للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْ مِصْرَ وَمِنْ الْمَغْرِبِ الْجُحْفَةُ، وَهِيَ قَرْيَةٌ كَبِيرَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: عَلَى نَحْوِ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ، مِنْ مَكَّةَ. وَمِيقَاتُ الْمُتَوَجِّهِ مِنْ تِهَامَةِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ، وَهُوَ مَوْضِعٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ. وَمِيقَاتُ الْمُتَوَجِّهِ مِنْ نَجْدِ الْيَمَنِ وَنَجْدِ الْحِجَازِ قَرْنٌ، وَهُوَ جَبَلٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ. وَمِيقَاتُ الْمُتَوَجِّهِ مِنْ الْمَشْرِقِ الْعِرَاقُ وَغَيْرُ ذَاتِ عِرْقٍ وَهِيَ قَرْيَةٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ. وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ وَقَالَ هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْعَجَمُ تَقْلِبُ السِّينَ شِينًا أج. وَذَهَبَ النَّوَوِيُّ إلَى أَنَّهُ أَيْ الشَّامُ أَفْضَلُ مِنْ مِصْرَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْحَشْرِ وَمَقَرُّ الْأَنْبِيَاءِ وَجَنَّةُ الدُّنْيَا. وَذَهَبَ غَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمِعْوَلُ إلَى تَفْضِيلِ مِصْرَ لِكَثْرَةِ ذِكْرِهَا فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ، وَأَيْضًا قَدْ يُوجَدُ فِي الْمَفْضُولِ مَزَايَا لَا تُوجَدُ فِي الْفَاضِلِ.

فَائِدَةٌ: مَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ أَنَّ أَسْمَاءَ الْبِلَادِ وَالْقَبَائِلِ يَجُوزُ تَذْكِيرُهَا عَلَى إرَادَةِ الْمَكَانِ وَالْحَيِّ وَتَأْنِيثُهَا عَلَى إرَادَةِ الْبُقْعَةِ: وَالْقَبِيلَةُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ مَا لَمْ يُسْمَعْ فِيهِ إلَّا التَّذْكِيرُ فَيُتَعَيَّنُ صَرْفُهُ، وَمَا لَمْ يُسْمَعْ فِيهِ إلَّا التَّأْنِيثُ فَيُتَعَيَّنُ عَدَمُ صَرْفِهِ، وَمِنْهَا مَا سُمِعَ فِيهِ الْأَمْرَانِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ فَيَئُولُ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ السَّابِقَيْنِ؛ وَمِنْ ثَمَّ تَرَاهُمْ كَثِيرًا يَخْتَلِفُونَ كَثِيرًا فِي أَسْمَاءَ هَلْ هِيَ مَصْرُوفَةٌ أَوْ لَا؟ فَلَوْ كَانَ الِاعْتِبَارَانِ جَارِيَيْنِ فِي كُلِّ اسْمٍ مِنْ ذَلِكَ لَمَا تَأَتَّى لَهُمْ الِاخْتِلَافُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا اط ف.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ مِصْرَ) تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، سَمَّيْت بِاسْمِ مَنْ سَكَنَهَا أَوَّلًا وَهُوَ مِصْرُ بْنُ بِيُصِر بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ ز ي. قَوْلُهُ: (الْجُحْفَةُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ السُّيُولَ أَجْحَفَتْهَا؛ وَهِيَ عَلَى سِتِّ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ، وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَعَلَّهُ بِسَيْرِ الْبِغَالِ النَّفِيسَةِ شَرْحُ م ر. وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ الْآنَ بِرَابِغٍ كَمَا قَالَهُ ق ل وخ ض عَلَى التَّحْرِيرِ. وَفِي حَجّ أَنَّ رَابِغَ قَبْلَ الْجُحْفَةِ، وَإِحْرَامُهُمْ مِنْهَا لِانْبِهَامِ الْجُحْفَةِ عَلَى أَكْثَرِ الْحُجَّاجِ وَلِعَدَمِ مَاءٍ بِهَا يَغْتَسِلُونَ بِهِ لِلْإِحْرَامِ، تَأَمَّلْ. وَرَابِغُ الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ الْآنَ الْحَاجُّ الْمِصْرِيُّ يُحَاذِيهَا وَصَحَّ الْإِحْرَامُ مِنْهُ لِمُحَاذَاتِهِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهَا عَلَى خَمْسِينَ فَرْسَخًا مِنْهَا وَهِيَ الْآنَ خَرَابٌ اهـ. أَيْ فَتَكُونُ عَلَى سِتَّةِ مَرَاحِلَ وَرُبُعُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَرْحَلَةٍ ثَمَانِيَةُ فَرَاسِخَ. اهـ. سم. وَلَعَلَّ مَنْ عَبَّرَ بِالثَّلَاثِ أَرَادَ سَيْرَ الْبِغَالِ بِسُرْعَةٍ وَمَنْ عَبَّرَ بِخَمْسِينَ فَرْسَخًا أَرَادَ سَيْرَ الْإِبِلِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ.

قَوْلُهُ: (مِنْ تِهَامَةَ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ) وَيُقَالُ أَلَمْلَمُ، وَهُوَ أَصْلُهُ، قُلِبَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً. وَيُقَالُ أَيْضًا يَرَمْرَمُ بِرَاءَيْنِ أج. وَلِبَعْضِهِمْ. قَرْنُ يَلَمْلَمَ ذَاتُ عِرْقٍ كُلُّهَا فِي الْبُعْدِ مَرْحَلَتَانِ مِنْ أُمِّ الْقُرَى وَلِذِي الْحُلَيْفَةِ بِالْمَرَاحِلِ عَشَرَةٌ وَبِهَا لِجُحْفَةَ سِتَّةٌ فَأَخْبِرْ تَرَى قَوْلُهُ: (قَرْنٌ) بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَيُقَالُ قَرْنُ الْمَنَازِلِ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (الْعِرَاقِ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ فِيهِ جَمِيعُ الْمَوَاقِيتِ، فَلَوْ ذَكَرَ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا مِصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْمَشْرِقُ لَوَفَى بِالْمُرَادِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدَ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبَ الْجُحْفَةَ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ» .

قَوْلُهُ: (وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةَ) لَمْ يَذْكُرْ أَهْلَ الْمَغْرِبِ. لِأَنَّهُمْ مُلْحَقُونَ بِأَهْلِ مِصْرَ لِسَفَرِهِمْ مِنْهَا، فَهُمْ يَمُرُّونَ عَلَى مِيقَاتِهَا كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ: «وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ» .

قَوْلُهُ: (هُنَّ) أَيْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ، وَقَوْلُهُ " لَهُنَّ " أَيْ لِهَذِهِ النَّوَاحِي أَيْ لِأَهْلِهَا، فَهُوَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>