للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِدْيَةَ لَهُ لِعَدَمِ وُرُودِهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ فَإِنَّهَا تَجُوزُ تَبَعًا لِلْحَجِّ وَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا فَإِنَّ الْبَغَوِيَّ قَالَ فِي التَّهْذِيبِ إنْ قُلْنَا: لَا يُفْرَدُ الصَّوْمُ عَنْ الِاعْتِكَافِ أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقُلْنَا بِصَوْمِ الْوَلِيِّ فَهَذَا يَعْتَكِفُ عَنْهُ صَائِمًا، وَإِنْ كَانَتْ النِّيَابَةُ لَا تُجْزِئُ فِي الِاعْتِكَافِ.

(وَالشَّيْخُ) وَهُوَ مَنْ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ وَالْعَجُوزُ وَالْمَرِيضُ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ (إنْ عَجَزَ) كُلٌّ مِنْهُمْ (عَنْ الصَّوْمِ) بِأَنْ كَانَ يَلْحَقُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ (يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ) إنْ كَانَ حُرًّا (عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] فَإِنَّ كَلِمَةَ لَا مُقَدَّرَةٌ أَيْ لَا يُطِيقُونَهُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ يُطِيقُونَهُ حَالَ الشَّبَابِ ثُمَّ يَعْجِزُونَ عَنْهُ بَعْدَ الْكِبَرِ. تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، وَفَائِدَتُهُ اسْتِقْرَارُهَا فِي ذِمَّةِ الْفَقِيرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي. وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ هُنَا عَكْسَهُ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ حَالَةَ التَّكْلِيفِ بِالْفِدْيَةِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّ إذَا عَجَزَ عَنْهُ الْعَبْدُ وَقْتَ الْوُجُوبِ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ، وَهَلْ الْفِدْيَةُ فِي حَقِّ مَنْ ذَكَرَ بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ أَوْ وَاجِبَةٌ ابْتِدَاءً؟ وَجْهَانِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِي، وَخَرَجَ بِالْحُرِّ الرَّقِيقُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ إذَا أَفْطَرَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ وَمَاتَ رَقِيقًا. .

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَعْطَاهُ الْكُلَّ جَازَ، وَلَوْ فَدَى عَنْ صَلَاتِهِ فِي مَرَضِهِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الصَّوْمِ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ عَنْهُ) وَفِي كُلٍّ مِنْ الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ قَوْلٌ كَالصَّوْمِ، وَفِي الصَّلَاةِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ يُطْعَمُ عَنْهُ بِكُلِّ صَلَاةٍ مُدٌّ؛ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَهَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. وَقِيلَ: إنَّ السُّبْكِيَّ صَلَّى عَنْ قَرِيبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَا لَوْ نَذَرَ) أَيْ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ نَذَرَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا) أَيْ أَوْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا.

قَوْلُهُ: (إنْ قُلْنَا لَا يُفْرِدُ الصَّوْمَ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْأَصَحُّ) مُعْتَمَدٌ، وَيَكْفِيهِ عَنْ الِاعْتِكَافِ لَحْظَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ جَمِيعَ الْيَوْمِ.

قَوْلُهُ: (وَالْعَجُوزُ) وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْمُسِنَّةُ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا يُؤَنَّثُ بِالْهَاءِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: سُمِعَ تَأْنِيثُهُ؛ مُنَاوِيٌّ عَلَى الشَّمَائِلِ.

قَوْلُهُ: (لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ) وَمِثْلُهُ مَنْ يَأْكُلُ الْأَفْيُونَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ، وَهَذَا مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي يَجِبُ كَتْمُهُ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) أَيْ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ م ر.

قَوْلُهُ: (عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا) فَالْمَعْذُورُ مُخَاطَبٌ بِالْمُدِّ ابْتِدَاءً، فَلَوْ تَكَلَّفَ وَصَامَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمُدُّ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ مُخَاطَبًا بِالْمُدِّ ابْتِدَاءً كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ الصَّوْمُ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْمُدِّ ابْتِدَاءً حَيْثُ لَمْ يُرِدْ الصَّوْمَ، وَلَوْ أَخْرَجَ الْمُدَّ ثُمَّ قَدَرَ بَعْدَ الْفِطْرِ عَلَى الصَّوْمِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْضُوبِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْذُورَ هُنَا مُخَاطَبٌ بِالْمُدِّ ابْتِدَاءً فَأَجْزَأَ عَنْهُ، وَالْمَعْضُوبَ مُخَاطَبٌ بِالْحَجِّ؛ وَإِنَّمَا جَازَتْ لَهُ الْإِنَابَةُ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ بَانَ عَدَمُهَا ح ل. وَقَالَ ق ل: وَفَارَقَ مَا لَوْ بَرِئَ الْمَعْضُوبُ بَعْدَ الْحَجِّ عَنْهُ حَيْثُ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ وُقُوعِ الْحَجِّ عَنْهُ بِأَنَّ الْحَجَّ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ كَلِمَةَ " لَا " مُقَدَّرَةٌ) فَإِنْ قُلْت: أَيُّ قَرِينَةٍ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ؟ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ قَرِينَةٌ دَلَّتْ حَالَةَ النُّزُولِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ. قَوْلُهُ: (تَنْبِيهٌ) التَّنْبِيهُ لُغَةً الْإِيقَاظُ يُقَالُ نَبَّهْتُهُ تَنْبِيهًا أَيْ أَيْقَظْته إيقَاظًا وَاصْطِلَاحًا عُنْوَانُ الْبَحْثِ السَّابِقِ إجْمَالًا. اهـ. مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَفَائِدَتُهُ) أَيْ الْوُجُوبِ عَلَى الْفَقِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ) مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ " مَرْدُودٌ " خَبَرٌ.

قَوْلُهُ: (عَكْسَهُ) أَيْ عَكْسَ الِاسْتِقْرَارِ، وَعَكْسُهُ عَدَمُ الِاسْتِقْرَارِ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ الْمَالِيَّ) أَيْ الَّذِي تَسَبَّبَ فِيهِ كَمَا هُنَا، فَإِنَّهُ تَسَبَّبَ بِالْفِطْرِ.

قَوْلُهُ: (ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ إذَا كَانَتْ بِسَبَبٍ مِنْهُ، وَالسَّبَبُ مِنْهُ هُنَا الْفِطْرُ وَإِنْ كَانَ مُضْطَرًّا إلَيْهِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (الثَّانِي) وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا شُفِيَ يَقْضِي عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا يَقْضِي عَلَى الثَّانِي، سَوَاءٌ كَانَ الشِّفَاءُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْفِدْيَةِ أَوْ قَبْلَهُ لِسُقُوطِ الصَّوْمِ عَنْهُ وَعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِهِ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا.

قَوْلُهُ: (فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَلِسَيِّدِهِ الْفِدَاءُ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>