للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَالْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنًا (وَالْمُرْضِعُ) وَلَوْ مُسْتَأْجَرَةً أَوْ مُتَبَرِّعَةً (إذَا خَافَتَا) مِنْ حُصُولِ ضَرَرٍ بِالصَّوْمِ كَالضَّرَرِ الْحَاصِلِ لِلْمَرِيضِ (عَلَى أَنْفُسِهِمَا) وَلَوْ مَعَ الْوَلَدِ (أَفْطَرَتَا) أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْإِفْطَارُ (وَ) وَجَبَ (عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ) بِلَا فِدْيَةٍ كَالْمَرِيضِ فَإِنْ قِيلَ إذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مَعَ وَلَدَيْهِمَا فَهُوَ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ فَكَانَ يَنْبَغِي الْفِدْيَةُ قِيَاسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي. أُجِيبُ بِأَنَّ الْآيَةَ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا} [البقرة: ١٨٥] إلَى آخِرِهَا وَرَدَتْ فِي عَدَمِ الْفِدْيَةِ فِيمَا إذَا أَفْطَرَتَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَلِقَرِيبِهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ أَوْ يُطْعِمَ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ الصَّوْمُ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ كَمَا مَرَّ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ) أَيْ غَيْرُ الْمُتَحَيِّرَةِ، أَمَّا هِيَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا فِدْيَةٌ لِلشَّكِّ، أَيْ إنْ أَفْطَرَتْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ، فَإِنْ أَفْطَرَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ لِمَا زَادَ؛ لِأَنَّهَا أَيْ السِّتَّةَ عَشَرَ أَكْثَرُ مَا يَحْتَمِلُ فَسَادَهُ بِالْحَيْضِ، حَتَّى لَوْ أَفْطَرَتْ كُلَّ رَمَضَانَ لَزِمَهَا مَعَ الْقَضَاءِ فِدْيَةُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ شَرْحُ م ر. وَشَمِلَ قَوْلُهُ " الْحَامِلَ وَلَوْ بِغَيْرِ آدَمِيٍّ "، حَيْثُ كَانَ مَعْصُومًا وَالْمُرْضِعُ كَذَلِكَ وَلَوْ رَقِيقَةً فِيهِمَا، لَكِنْ تَسْتَقِرُّ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهَا. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا م ر: الْأَوْجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الرَّقِيقِ بَعْدَ عِتْقِهَا. اهـ. ق ل. وَهَذَا، أَعْنِي قَوْلَهُ " وَالشَّيْخُ إلَخْ " مَفْهُومُ مَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ فِي قَوْلِهِ " وَإِطَاقَةٌ لِلصَّوْمِ " أَيْ قُدْرَةٌ حِسًّا وَشَرْعًا، فَالْعَاجِزُ حِسًّا كَمَا هُنَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ بَلْ هُوَ مُخَاطَبٌ بِالْفِدْيَةِ ابْتِدَاءً، وَقِيلَ بَدَلًا وَكَذَا قَوْلُهُ " وَالْحَامِلُ إلَخْ " مِنْ مَفْهُومِ مَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ الْحَامِلَ وَالْمُرْضِعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَاجِزٌ شَرْعًا وَإِنْ كَانَا قَادِرَيْنِ حِسًّا. فَائِدَةٌ: يُبَاحُ الْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ لِسِتَّةٍ: لِلْمُسَافِرِ، وَالْمَرِيضِ، وَالشَّيْخِ الْهَرَمِ، وَالْحَامِلِ، وَالْعَطْشَانِ، وَالْمُرْضِعَةِ، وَنَظَّمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

إذَا مَا صُمْت فِي رَمَضَانَ صُمْهُ ... سِوَى سِتٍّ وَفِيهِنَّ الْقَضَاءُ

فَسِينٌ ثُمَّ مِيمٌ ثُمَّ شِينٌ ... وَحَاءٌ ثُمَّ عَيْنٌ ثُمَّ رَاءُ

فَالسِّينُ لِلْمُسَافِرِ، وَالْمِيمُ لِلْمَرِيضِ، وَالشِّينُ لِلشَّيْخِ الْهَرَمِ، وَالْحَاءُ لِلْحَامِلِ، وَالْعَيْنُ لِلْعَطْشَانِ، وَالرَّاءُ لِلْمُرْضِعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَعَ الْوَلَدِ) إنْ قُلْت: هُوَ فِي مَعْنَى فِطْرٍ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ؟ قُلْت: نَعَمْ لَكِنْ وُجِدَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ وَهُوَ خَوْفُهَا عَلَى نَفْسِهَا وَمُقْتَضٍ لِوُجُوبِهَا وَهُوَ خَوْفُهَا عَلَى الْوَلَدِ، فَغَلَبَ الْمَانِعُ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيهَا سَيَأْتِي: " فَهُوَ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ " أَيْ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ، فَلَا تُرَدُّ هَذِهِ الصُّورَةُ لِوُجُودِ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْإِفْطَارُ) مَحَلُّهُ فِي الْمُرْضِعِ إذَا تَعَيَّنَتْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مُرْضِعَةٌ مُفْطِرَةٌ غَيْرَهَا أَوْ صَائِمَةٌ لَا يَضُرُّهَا الصَّوْمُ، وَإِلَّا جَازَ لَهَا الْفِطْرُ مَعَ الْإِرْضَاعِ وَالصَّوْمُ مَعَ تَرْكِ الْإِرْضَاعِ ق ل. ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا الْقَيْدِ، أَعْنِي إذَا تَعَيَّنَتْ إلَخْ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا احْتِيَاجُهَا إلَى الْإِفْطَارِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهَا الِاحْتِيَاجُ إلَى الْإِفْطَارِ إلَّا بَعْدَ الْإِجَارَةِ فَقَدْ تَعَيَّنَتْ بِالْعَقْدِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْإِفْطَارُ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا، وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ لِلْإِرْضَاعِ لَا تَكُونُ إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ. اهـ. م ر أج، أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُنِيبَ غَيْرَهَا فِي الْإِرْضَاعِ وَتَصُومَ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنْفُسِهِمَا) جَمْعٌ بِمَعْنَى الْمُثَنَّى، وَكَذَا قَوْلُهُ " أَوْلَادِهِمَا ".

قَوْلُهُ: (ارْتَفَقَ) أَيْ انْتَفَعَ بِهِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مَا سَيَأْتِي) أَيْ فِيمَا إذَا خَافَتَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (أُجِيبَ بِأَنَّ الْآيَةَ إلَخْ) . هَذَا الْجَوَابُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ وَالْمُرْضِعَ إذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا دَاخِلَانِ فِي عُمُومِ: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا} [البقرة: ١٨٥] وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: " وَوَجَبَ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ بِلَا فِدْيَةٍ كَالْمَرِيضِ " يَقْتَضِي أَنَّ حُكْمَهُمَا ثَابِتٌ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ تَنْظِيرٌ لَا قِيَاسٌ. وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: " أُجِيبَ بِأَنَّ الْآيَةَ إلَخْ " فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>