لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِهِ كَالصَّلَاةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَقَالَ: إنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ إذَا جَازَ أَجْزَأَهُ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَالْحَاسِبُ وَهُوَ مِنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ الْقَمَرِ بِتَقْدِيرِ سَيْرِهِ فِي مَعْنَى الْمُنَجِّمِ وَهُوَ مَنْ يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ طُلُوعُ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ، وَلَا عِبْرَةَ أَيْضًا بِقَوْلِ مَنْ قَالَ: أَخْبَرَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ بِأَنَّ اللَّيْلَةَ أَوَّلُ رَمَضَانَ فَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ لِفَقْدِ ضَبْطِ الرَّائِي لَا لِلشَّكِّ فِي الرُّؤْيَةِ. .
(وَشَرَائِطُ وُجُوبِ الصِّيَامِ) أَيْ صِيَامِ رَمَضَانَ (ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ) بَلْ أَرْبَعَةٌ كَمَا سَتَعْرِفُهُ: الْأَوَّلُ (الْإِسْلَامُ) وَلَوْ فِيمَا مَضَى، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ وُجُوبُ مُطَالَبَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ (وَ) الثَّانِي (الْبُلُوغُ) فَلَا يَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ كَالصَّلَاةِ، وَيُؤْمَرُ بِهِ لِسَبْعٍ إنْ أَطَاقَهُ، وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهِ لِعَشْرٍ. (وَ) الثَّالِثُ (الْعَقْلُ) فَلَا يَجِبُ عَلَى مَجْنُونٍ إلَّا إذَا أَثِمَ بِمُزِيلِ عَقْلِهِ مِنْ شَرَابٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجِبُ وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ. وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ الَّذِي تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ إطَاقَةُ الصَّوْمِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُطِقْهُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نَحْوِهِ. .
تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا: إسْلَامٌ وَعَقْلٌ وَنَقَاءٌ عَنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَوَقْتٌ قَابِلٌ لَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْوَاوِ لِلنُّونِ ثُمَّ قُلِّبَتْ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا فَصَارَتْ مَنَارَةً، وَلَوْ طُفِئَتْ بَعْدَ إيقَادِهَا لِنَحْوِ شَكٍّ فِي الرُّؤْيَةِ ثُمَّ أُعِيدَتْ لِثُبُوتِهَا وَجَبَ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِطَفْئِهَا دُونَ غَيْرِهِ، ق ل مَعَ زِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ) بَلْ يَجِبُ كَمَا فِي م ر؛ لِأَنَّ مَا جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ يَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ، وَيَجِبُ أَيْضًا عَلَى مَنْ صَدَّقَهُ كَمَا فِي م ر.
قَوْلُهُ: (كَالصَّلَاةِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا اعْتَقَدَ دُخُولَ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِذَلِكَ م د.
قَوْلُهُ: (وَالْحَاسِبُ) وَهُوَ الْمِيقَاتِيُّ.
قَوْلُهُ: (بِتَقْدِيرِ سَيْرِهِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ: وَتَقْدِيرِ سَيْرِهِ، أَيْ وَيَعْتَمِدُ تَقْدِيرَ سَيْرِهِ وَهِيَ أَنْسَبُ.
قَوْلُهُ: (لِفَقْدِ ضَبْطِ الرَّائِي) أَيْ إنْ تَحَقَّقَ الرُّؤْيَةَ، فَقَوْلُهُ " لَا لِلشَّكِّ فِي الرُّؤْيَةِ " لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ ق ل.
قَوْلُهُ (وَلَوْ فِيمَا مَضَى) فَيَشْمَلُ الْمُرْتَدَّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ بِمَعْنَى انْعِقَادِ سَبَبِهِ فِي حَقِّهِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ إنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ ق ل.
قَوْلُهُ: (فَلَا يَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ) فَلَوْ قَضَاهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا أَفْتَى بِهِ م ر، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْيَوْمَ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ، أَمَّا هُوَ فَيُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ رِعَايَةً لِلْخِلَافِ الْقَوِيِّ عِنْدَنَا، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ م ر فِي الْفَتَاوَى أج. وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ إعَانَةُ الْكَافِرِ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ عِنْدَنَا كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ بِضِيَافَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، شَرْحُ م ر. قَالَ حَجّ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ؛ لِأَنَّا نُقِرُّهُ عَلَى تَرْكِهِ وَلَا نُعَامِلُهُ بِنَقِيضِ كُفْرِهِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى إقْرَارِهِ عَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهُ لَا مُعَاوَنَتُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ،. اهـ. مَرْحُومِيٌّ.
قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا أَثِمَ بِمُزِيلٍ) بِأَنْ تَعَدَّى بِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ انْعِقَادُ السَّبَبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ ".
قَوْلُهُ: (لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " حِسًّا " وَقَوْلُهُ " لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ " الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ مُضِرٌّ، إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ق ل؛ لِأَنَّ الَّذِي يُرْجَى بُرْؤُهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَالَةَ الْمَرَضِ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا تَمَكَّنَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ حَيْضٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " شَرْعًا " وَقَوْلُهُ أَوْ نَحْوِهِ " أَيْ النِّفَاسِ.
قَوْلُهُ: (سَكَتَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) وَجَعَلَ هَذِهِ شُرُوطًا لِلصِّحَّةِ مَعَ أَنَّهَا هِيَ بِعَيْنِهَا هِيَ شُرُوطُ الْوُجُوبِ، فَفِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ بَيْنَهُمَا تَخَالُفًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ مَعْنَاهُ وَلَوْ حُكْمًا فَدَخَلَ الْمُرْتَدُّ، وَأَمَّا فِي شُرُوطِ الصِّحَّةِ فَالْمُرَادُ الْإِسْلَامُ بِالْفِعْلِ فَيَخْرُجُ الْمُرْتَدُّ. وَزَادَتْ شُرُوطُ الصِّحَّةِ بِقَوْلِهِ: " وَوَقْتٌ قَابِلٌ " فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ وَلَيْسَ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ.
قَوْلُهُ: (وَعَقْلٌ) أَيْ تَمْيِيزٌ سَوَاءٌ الْبَالِغُ وَالرَّقِيقُ وَغَيْرُهُمَا ق ل.
قَوْلُهُ: وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ النَّائِمَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ وَإِنْ اسْتَغْرَقَ النَّوْمُ الْوَقْتَ، بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ النَّهَارِ، أَيْ فَيَصِحُّ الصَّوْمُ. وَأُجِيبُ عَنْ الْإِيرَادِ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ التَّمْيِيزِ إنْ كَانَ لِنَوْمٍ صَحَّ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ لِإِغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ فَيَصِحُّ إذَا