للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] .

تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ الْقَمْحَ الْمَخْلُوطَ بِالشَّعِيرِ تَخَيَّرَ إنْ كَانَ الْخَلِيطَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَجَبَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا نِصْفًا مِنْ ذَا وَنِصْفًا مِنْ ذَا فَوَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ يُخْرِجُ النِّصْفَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَلَا يُجْزِئُ الْآخَرُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَعَّضَ الصَّاعُ مِنْ جِنْسَيْنِ، وَأَمَّا مَنْ يُزَكِّي عَنْ غَيْرِهِ فَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ قُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ، فَلَوْ كَانَ الْمُؤَدِّي بِمَحَلٍّ آخَرَ اُعْتُبِرَ بِقُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ أَوَّلًا عَلَيْهِ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَحَلَّهُ كَعَبْدٍ آبِقٍ فَيَحْتَمِلُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ أَوْ يُخْرِجُ فِطْرَتَهُ مِنْ قُوتِ آخِرِ مَحَلٍّ عَهِدَ وُصُولَهُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ فِيهِ، أَوْ يُخْرِجُ لِلْحَاكِمِ لِأَنَّ لَهُ نَقْلَ الزَّكَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُوتُ الْمَحَلِّ الَّذِي يُخْرِجُ مِنْهُ أَيْ الصَّاعَ بِالْوَزْنِ (خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثَ) رِطْلٍ (بِالْعِرَاقِيِّ) أَيْ بِالْبَغْدَادِيِّ.

وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي بَيَانِ رِطْلِ بَغْدَادَ فِي مَوْضِعِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكَيْلُ، وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا وَالْعِبْرَةُ بِالصَّاعِ النَّبَوِيِّ إنْ وُجِدَ أَوْ مِعْيَارِهِ، فَإِنْ فُقِدَ أَخْرَجَ قَدْرًا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَانُوا يَقْتَاتُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر: وَعُلِمَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَبْعِيضِ الصَّاعِ الْمُخْرَجِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَ) أَيْ بَيْنَ إخْرَاجِ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ، قَالَ ع ش: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ نِصْفٍ مِنْ هَذَا وَنِصْفٍ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَعِّضَ الصَّاعَ مِنْ جِنْسَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ع ش، وَقِيلَ: إنَّهُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ قَوْلُهُ: (الْوَاجِبَ عَلَيْهِ) أَيْ الْآنَ وَيَبْقَى الْآخَرُ فِي ذِمَّتِهِ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ نِصْفٌ مِنْ الْأَكْثَرِ فِي الثَّانِيَةِ وَمِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْأُولَى.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْزِئُ الْآخَرُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى فَيَجِبُ إبْدَالُهُ مِنْ جِنْسِ الَّذِي أَخْرَجَهُ.

قَوْلُهُ: (فَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ إلَخْ) أَيْ وَالْعِبْرَةُ أَيْضًا بِفُقَرَاءِ مَحِلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ، فَمَنْ يُخْرِجُ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَدْفَعُ هَذَا الْمُخْرَجَ لِفُقَرَاءِ مَحَلِّ نَفْسِهِ بَلْ لِفُقَرَاءِ مَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (تَجِبُ أَوَّلًا عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ.

وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ إلَيْهِ، إذْ هُوَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ هُنَا م ر؛ أَيْ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ عَنْهُ، فَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَا يُخَاطَبُ أَيْ خِطَابَ اسْتِقْرَارٍ. وَأَجَابَ سم بِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ يُخَاطَبُ خِطَابَ إلْزَامٍ لِذِمَّتِهِ لَا خِطَابَ تَكْلِيفٍ، أَيْ فَهُوَ مُخَاطَبٌ هُنَا خِطَابَ شَغْلِ ذِمَّةٍ، بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُخْرِجْ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، أَفَادَهُ شَيْخُنَا ح ف.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي) أَيْ بِطَرِيقِ الضَّمَانِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ وَلَا يُطَالَبُ بِهَا الْمُتَحَمِّلُ عَنْهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: هَذَا إنْ عَرَفَ مَحِلَّهُ.

قَوْلُهُ: (اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ) أَيْ مِنْ كَوْنِ الصَّاعِ مِنْ قُوتِ مَحِلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ، أَيْ وَيُخْرِجُ مِنْ قُوتِ مَحَلِّ الْمُؤَدِّي الَّذِي هُوَ السَّيِّدُ وَيُصْرَفُ لِفُقَرَاءِ مَحِلِّهِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ قُوتِ آخِرِ مَحَلٍّ إلَخْ) وَيَجِبُ إرْسَالُهُ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ ق ل. وَالْمُعْتَمَدُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (أَوْ يُخْرِجُ لِلْحَاكِمِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَعْلَى الْأَقْوَاتِ أَوْ مِنْ آخِرِ مَحَلٍّ عَهِدَ وُصُولَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ النَّقْلَ حِينَئِذٍ ز ي وح ل. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ أَوْ عَلَى بَابِهَا، وَنَقَلَ شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ رَبِّهِ أَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ.

وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ، الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: يَقُولُ إنَّ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ، وَعَلَى هَذَا يُخْرَجُ مِنْ قُوتِ السَّيِّدِ أَوْ مِنْ أَشْرَفِ الْأَقْوَاتِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَيْسَتْ مُسْتَثْنَاةً، وَيُخْرَجُ مِنْ قُوتِ آخِرِ مَحَلٍّ عَهِدَ وُصُولَهُ إلَيْهِ؛ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَوْلُهُ " أَوْ يُخْرِجُ لِلْحَاكِمِ " " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ رَاجِعٌ لِلْقَوْلَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ " أَوْ " فِي قَوْلِهِ " أَوْ يُخْرِجُ لِلْحَاكِمِ " عَلَى حَقِيقَتِهَا وَجَعَلَهُ قَوْلًا ثَالِثًا وَجَعَلَ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ ضَعِيفًا.

قَوْلُهُ: (خَمْسَةُ أَرْطَالٍ إلَخْ) لِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَكُلُّ مُدٍّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكَيْلُ) أَيْ الْغَالِبُ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>