا بُدَّ إلَخْ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ فِي كَلَامِهِ قُصُورًا حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِ الْجُزْأَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (فِيمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ إلَخْ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا زَكَاةَ عَلَى السَّيِّدِ لِخُرُوجِ الْعَبْدِ عَنْ مِلْكِهِ قَبْلَ إدْرَاكِ الْجُزْءِ الثَّانِي وَلَا عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>