للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ تَنَبَّهَ لَيْلًا. وَيَصِحُّ النَّفَلُ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَيُشْتَرَطُ حُصُولُ شَرْطِ الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ بِأَنْ لَا يَسْبِقَهَا مُنَافٍ لِلصَّوْمِ كَكُفْرٍ وَجِمَاعٍ. .

(وَ) الثَّانِي (تَعْيِينُ النِّيَّةِ) فِي الْفَرْضِ بِأَنْ يَنْوِيَ كُلَّ لَيْلَةٍ أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا عَنْ رَمَضَانَ أَوْ عَنْ نَذْرٍ أَوْ عَنْ كَفَّارَةٍ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُضَافَةٌ إلَى وَقْتٍ فَوَجَبَ التَّعْيِينُ فِي نِيَّتِهَا كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ. فَإِنْ قِيلَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: هَكَذَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ فِي الصَّوْمِ الرَّاتِبِ كَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَأَيَّامِ الْبِيضِ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ كَرَوَاتِبِ الصَّلَاةِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ مُنْصَرِفٌ إلَيْهَا، بَلْ لَوْ نَوَى بِهَا غَيْرَهَا حَصَلَ أَيْضًا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمِهَا. تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْفَرْضِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمِنْهَاجِ الِاشْتِرَاطُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ صَوْمِ رَمَضَانَ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ مِنْ الْبَالِغِ لَا يَقَعُ إلَّا فَرْضًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُعَادَةَ نَفْلٌ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ بِأَنْ يُصَلِّيَهَا فِي مَكَان ثُمَّ يُدْرِكُ جَمَاعَةً فِي أُخْرَى يُصَلُّونَهَا فَيُصَلِّيهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا تَقَعُ لَهُ نَافِلَةٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السُّنَّةِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ الْأَدَاءُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ، وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ فَكَانَ مِنْهُ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ إلَّا إذَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (مُنَافٍ لِلصَّوْمِ) مِنْهُ مَا لَوْ تَوَضَّأَ وَبَالَغَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَسَبَقَ الْمَاءُ جَوْفَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُبَالِغْ وَسَبَقَ الْمَاءُ فَلَا يَضُرُّ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: مُنَافٍ لِلصَّوْمِ، أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَصِحُّ لَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ وَلَوْ حَصَلَ مُنَافٍ لِلصَّوْمِ اهـ.

قَوْلُهُ: (تَعْيِينُ النِّيَّةِ) أَيْ الْمَنْوِيِّ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ كَنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ نَوْعَهَا، كَكَوْنِهَا عَنْ ظِهَارٍ أَوْ يَمِينٍ مَثَلًا؛ وَكَذَا فِي النَّذْرِ ق ل عَلَى الْغَزِّيِّ. وَعَدِّهِ تَعْيِينَ النِّيَّةِ مِنْ الْفُرُوضِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ شَرْطٌ لِلنِّيَّةِ لَا مِنْ فَرَائِضِ الصَّوْمِ. وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمَنْهَجِ: وَيَجِبُ لِفَرْضِهِ تَبْيِيتُهَا وَتَعْيِينُهُ اهـ. وَكَذَا عَدُّ مَعْرِفَةِ طَرَفَيْ النَّهَارِ مِنْ الْفُرُوضِ مُسَامَحَةٌ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْفَرْضِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الصَّوْمِ بِدَلِيلِ عَدِّ الرُّكْنِ الَّذِي هُوَ النِّيَّةُ مِنْ الْفُرُوضِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَالرَّابِعُ مِنْ الشُّرُوطِ، حَيْثُ لَمْ يَقُلْ مِنْ الْفُرُوضِ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا الْمُصَنِّفُ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (غَدًا) لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي التَّعْيِينِ وَإِنَّمَا جَاءَ مِنْ التَّبْيِيتِ.

قَوْلُهُ: (أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالرَّاتِبِ وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي إلَخْ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ فِيهِ بَلْ يَجُوزُ الْإِطْلَاقُ.

قَوْلُهُ: (أُجِيبُ) أَيْ عَنْ الْقِيَاسِ.

قَوْلُهُ: (بَلْ لَوْ نَوَى بِهَا غَيْرَهَا) وَلَوْ فَرْضًا، وَإِنْ نَفَاهَا حَصَلَ ثَوَابُهَا أَيْضًا؛ فَالتَّشْبِيهُ بِالتَّحِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ ق ل. الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ حُصُولِ الثَّوَابِ بَلْ يَسْقُطُ الطَّلَبُ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (حَصَلَ) أَيْ صَوْمُهَا قَوْلُهُ: (وُجُودُ صَوْمِهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وُجُودُ صَوْمٍ فِيهَا، وَهِيَ أَظْهَرُ.

قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ بَيْنَ صَوْمِ رَمَضَانَ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الصَّوْمِ وَاشْتِرَاطُهَا فِي الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الصَّلَاةِ) أَيْ فَاحْتِيجَ لِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِيهَا لِتَتَمَيَّزَ عَنْ الْمُعَادَةِ، وَهَذَا الْفَرْقُ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ، أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ وُجُوبِهَا فَلَا يَتَأَتَّى كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَتَأَتَّى أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ الْفَرْضُ الْحَقِيقِيُّ وَفَرْضُ الْمُعَادَةِ صُورِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ) أَيْ التَّنَفُّلُ فِي الْجُمُعَةِ، أَيْ وَيُتَصَوَّرُ الْإِعَادَةُ فِي الْجُمُعَةِ. وَنَبَّهَ عَلَيْهَا لِخَفَاءِ إعَادَتِهَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَمَّا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِيهَا فَيُتَصَوَّرُ بِكَذَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّنَةِ) فَالْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت صَوْمَ رَمَضَانَ أَوْ الصَّوْمَ مِنْ رَمَضَانَ، مَرْحُومِيٌّ. وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت الصَّوْمَ غَدًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ ح ل. فَلَوْ عَيَّنَ السَّنَةَ وَأَخْطَأَ نَظَرَ إنْ لَاحَظَ صَوْمَ الْغَدِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ) وَهُوَ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْقَضَاءِ إذْ غَيْرُ فَرْضِ السَّنَةِ لَا يَكُونُ إلَّا قَضَاءً، وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْقِيَاسِ لَا لِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي النِّيَّةِ مِنْ جَزْمٍ أَوْ ظَنٍّ كَمَا فِي م ر، قَرَّرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>