للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِيَخْرُجَ الْعِيدَانِ وَالتَّشْرِيقُ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَفَرَائِضُ الصَّوْمِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ) الْأَوَّلُ (النِّيَّةُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَلَا تَكْفِي بِاللِّسَانِ قَطْعًا وَلَا يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِهَا قَطْعًا كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ تَسَحَّرَ لِيَتَقَوَّى عَلَى الصَّوْمِ لَمْ يَكُنْ نِيَّةً وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْعِدَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَوْ تَسَحَّرَ لِيَصُومَ أَوْ شَرِبَ لِدَفْعِ الْعَطَشِ نَهَارًا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَوْ الْجِمَاعِ خَوْفَ طُلُوعِ الْفَجْرِ كَانَ ذَلِكَ نِيَّةً إنْ خَطَرَ بِبَالِهِ الصَّوْمُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لَهَا لِتَضَمُّنِ كُلٍّ مِنْهَا قَصْدَ الصَّوْمِ. وَيُشْتَرَطُ لِفَرْضِ الصَّوْمِ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ كَقَضَاءٍ أَوْ نَذْرِ التَّبْيِيتُ وَهُوَ إيقَاعُ النِّيَّةِ لَيْلًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» وَلَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ لِكُلِّ يَوْمٍ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ صَوْمَ كُلِّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِتَخَلُّلِ الْيَوْمِ بِمَا يُنَاقِضُ الصَّوْمَ كَالصَّلَاةِ يَتَخَلَّلُهَا السَّلَامُ، وَالصَّبِيُّ فِي تَبْيِيتِ النِّيَّةِ لِصِحَّةِ صَوْمِهِ كَالْبَالِغِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَيْسَ عَلَى أَصْلِنَا صَوْمُ نَفْلٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّبْيِيتُ إلَّا هَذَا، وَلَا يُشْتَرَطُ لِلتَّبْيِيتِ النِّصْفُ الْأَخِيرُ مِنْ اللَّيْلِ، وَلَا يَضُرُّ الْأَكْلُ وَالْجِمَاعُ بَعْدَهَا وَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا إذَا نَامَ بَعْدَهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ النَّهَارِ، وَإِنْ كَانَ لِجُنُونٍ لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا. اهـ. ز ي وَانْظُرْ هَلْ يَكْفِي الْإِفَاقَةُ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ مَعَ الْغُرُوبِ؟ وَرَاجَعَهُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَنَقَاءٌ عَنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) وَلَا يَضُرُّ نَوْمُ الْيَوْمِ كُلِّهِ وَلَا إغْمَاءُ بَعْضِهِ وَلَا سُكْرُ بَعْضِهِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الرِّدَّةَ وَالْجُنُونَ وَالْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَالْوِلَادَةَ مَتَى طَرَأَ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ وَلَوْ لَحْظَةً ضَرَّ فَيَمْنَعُ الصِّحَّةَ، وَأَنَّ النَّوْمَ لَا يَضُرُّ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ الْيَوْمَ، وَأَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالسُّكْرَ إنْ اسْتَغْرَقَا الْيَوْمَ مَنَعَا الصِّحَّةَ وَإِلَّا فَلَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَ قَضَى الصَّوْمَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِإِغْمَائِهِ أَوْ لَا، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا بِإِغْمَائِهِ، وَمِثْلُهُ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ السَّكْرَانُ. اهـ. طُوخِيٌّ. وَيَجِبُ الْقَضَاءُ أَيْضًا عَلَى الْمُتَعَدِّي بِالْجُنُونِ كَمَا قَالَهُ ق ل. قَوْلُهُ: (وَنِفَاسٍ) وَوِلَادَةٍ وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْهَا أَيْضًا إلْقَاءُ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (النِّيَّةُ) أَيْ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلَوْ قَارَنَهَا الْفَجْرُ لَمْ تَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ حَالَ النِّيَّةِ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَهَا هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ؟ فَتَصِحُّ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ كَانَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ لَا أَوْ شَكَّ نَهَارًا هَلْ نَوَى لَيْلًا أَوْ لَا، فَإِنْ تَذَكَّرَ فِيهِمَا وَلَوْ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ أَنَّهَا وَقَعَتْ لَيْلًا أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. قَالَ فِي الْإِيعَابِ: وَيُشْتَرَطُ فِي النِّيَّةِ أَنْ يُحْضِرَ فِي ذِهْنِهِ صِفَاتِ الصَّوْمِ مَعَ ذَاتِهِ ثُمَّ الْقَصْدَ إلَى ذَلِكَ، فَلَوْ خَطَرَ بِبَالِهِ الْكَلِمَاتُ مَعَ جَهْلِ مَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ، ق ل وَأَقَرَّهُ م ر.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ نِيَّةً) أَيْ إنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ الصَّوْمُ بِصِفَاتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِلَّا كَانَتْ نِيَّةً كَمَا ذَكَرَهُ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (إنْ خَطَرَ بِبَالِهِ الصَّوْمُ) أَيْ ذَاتُهُ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ جَمِيعَ النَّهَارِ، فَالْمُرَادُ بِذَاتِهِ حَقِيقَتُهُ. وَقَوْلُهُ " بِالصِّفَاتِ " أَيْ كَكَوْنِهِ عَنْ رَمَضَانَ أَوْ عَنْ كَفَّارَةٍ.

قَوْلُهُ: (لِتَضَمُّنِ كُلٍّ مِنْهَا) أَيْ فَيَكْفِي الْقَصْدُ ضِمْنًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُخَالِفَ وَهُوَ الْأَذْرَعِيُّ لَا يَكْتَفِي بِالْقَصْدِ الضِّمْنِيِّ بَلْ لَا بُدَّ عِنْدَهُ مِنْ الْقَصْدِ صَرِيحًا، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (فَلَا صِيَامَ لَهُ) أَيْ صَحِيحٌ لَا كَامِلٌ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، فَإِنَّ نَفْيَ الصِّحَّةِ أَقْرَبُ إلَى نَفْيِ الْحَقِيقَةِ مِنْ نَفْيِ الْكَمَالِ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ النِّيَّةَ فِي النَّهَارِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ.

قَوْلُهُ: (بِمَا يُنَاقِضُ الصَّوْمَ) وَهُوَ اللَّيْلُ.

قَوْلُهُ: (كَالصَّلَاةِ) أَيْ جِنْسِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صَلَاتَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " يَتَخَلَّلُهُمَا " وَفِي نُسْخَةٍ: " كَالصَّلَاتَيْنِ " وَهِيَ وَاضِحَةٌ لِأَنَّ السَّلَامَ لَا يَكُونُ فَاصِلًا بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ عَلَى أَصْلِنَا) أَيْ قَاعِدَتِنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ لِلتَّبْيِيتِ إلَخْ) وَلَوْ نَوَى مَعَ الْغُرُوبِ أَوْ الْفَجْرِ لَمْ يَكْفِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّبْيِيتِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ الْأَكْلُ وَالْجِمَاعُ إلَخْ) نَعَمْ تَضُرُّ الرِّدَّةُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَكَذَا يَضُرُّ رَفْضُ النِّيَّةِ لَيْلًا لَا نَهَارًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَالرَّفْضِ وَمِنْهُ أَيْ الرَّفْضِ مَا لَوْ نَوَى الِانْتِقَالَ مِنْ صَوْمٍ إلَى آخَرَ كَمَا لَوْ نَوَى صَوْمَ قَضَاءٍ عَنْ رَمَضَانَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ مَثَلًا، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ رَفْضًا لِلنِّيَّةِ الْأُولَى ق ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>