للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْتَعْمَلٌ، وَيَجُوزُ الِاحْتِجَامُ وَالْفَصْدُ فِي إنَاءٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ إذَا أَمِنَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ، وَيَحْرُمُ الْبَوْلُ فِيهِ فِي إنَاءٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الدَّمَ أَخَفُّ مِنْهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهَا فِي مَحَلِّهَا وَإِنْ كَثُرَتْ إذَا لَمْ تَكُنْ بِفِعْلِهِ، وَإِنْ اشْتَغَلَ الْمُعْتَكِفُ بِالْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ فَزِيَادَةٌ خَيْرٌ لِأَنَّهُ طَاعَةٌ فِي طَاعَةٍ.

خَاتِمَةٌ: يُسَنُّ لِلْمُعْتَكِفِ الصَّوْمُ لِلِاتِّبَاعِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَلَا يَضُرُّ الْفِطْرُ بَلْ يَصِحُّ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ، «أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: أَوْفِ بِنَذْرِك» فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً وَلِخَبَرِ أَنَسٍ: «لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ» وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَبَانَ أَنَّهُ انْقَضَى قَبْلَ نَذْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ اعْتِكَافَ شَهْرٍ قَدْ مَضَى مُحَالٌ. وَهَلْ الْأَفْضَلُ لِلْمُتَطَوِّعِ بِالِاعْتِكَافِ الْخُرُوجُ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ أَوْ دَوَامِ الِاعْتِكَافِ؟ قَالَ الْأَصْحَابُ: هُمَا سَوَاءٌ. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنَّ الْخُرُوجَ لَهَا مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ لِذَلِكَ وَكَانَ اعْتِكَافُهُ تَطَوُّعًا. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ التَّسْوِيَةِ فِي عِيَادَةِ الْأَجَانِبِ، أَمَّا ذُو الرَّحِمِ وَالْأَقَارِبِ وَالْأَصْدِقَاءِ وَالْجِيرَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُرُوجَ لِعِيَادَتِهِمْ أَفْضَلُ لَا سِيَّمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ، وَعِبَارَةُ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ مُصَرَّحَةٌ بِذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَكُنْ بِفِعْلِهِ) قَيْدٌ فِي الْغَايَةِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ الْكَثِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ، فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِ عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَيَحْرُمُ أَيْضًا إدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ فَلَا بِدَلِيلِ جَوَازِ إدْخَالِ النَّعْلِ الْمُتَنَجِّسِ فِيهِ مَعَ أَمْنِ التَّلَوُّثِ.

قَوْلُهُ: (أَوْفِ بِنَذْرِك) اعْتَرَضَ بِأَنَّ شَرْطَ النَّاذِرِ الْإِسْلَامَ وَعُمَرُ لَمْ يَكُنْ إذْ ذَاكَ أَسْلَمَ. وَأُجِيبُ بِاحْتِمَالِ أَنَّ إسْلَامَ النَّاذِرِ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا لِلنَّذْرِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَمَا أُجِيبُ بِمِثْلِهِ فِي صِحَّةِ إسْلَامٍ عَلِيٍّ حَالَ صِبَاهُ وَبِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَوْفِ بِمِثْلِ نَذْرِكَ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْعِيَادَةِ.

قَوْلُهُ: (الْأَجَانِبُ) أَيْ غَيْرُ الْأَصْدِقَاءِ وَغَيْرُ الْجِيرَانِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ ق ل: مُقْتَضَى كَلَامِهِ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ الْأَصْدِقَاءَ وَالْجِيرَانَ لَيْسُوا مِنْ الْأَجَانِبِ؛ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. وَالْجَارُ يَشْمَلُ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ، فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ؟ وَمَا الْمُرَادُ بِهِ؟ فَرَاجِعْهُ اهـ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَالْخُرُوجُ مِنْ الِاعْتِكَافِ فِي هَذَا مَنْدُوبٌ وَفِيمَا قَبْلَهُ غَيْرُ مَنْدُوبٍ؛ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: يُرَاعَى مَا هُوَ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْهُمَا. اهـ. ق ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>