للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَفْضَلُ.

وَيُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ» . وَكَذَا إفْرَادُ السَّبْتِ أَوْ الْأَحَدِ لِخَبَرِ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ» وَلِأَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ يَوْمَ السَّبْتِ وَالنَّصَارَى يَوْمَ الْأَحَدِ.

. وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرَ يَوْمَيْ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَكْرُوهٌ لِمَنْ خَافَ بِهِ ضَرَرًا أَوْ فَوْتَ حَقٍّ وَاجِبٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ، وَمُسْتَحَبٍّ لِغَيْرِهِ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ

وَيَحْرُمُ صَوْمُ الْمَرْأَةِ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ»

" وَمَنْ تَلَبَّسَ بِصَوْمِ تَطَوُّعٍ أَوْ صَلَاتِهِ فَلَهُ قَطْعُهُمَا، أَمَّا الصَّوْمُ فَلِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَثِيرٍ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَحْصُلُ أَصْلُ سُنَّةِ الصَّوْمِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ لِتَرَتُّبِهِ فِي الْخَبَرِ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ. وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ «ثُمَّ أَتْبَعَهُ» إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ لَمْ يَصُمْهَا وَأَنَّهَا لَا تَحْصُلُ قَبْلَ قَضَائِهِ، وَقَدْ يُقَالُ التَّبَعِيَّةُ تَشْمَلُ التَّقْدِيرِيَّةَ لِأَنَّهُ إذَا صَامَ رَمَضَانَ بَعْدَهَا وَقَعَ عَمَّا قَبْلَهَا تَقْدِيرًا، أَوْ التَّبَعِيَّةُ تَشْمَلُ الْمُتَأَخِّرَةَ كَمَا فِي نَفْلِ الْفَرَائِضِ التَّابِعِ لَهَا اهـ. فَيُسَنُّ صَوْمُهَا وَإِنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ، أَيْ بِعُذْرٍ؛ فَإِنْ تَعَدَّى بِفِطْرِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ الْفَوْرِيِّ وَتَفُوتُ بِفَوَاتِ شَوَّالٍ وَلَا تُقْضَى، نَعَمْ قَالَ شَيْخُنَا م ر: مَنْ صَامَ شَهْرَ شَوَّالٍ عَنْ رَمَضَانَ وَقَصَدَ تَأْخِيرَهَا إلَى الْقَعْدَةِ قَضَاهَا فِيهِ وَإِلَّا دَخَلَتْ فِي صَوْمِ شَوَّالٍ. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: «كَصِيَامِ الدَّهْرِ» أَيْ فَرْضًا، أَيْ ثَوَابُهُ كَثَوَابِ الْفَرْضِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِخُصُوصِيَّةِ رَمَضَانَ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ مَعْنًى، إذْ مَنْ صَامَ شَهْرًا غَيْرَ رَمَضَانَ مَعَ سِتَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الدَّهْرِ أَيْ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَالسِّتَّةَ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ بِعَشَرَةٍ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ صَامَهَا مَعَ رَمَضَانَ كُلَّ سَنَةٍ يَكُونُ صِيَامُ الدَّهْرِ فَرْضًا بِلَا مُضَاعَفَةٍ، وَمَنْ صَامَ شَهْرًا وَسِتَّةً غَيْرَهَا كَذَلِكَ يَكُونُ كَصِيَامِهِ نَفْلًا بِلَا مُضَاعَفَةٍ؛ شَرْحُ حَجّ.

قَوْلُهُ: (عَقِبَ الْعِيدِ) الْأَوْلَى: وَعَقِبَ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سَنَةٌ أُخْرَى ق ل.

قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ) أَيْ بِلَا سَبَبٍ بِأَنْ كَانَ نَفْلًا مُطْلَقًا، قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّمَا نُهِيَ عَنْ صِيَامِهِ مُفْرَدًا لِأَنَّهُ يَوْمُ عِبَادَةٍ وَتَبْكِيرٍ وَذِكْرٍ وَغُسْلٍ وَاجْتِمَاعٍ، فَيُسَنُّ فِطْرُهُ مُعَاوَنَةً عَلَيْهَا وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ زَوَالُ الْكَرَاهَةِ بِصَوْمِ يَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ مِنْ الْفُتُورِ فِي تِلْكَ الْأَعْمَالِ يَجْبُرُهُ الصَّوْمُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ. وَفِي خَبَرٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ تَعْلِيلُ مَنْعِ صَوْمِهِ بِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ، وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ أَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ لَا يُصَامُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمَّا أَشْبَهَ الْعِيدَ أَخَذَ مِنْ شَبَهِهِ النَّهْيَ عَنْ تَحَرِّي صَوْمِهِ وَبِصَوْمِهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ يَنْتَفِي التَّحَرِّي، أَمَّا لَوْ صَامَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ أَوْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ انْتَفَتْ الْكَرَاهَةُ لِمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَا يَصُومُ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَصُومَ يَوْمًا بَعْدَهُ» وَخَبَرُ الْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِمِ: «إنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ وَذِكْرٍ فَلَا تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُمْ يَوْمَ صِيَامِكُمْ وَلَكِنْ اجْعَلُوهُ يَوْمَ فِطْرٍ وَذِكْرٍ إلَّا أَنْ تَخْلِطُوهُ بِأَيَّامٍ» . اهـ. مُنَاوِيٌّ عَلَى الْخَصَائِصِ.

قَوْلُهُ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ» أَيْ وَحْدَهُ، فَإِنْ صَامَهُ مَعَ الْأَحَدِ لَمْ يُكْرَهْ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ لَمْ يُعَظِّمْهُ أَحَدٌ. وَبِهَذَا انْدَفَعَ اعْتِرَاضُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ ضَمَّ الْمَكْرُوهِ لِلْمَكْرُوهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ: «فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ» أَيْ مِنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ فَلَا يُكْرَهُ الْإِفْرَادُ فِيهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (وَاجِبٍ) كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُسْتَحَبٍّ كَالْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا الْمُسْتَحَبَّةِ. وَ " مُسْتَحَبٍّ " مَعْطُوفٌ عَلَى مَكْرُوهٍ، أَيْ وَمَعَ اسْتِحْبَابِهِ فَصَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْهُ اهـ مَرْحُومِيٌّ. وَسُئِلَ الشِّهَابُ م ر عَمَّنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَوَافَقَ يَوْمَ فِطْرِهِ يَوْمًا مِمَّا يُطْلَبُ صَوْمُهُ كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ أَوْ الْخَمِيسِ هَلْ فِطْرُهُ أَفْضَلُ أَمْ صَوْمُهُ وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ صَوْمُهُ وَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَمَّا ذَكَرَ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ حَقٍّ وَلَا ضَرَرًا.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ صَوْمُ الْمَرْأَةِ إلَخْ) هَذَا حَيْثُ جَازَ التَّمَتُّعُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا، كَأَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ كَإِحْرَامٍ أَوْ اعْتِكَافٍ، وَحَيْثُ لَمْ يَقُمْ بِهَا مَانِعٌ كَالرَّتْقِ وَالْقَرْنِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنِهِ) وَعِلْمُهَا بِرِضَاهُ كَإِذْنِهِ. كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَمَحَلُّهُ فِي الصَّوْمِ الْمُتَكَرِّرِ فِي السَّنَةِ كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ لِأَنَّهُمَا نَادِرَانِ فِي السَّنَةِ مَرَّةً.

قَوْلُهُ: «وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ» أَيْ حَاضِرٌ.

قَوْلُهُ: (بِصَوْمِ تَطَوُّعٍ) وَمِثْلُهُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إلَّا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَالْجِهَادَ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ مُنْفَرِدًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>