للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَجِبُ نِيَّةٌ فِي الزَّكَاةِ كَهَذَا زَكَاتِي أَوْ فَرْضُ صَدَقَتِي أَوْ صَدَقَةُ مَالِي الْمَفْرُوضَةُ، وَلَا يَكْفِي فَرْضُ مَالِي لِأَنَّهُ يَكُونُ كَفَّارَةً وَنَذْرًا، وَلَا صَدَقَةُ مَالِي لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ نَافِلَةً، وَلَا يَجِبُ فِي النِّيَّةِ تَعْيِينُ مَالٍ فَإِنْ عَيَّنَهُ لَمْ يَقَعْ عَنْ غَيْرِهِ، وَتَلْزَمُ الْوَلِيَّ عَنْ مَحْجُورِهِ، وَتَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ عَزْلِهَا عَنْ الْمَالِ وَبَعْدَهُ وَعِنْدَ دَفْعِهَا لِإِمَامٍ أَوْ وَكِيلٍ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْوِيَا عِنْدَ تَفْرِيقٍ أَيْضًا، وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي النِّيَّةِ وَلَا يَكْفِي نِيَّةُ إمَامٍ عَنْ الْمُزَكِّي بِلَا إذْنٍ مِنْهُ إلَّا عَنْ مُمْتَنِعٍ مِنْ أَدَائِهَا فَتَكْفِي وَتَلْزَمُهُ إقَامَةً لَهَا مَقَامَ نِيَّةِ الْمُزَكِّي، وَالزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ بِقَدْرِهَا. فَلَوْ بَاعَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ أَوْ بَعْضَهُ قَبْلَ إخْرَاجِهَا بَطَلَ فِي قَدْرِهَا إلَّا إنْ بَاعَ مَالَ تِجَارَةٍ بِلَا مُحَابَاةٍ فَلَا يَبْطُلُ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الزَّكَاةِ الْقِيمَةُ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ.

وَسُنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَحْمُولٌ عَلَى التَّطَوُّعِ، وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْمَالِ فَإِنَّ إبْدَاءَ الْفَرْضِ لِغَيْرِهِ أَفْضَلُ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: " صَدَقَةُ السِّرِّ فِي التَّطَوُّعِ تَفْضُلُ عَلَانِيَتَهَا بِسَبْعِينَ ضِعْفًا، وَصَدَقَةُ الْفَرْضِ عَلَانِيَتُهَا أَفْضَلُ مِنْ سِرِّهَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ضِعْفًا ". وَعِبَارَةُ الْمَرْحُومِيِّ: قَوْلُهُ: " وَهُوَ أَفْضَلُ " أَيْ إنْ كَانَ عَادِلًا فِيهَا اهـ. وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدْلِ وَالْجَوْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّكَاةِ سَوَاءٌ أَجَارَ فِي غَيْرِهَا أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ زِيَادِيٌّ. وَإِنَّمَا كَانَ دَفْعُهَا لِلْإِمَامِ أَفْضَلَ بِقَيْدِهِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِالْمُسْتَحَقِّينَ، فَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِيهَا فَتَفْرِيقُ الْمَالِكِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَفْضَلُ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ فِي النِّيَّةِ تَعْيِينُ مَالٍ) أَيْ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ، فَلَوْ مَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ نِصَابًا حَاضِرًا وَنِصَابًا غَائِبًا فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا ثُمَّ بَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ فَلَهُ جَعْلُ الْمُخْرَجِ عَنْ الْحَاضِرِ، فَلَوْ كَانَ نَوَى الْمُخْرَجَ عَنْ الْغَائِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إلَى الْحَاضِرِ، فَإِنْ نَوَى مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ بَانَ الْمَنْوِيُّ تَالِفًا فَعَنْ غَيْرِهِ فَبَانَ تَالِفًا وَقَعَ عَنْ غَيْرِهِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَتَكْفِي النِّيَّةُ إلَخْ) فَلَوْ دَفَعَهَا بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَقَوْلُهُ " وَبَعْدَهُ " حَتَّى لَوْ اسْتَقَلَّ الْمُسْتَحِقُّ بِقَبْضِهَا اعْتَدَّ بِهِ أَوْ دَفَعَهَا مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ كَصَبِيٍّ وَكَافِرٍ اعْتَدَّ بِهِ ز ي.

