للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْغَزَالِيِّ فِي وَسِيطِهِ.

وَيُجْزِئُ الْقُوتُ الْأَعْلَى عَنْ الْقُوتِ الْأَدْنَى لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا وَلَا عَكْسٌ لِنَقْصِهِ عَنْ الْحَقِّ، وَالِاعْتِبَارُ فِي الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى بِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فَالْبُرُّ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ وَالْأُرْزِ وَمِنْ الزَّبِيبِ وَالشَّعِيرِ، وَالشَّعِيرُ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِاقْتِيَاتِ وَالتَّمْرُ خَيْرٌ مِنْ الزَّبِيبِ فَالشَّعِيرُ خَيْرٌ مِنْهُ بِالْأَوْلَى، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشَّعِيرُ خَيْرًا مِنْ الْأُرْزِ وَأَنَّ الْأَرُزَّ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ.

وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ قُوتٍ وَاجِبٍ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ وَقَرِيبِهِ أَوْ عَمَّنْ تَبَرَّعَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ أَعْلَى مِنْهُ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا، وَلَا يُبَعِّضُ الصَّاعَ الْمُخْرَجَ عَنْ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ مِنْ جِنْسَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْجِنْسَيْنِ أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ، كَمَا لَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنْ يَكْسُوَ خَمْسَةً وَيُطْعِمَ خَمْسَةً، أَمَّا لَوْ أَخْرَجَ الصَّاعَ عَنْ اثْنَيْنِ كَأَنْ مَلَكَ وَاحِدٌ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ أَوْ مُبَعَّضَيْنِ بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقُوتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَبْعِيضُ الصَّاعِ، أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ نَوْعَيْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ إذَا كَانَا مِنْ الْغَالِبِ وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ أَقْوَاتٌ لَا غَالِبَ فِيهَا تَخَيَّرَ، وَالْأَفْضَلُ أَعْلَاهَا فِي الِاقْتِيَاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَيُجْزِئُ الْقُوتُ الْأَعْلَى إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا إخْرَاجُ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ مَثَلًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ الزَّكَاةَ الْمَالِيَّةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَالِ فَأُمِرَ أَنْ يُوَاسِيَ الْفُقَرَاءَ بِمَا وَاسَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَالْفِطْرَةُ زَكَاةُ الْبَدَنِ فَوَقَعَ النَّظَرُ فِيهَا لِمَا هُوَ غِذَاءُ الْبَدَنِ وَالْأَعْلَى يُحَصِّلُ هَذَا الْغَرَضَ وَزِيَادَةً ز ي مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ) أَيْ بِزِيَادَةِ نَفْعِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ بَعْدُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ كَثْرَتُهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَثُرَ الِاقْتِيَاتُ بِنَحْوِ الشَّعِيرِ كَانَ أَعْلَى مِنْ الْبُرِّ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِالْأَعْلَى الْأَعْلَى قِيمَةً.

قَوْلُهُ: (فَالْبُرُّ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ) لِكَوْنِهِ أَنْفَعَ اقْتِيَاتًا.

قَوْلُهُ: (وَالْأَرُزُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ فِي أَشْهَرِ اللُّغَاتِ السَّبْعِ. الثَّانِيَةُ: كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّ الْهَمْزَةَ فِيهَا مَضْمُومَةٌ أَيْضًا. الثَّالِثَةُ: ضَمُّهُمَا، إلَّا أَنَّ الزَّايَ مُخَفَّفَةٌ. الرَّابِعَةُ: ضَمُّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونُ الرَّاءِ. الْخَامِسَةُ: حَذْفُ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدُ الزَّايِ. السَّادِسَةُ: رُنْزٌ بِنُونٍ بَيْنَ الرَّاءِ وَالزَّايِ.

السَّابِعَةُ: فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَضَمُّ الرَّاءِ مَعَ تَخْفِيفِ الزَّايِ عَلَى وَزْنِ عَضُدٍ ذَكَرَهُ م ر الْكَبِيرُ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ. قَالَ الْبُوَيْطِيُّ تِلْمِيذُ الشَّافِعِيِّ: يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ أَكْلِ الْأَرُزِّ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ نُورِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَكِنَّ قَوْلَهُ «خُلِقَ مِنْ نُورِهِ» فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ حَدِيثَهُ لَمْ يَثْبُتْ.

وَالْعَدَسُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَاتِ رَدِيءُ الْغِذَاءِ عَسِرُ الْهَضْمِ لِأَنَّهُ بَارِدٌ يَابِسٌ، وَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي جَامِعِهِ الصَّغِيرِ مِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ: «وَعَلَيْكُمْ بِالْعَدَسِ فَإِنَّهُ قُدِّسَ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا» رَدَّهُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ بَلْ قَالَ بِوَضْعِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يُقَدَّسْ وَلَا عَلَى لِسَانِ وَلِيٍّ لِلَّهِ فَرَاجِعْهُ. قَالَ سَيِّدِي عَلِيٌّ الَأُجْهُورِيُّ:

أَخْبَارُ رُزٍّ ثُمَّ بَاذِنْجَانِ ... عَدَسٌ هَرِيسَةٌ ذَوُو بُطْلَانِ

قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ: لَمَّا حَرَثَ آدَم وَهُوَ أَوَّلُ حَارِثٍ فِي الْأَرْضِ، فَلَمَّا مَشَى الثَّوْرَانِ عَلَى الْأَرْضِ بَكَيَا عَلَى مَا فَاتَهُمَا مِنْ رَاحَةِ الْجَنَّةِ وَقَطَرَتْ دُمُوعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ فَنَبَتَ مِنْهَا الْحَشِيشُ الْأَخْضَرُ، وَبَالَا فَنَبَتَ مِنْ بَوْلِهِمَا الْحِمَّصُ، وَرَاثَا فَنَبَتَ مِنْ رَوْثِهِمَا الْعَدَسُ؛ ثُمَّ كَسَرَ جِبْرِيلُ تِلْكَ الْحُبُوبَ حَتَّى كَثُرَتْ ثُمَّ بَذَرَ وَنَبَتَ مِنْ سَاعَتِهِ.

قَوْلُهُ: (فَالشَّعِيرُ خَيْرٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزَّبِيبِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْأَعْلَى الْبُرُّ فَالشَّعِيرُ فَالْأَرُزُّ فَالتَّمْرُ فَالزَّبِيبُ، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي بَقِيَّةِ الْحُبُوبِ كَالذُّرَةِ وَالْفُولِ وَالْحِمَّصِ، قَالَ شَيْخُنَا ح ف: وَتَرْتِيبُهَا فِي الْأَعْلَى كَتَرَتُّبِهَا الْوَاقِعِ فِي الْبَيْتَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ، أَعْنِي:

بِاَللَّهِ سَلْ شَيْخَ ذِي رَمْزٍ حَكَى مَثَلًا ... عَنْ فَوْرِ تَرْكِ زَكَاةِ الْفِطْرِ لَوْ جَهِلَا

حُرُوفُ أَوَّلِهَا جَاءَتْ مَرْتَبَةً ... أَسْمَاءُ قُوتِ زَكَاةِ الْفِطْرِ إنْ عَقْلًا

قَوْلُهُ: (أَعْلَى مِنْهُ) مَفْعُولُ يُخْرِجُ الْمُقَدَّرَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ نَوْعَيْنِ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مِنْ جِنْسَيْنِ.

قَوْلُهُ: (لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>