للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» . فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ: سَأَلْت الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فِي أَيِّ سَنَةٍ أَقَّتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوَاقِيتَ الْإِحْرَامِ؟ فَقَالَ: سُنَّةُ عَامَ حَجَّ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا لَا تَنْتَهِي إلَى مِيقَاتٍ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ، فَإِنْ حَاذَى مِيقَاتَيْنِ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ أَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ، وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ مِيقَاتًا أَحْرَمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَمَنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ وَمَنْ جَاوَزَ مِيقَاتًا غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ أَرَادَهُ فَمِيقَاتُهُ مَوْضِعُهُ، وَمَنْ وَصَلَ إلَيْهِ مُرِيدًا نُسُكًا لَمْ تَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ جَاوَزَهُ لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِيُحْرِمَ مِنْهُ إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ دَمٌ، وَإِنْ أَحْرَمَ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ سَقَطَ الدَّمُ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا. وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ الْمَكَانِيِّ لِمَنْ هُوَ خَارِجُ الْحَرَمِ مِيقَاتُ الْحَجِّ، وَمَنْ بِالْحَرَمِ يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ خُطْوَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَأَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ فِي الْأَظْهَرِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ دَمٌ، فَلَوْ خَرَجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَقَبْلَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ، وَأَفْضَلُ بِقَاعِ الْحِلِّ الْجِعْرَانَةُ ثُمَّ التَّنْعِيمُ ثُمَّ الْحُدَيْبِيَةُ.

(وَ) الْوَاجِبُ الثَّانِي (رَمْيُ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ) كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثِ، وَيَدْخُلُ رَمْيُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِزَوَالِ شَمْسِهِ، وَيَخْرُجُ وَقْتُ اخْتِيَارِهِ بِغُرُوبِهَا، وَأَمَّا وَقْتُ جَوَازِهِ فَإِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَإِنْ نَفَرَ وَلَوْ انْفَصَلَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَذْفِ مُضَافٍ، وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَقَّتَ لِأَهْلِ إلَخْ. أَنَّثَهُ لِمُشَاكَلَةِ مَا قَبْلَهُ. وَلِأَبِي دَاوُد: " هُنَّ لَهُمْ " وَهُوَ الْوَجْهُ، قَالَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ؛ إطْفِيحِيٌّ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ) مَحَلُّهُ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ مَكَانَ الْعُمْرَةِ لِمَنْ يُحْرِمُ الْخُرُوجُ لِأَدْنَى الْحِلِّ. " وَأَهْلُ " بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ، " وَمِنْ مَكَّةَ " خَبَرُهُ، وَالتَّقْدِيرُ: يُحْرِمُونَ مِنْ مَكَّةَ، فَفِي الْحَقِيقَةِ الْخَبَرُ مُتَعَلِّقُ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ، " وَحَتَّى " ابْتِدَائِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (سَنَةَ عَامٍ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ. وَعِبَارَةُ الْمَرْحُومِيِّ " سَنَّهُ " بِسِينِ مُهْمَلِهِ وَنُونٍ مُشَدَّدَةٍ وَهَاءٍ مَضْمُومَةٍ. قَالَ ابْنُ الْجَوَالِيقِيِّ: وَلَا تُفَرِّقُ عَوَامُّ النَّاسِ بَيْنَ الْعَامِ وَالسَّنَةِ وَيَجْعَلُونَهُ بِمَعْنًى، وَالصَّوَابُ أَنَّ السَّنَةَ مِنْ أَيِّ يَوْمٍ عَدَدْته إلَى مِثْلِهِ وَالْعَامُ لَا يَكُونُ إلَّا شِتَاءً وَصَيْفًا. وَفِي التَّهْذِيبِ وَالْبَارِعِ أَيْضًا: الْعَامُ حَوْلٌ يَأْتِي عَلَى شَتْوَةٍ وَصَيْفٍ، وَعَلَى هَذَا فَكُلُّ عَامٍ سَنَةٌ وَلَا عَكْسَ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَاذَى مِيقَاتَيْنِ) بِأَنْ كَانَ طَرِيقُهُ بَيْنَهُمَا وَالْمُرَادُ حَاذَاهُمَا مَعًا، فَإِنْ حَاذَاهُمَا عَلَى التَّرْتِيبِ أَحْرَمَ مِنْ أَوَّلِهِمَا. وَعِبَارَةُ م ر: أَوْ حَاذَى مِيقَاتَيْنِ عَلَى التَّرْتِيبِ أَحْرَمَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مَعًا أَحْرَمَ مِنْ أَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَبْعَدَ مِنْ مَكَّةَ بِأَنْ كَانَ فِي طَرِيقِهِ انْعِطَافٌ إذْ لَوْ كَانَ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ فَإِنَّهُ مِيقَاتُهُ، وَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا أَبْعَدَ فَكَذَا مَا هُوَ بِقُرْبِهِ. قَوْلُهُ: (أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ) أَيْ وَإِنْ حَاذَى الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا، كَأَنْ كَانَ الْأَبْعَدُ مُنْحَرِفًا أَوْ وَعْرًا شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (سَقَطَ الدَّمُ عَنْهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَا دَمَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ، وَقَالَ فِي شَرْحِهِ إنَّهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ " سَقَطَ الدَّمُ " لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ وَجَبَ ثُمَّ سَقَطَ، وَهُوَ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ. وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُ بِقَاعِ إلَخْ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ.

قَوْلُهُ: (الْجِعْرَانَةُ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ عَلَى الْأَفْصَحِ، وَقِيلَ بِكَسْرِهَا وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ؛ سُمِّيَتْ بِاسْمِ امْرَأَةٍ هُنَاكَ. وَالتَّنْعِيمُ اسْمٌ لِجَبَلٍ نَاعِمٍ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثِ) وَهِيَ الْمَعْدُودَاتُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ٢٠٣] وَالْمَعْلُومَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: ٢٨] هِيَ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَفَرَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: نَفَرَتْ الدَّابَّةُ تَنْفُرُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا نِفَارًا وَنُفُورًا، وَيُقَالُ فِي الْحَجِيجِ: نَفَرَ يَنْفِرُ نَفْرًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ. وَالْمُرَادُ بِالنَّفْرِ التَّهَيُّؤُ لِحَمْلِ الْأَثْقَالِ مَعَ شَدِّ الرِّحَالِ، وَالْمَعْنَى: فَإِنْ تَهَيَّأَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بَعْدَ رَمْيِهِ وَلَوْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>