قَوْلُهُ: (تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ) وَإِنَّمَا جَازَ إخْرَاجُهَا مِنْ غَيْرِهِ لِبِنَاءِ أَمْرِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَالْإِرْفَاقِ؛ وَالْوَاجِبُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ كَشَاةٍ وَاجِبَةٍ فِي الْإِبِلِ مَلَكَ الْمُسْتَحِقُّونَ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً، فَهَلْ الْوَاجِبُ شَاةٌ مُبْهَمَةٌ أَوْ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ؟ وَجْهَانِ، أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (بَطَلَ فِي قَدْرِهَا) وَإِنْ أَبْقَى فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْتَحِقِّينَ شَائِعٌ، فَأَيُّ قَدْرٍ بَاعَهُ كَانَ حَقَّهُ وَحَقَّهُمْ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (أَيْضًا بَطَلَ فِي قَدْرِهَا) أَيْ إنْ كَانَ مِنْ الْجِنْسِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ كَشَاةٍ فِي خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ لِلْجَهْلِ بِقِيمَةِ الشَّاةِ لَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. عَنَانِيٌّ. وَقَوْلُهُ: " فِي قَدْرِهَا " أَيْ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ فِي مَسْأَلَةِ الشِّيَاهِ مَثَلًا، كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْوَاجِبَ شَائِعٌ لَا مُبْهَمٌ، وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْقَمُولِيِّ. اهـ. سم عَلَى حَجّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، قَالَ سم: أَيْ بِأَنْ يَرُدَّ شَاةً فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْبَعِينَ بِدَلِيلِ سِيَاقِ كَلَامِهِ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَرُدُّ قَدْرَهَا مُتَمَيِّزًا لَا شَائِعًا.

إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بَعْدَ رَدِّ الْمُشْتَرِي قَدْرَهَا مُتَمَيِّزًا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ مَا بَقِيَ بِيَدِهِ فَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنَّهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي جُزْءٍ مِنْ كُلِّ شَاةٍ، ثُمَّ إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا مِنْهَا انْقَلَبَ الْبَيْعُ صَحِيحًا فِي جَمِيعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا عَدَا هَذِهِ الْوَاحِدَةَ. وَقَدْ يُجَابُ بِالْتِزَامِ ذَلِكَ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ شَرِكَةُ الْمُسْتَحِقِّ ضَعِيفَةً غَيْرَ حَقِيقِيَّةٍ ضَعُفَ الْحُكْمُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي كُلِّ جُزْءٍ وَجَازَ أَنْ يَرْتَفِعَ هَذَا الْحُكْمُ بِرَدِّ الْمُشْتَرِي وَاحِدَةً إلَى الْبَائِعِ، أَوْ بِأَنَّ غَايَةَ الْبُطْلَانِ بَقَاءُ مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ بِجُزْءٍ مِنْ كُلِّ شَاةٍ وَهُوَ يَنْقَطِعُ بِرَدِّ شَاةٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِبْدَالِ؛ لَكِنْ قِيَاسُ أَنَّ الَّذِي يَبْطُلُ فِيهِ الْبَيْعُ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ مَثَلًا أَنَّ الَّذِي يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ.

قَوْلُهُ: (بِلَا مُحَابَاةٍ) أَيْ مُرَاعَاةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْمُسَامَحَةُ، وَهُوَ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ. فَإِنْ بَاعَهُ بِمُحَابَاةٍ فَيَبْطُلُ فِيمَا قِيمَتُهُ قَدْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>