للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْمِيَ تَحْتَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا يَبْعُدُ عَنْهُ احْتِيَاطًا. وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْجَمْرَةُ مُجْتَمَعُ الْحَصَى لَا مَا سَالَ مِنْ الْحَصَى. وَحَدَّهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ إلَّا فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا وَجْهٌ وَاحِدٌ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا تَقَدَّمَ.

(وَ) الْوَاجِبُ الثَّالِثُ (الْحَلْقُ) عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ وَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ رُكْنٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ نُسُكٌ كَمَا مَرَّ بَلْ نَقَلَ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَى رُكْنِيَّتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُصَحِّحُ لِلْمُصَنِّفِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَدَدِ بِإِبْدَالِ هَذَا الْمَرْجُوحِ بِالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَيُجْبَرُ تَرْكُهُ بِدَمٍ، وَالْوَاجِبُ فِيهِ سَاعَةٌ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ اللَّيْلِ، فَإِنَّ دَفَعَ قَبْلَ النِّصْفِ الثَّانِي لَزِمَهُ الْعَوْدُ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ لَزِمَهُ دَمٌ، وَيُسَنُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَصَى الرَّمْيِ وَهُوَ سَبْعُونَ حَصَاةً مِنْهَا سَبْعٌ لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَالْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ حَصَاةً لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ كُلُّ وَاحِدٍ إحْدَى وَعِشْرُونَ حَصَاةٍ لِكُلِّ جَمْرَةٍ سَبْعُ حَصَيَاتٍ، وَسُنَّ أَنْ يَرْمِيَ بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ هُوَ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا بِقَدْرِ الْبَاقِلَا، وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الرَّمْيِ أَنَابَ مَنْ يَرْمِي عَنْهُ، وَلَوْ تَرَكَ رَمْيًا مِنْ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ تَدَارَكَهُ فِي بَاقِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَدَاءً

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمَرْمَى، وَإِنْ قَصَدَ الْمَرْمَى كَفَاهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ رَمَى الشَّاخِصُ أَوْ لَا إنْ وَقَعَ فِي الْمَرْمَى وَإِلَّا فَلَا ق ل. وَقَوْلُهُ " وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَرْمَى " ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنْ يَكْفِيَ إنْ وَقَعَ فِيهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر، وَعِبَارَتُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى الْعَلَمِ الْمَنْصُوبِ فِي الْجَمْرَةِ أَوْ الْحَائِطِ الَّتِي لِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَأَصَابَهُ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَا يُجْزِئُ، قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي؛ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ بِفِعْلِهِ مَعَ قَصْدِ الرَّمْيِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي مِنْ احْتِمَالَيْهِ أَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. فَرْعٌ: لَوْ أُزِيلَ الْعَلَمُ الَّذِي هُوَ الْبِنَاءُ الَّذِي فِي وَسَطِ الْجَمْرَةِ فَإِنَّهُ يَكْفِي الرَّمْيُ إلَى مَحَلِّهِ بِلَا شَكٍّ لِأَنَّ الْعَلَمَ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ رَمَى هُوَ وَأَصْحَابُهُ إلَى الْجَمْرَةِ وَلَمْ يُنْقَلُ أَنَّهُمْ تَحَرَّوْا مَوْضِعًا مِنْهَا دُونَ آخَرَ؛ وَتَرَكَ النَّقْلَ مَعَ تَقْدِيرِ تَحْرِيمِهِمْ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ ح ف.

قَوْلُهُ: (عَلَمٌ) أَيْ عَلَامَةُ بِنَاءٍ كَالْعَمُودِ. قَوْلُهُ: (لَا مَا سَالَ) أَيْ عَنْ الْحَدِّ الْمَعْلُومِ.

قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهَا إلَّا وَجْهٌ) لِأَنَّهَا مُلْتَصِقَةٌ بِالْجَبَلِ؛ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْعِمَادِ: وَالْحِكْمَةُ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ أَنَّ إبْرَاهِيمَ لَمَّا قَصَدَ ذَبْحَ إسْمَاعِيلَ تَعَرَّضَ لَهُ الشَّيْطَانُ بِعَدَمِ الذَّبْحِ فَقَالَ إنَّ هَذَا وَسْوَسَةٌ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَأُمِرَ بِالرَّمْيِ إلَى الشَّيْطَانِ، فَصَارَ سُنَّةً لِأَوْلَادِهِ.

قَوْلُهُ: (بِالْمَبِيتِ) أَيْ الْمُكْثِ فِيهَا وَلَوْ لَحْظَةً، بَلْ يَكْفِي الْمُرُورُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَبِيتِ لَمْ يَرِدْ فِيهَا. وَانْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْمَبِيتِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ، وَأَيْضًا لَمْ يَرِدْ الْأَمْرُ بِهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِهِ لِمُشَاكَلَةِ الْمَبِيتِ بِمِنًى.

قَوْلُهُ: (وَالْوَاجِبُ فِيهِ سَاعَةٌ) أَيْ لَحْظَةٌ كَمَا فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ دَفَعَ) أَيْ فَارَقَ الْمُزْدَلِفَةَ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إلَّا حَصْيَ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَيُؤْخَذُ الْبَاقِي مِنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ. وَسُمِّيَ مُحَسِّرًا لِأَنَّ الْفِيلَ حَسِرَ فِيهِ أَيْ أَعْيَا أَوْ مِنْ مِنًى، فَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالْأَخْذِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَيُكْرَهُ أَخْذُ الْحَصَى مِنْ الْمَرْمَى لِمَا قِيلَ إنَّ الْمَقْبُولَ يُرْفَعُ وَالْمَرْدُودَ يُتْرَكُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَسُدَّ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ؛ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ) وَهَيْئَةُ الْخَذْفِ أَنْ يَضَعَ الْحَصَى عَلَى بَطْنِ إبْهَامِهِ وَيَرْمِيَهُ بِرَأْسِ السَّبَّابَة، شَرْحِ م ر. فَهُوَ حَذْفٌ بِهَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الرَّمْيِ) أَيْ لِمَرَضٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ فِي هَذَا الزَّمَنِ، عَشْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَنَابَ) أَيْ وُجُوبًا مَنْ يَرْمِي عَنْهُ بِأَنْ يَرْمِيَ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ أَوَّلًا عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يَرْمِيَهَا عَنْ الْمُسْتَنِيبِ، فَلَوْ رَمَى عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ عَنْهُ نَفْسَهُ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا قَالَهُ م ر، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ رَمَاهَا عَنْ الْمُسْتَنِيبِ فَإِنَّهُ يُمْتَنَعُ لِأَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كَالْيَوْمِ الْوَاحِدِ، ز ي. قَالَ م ر: وَلَوْ زَالَ عُذْرُ الْمُسْتَنِيبِ بَعْدَ رَمْيِ النَّائِبِ وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الرَّمْيِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَكَ رَمْيًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ مَا بَعْدَ الْمَتْرُوكِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَهُ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>