للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَوْنِهِ، وَلِهَذَا لَا يُعْفَى عَنْ آدَمِيٍّ مُسْتَجْمِرٍ، وَعَنْ الدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ، وَلَوْ تَنَجَّسَ فَمُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ مِنْ هِرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ غَابَ وَأَمْكَنَ وُرُودُهُ مَاءً كَثِيرًا ثُمَّ وَلَغَ فِي طَاهِرٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ مَعَ حُكْمِنَا بِنَجَاسَةِ فَمِهِ، لِأَنَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَعَنْ دُخَانٍ نَجِسٍ أَيْ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ وُصُولُهُ لِلْمَاءِ وَنَحْوِهِ بِفِعْلِهِ وَإِلَّا نَجُسَ، وَمِنْهُ الْبَخُورُ بِالنَّجِسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ رَأَى ذُبَابَةً عَلَى نَجَاسَةٍ فَأَمْسَكَهَا حَتَّى أَلْصَقَهَا بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، إلَّا أَنَّهُ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَخُورَ مِمَّا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَيُغْتَفَرُ الْقَلِيلُ مِنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الذُّبَابَةُ. وَبُخَارُ النَّجَاسَةِ طَاهِرٌ وَهُوَ الْمُتَصَاعِدُ مِنْهَا بِغَيْرِ وَاسِطَةِ نَارٍ كَرِيحٍ مِنْ الدُّبُرِ، وَيُعْفَى عَنْ ذَرْقِ طَيْرٍ فِي الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ طُيُورِهِ وَعَنْ بَعْرِ نَحْوِ شَاةٍ وَقَعَ مِنْهَا فِي لَبَنٍ حِينَ حَلْبِهَا، وَعَنْ جِرَّةِ بَعِيرٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّا يَجْتَرُّ فَلَا يُنَجِّسُ مَا شَرِبَ مِنْهُ، وَيُعْفَى عَمَّا تَطَايَرَ مِنْ رِيقِهِ الْمُتَنَجِّسِ، وَيُعْفَى عَنْ رَوْثِ ثَوْرِ الدِّيَاسَةِ وَعَمَّا تُلْقِيهِ الْفِئْرَانُ فِي بُيُوتِ الْأَخْلِيَةِ وَإِنْ أَدْرَكَهُ الطَّرْفُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ، وَعَنْ نَحْوِ زَيْتٍ خُلِطَ بِجُبْنٍ فِيهِ دُودٌ لِلْأَكْلِ، وَعَنْ الْخُبْزِ الْمَخْبُوزِ بِالنَّجَاسَةِ كَالسِّرْجِينِ بِأَكْلِهِ أَوْ ثَرْدِهِ بِمَائِعٍ كَلَبَنٍ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْفَمِ مِنْهُ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يُسَنُّ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ حَامِلِهِ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا م ر اهـ.

قَوْلُهُ: (وَغُبَارِ) أَيْ وَعَنْ قَلِيلِ غُبَارِ سِرْجِينٍ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: وَكَغُبَارِ سِرْجِينٍ عَطْفُهُ عَلَى الْقَلِيلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قِلَّتُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ وَكَغُبَارِ سِرْجِينٍ هَلْ وَلَوْ طُرِحَ وَغَيَّرَ أَوْ لَا يُحَرَّرُ اهـ. الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا عَفْوَ حِينَئِذٍ. وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ ع ش: بَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَفْوِ عَنْهُ الْقِلَّةُ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا: وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا ح ف: إلَّا فِي حَقِّ الْفَرَّانِ.

قَوْلُهُ: (كَالذَّرِّ) أَيْ صِغَارِ النَّمْلِ أَوْ الْمُرَادُ هُنَا مِقْدَارُ الذَّرِّ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ حَيَوَانٍ) طَاهِرٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ كَطَيْرٍ وَهِرَّةٍ م ر. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَنْفَذَ قَيْدٌ فَيَخْرُجُ بِهِ بَقِيَّةُ أَعْضَائِهِ إذَا كَانَتْ مُتَنَجِّسَةً فَلَا يُعْفَى عَنْهَا، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْهِرَّةِ الَّتِي أَكَلَتْ نَجَاسَةً وَغَابَتْ غَيْبَةً يُحْتَمَلُ مَعَهَا طَهَارَةُ فَمِهَا، فَإِنَّهَا لَا تُنَجِّسُ مَا شَرِبَتْ مِنْهُ، إذْ لَوْ كَانَتْ بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ مِثْلَ الْمَنْفَذِ لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّقْيِيدِ بِالْغَيْبَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْمَنْفَذَ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ مِثْلُهُ بَقِيَّةُ أَعْضَائِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الطُّوخِيُّ، وَعَلَيْهِ يُشْكِلُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْهِرَّةِ تَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلُهُ: وَحَيَوَانٍ مُتَنَجِّسِ الْمَنْفَذِ أَيْ مَا لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَاءِ فَقَطْ دُونَ الْمَائِعِ، حَتَّى لَوْ وَقَعَ فِي مَائِعٍ نَجَّسَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ التَّعْلِيلُ، وَقَدْ رَجَعَ الشَّيْخُ عَنْ هَذَا، وَسَوَّى بَيْنَ الْمَاءِ وَالْمَائِعِ لِلْمَشَقَّةِ، وَيُعْفَى عَمَّا يَمَسُّهُ الْعَسَلُ مِنْ الْكِوَارَةِ الَّتِي تُجْعَلُ مِنْ رَوْثِ نَحْوِ الْبَقَرِ، وَيُعْفَى عَنْ فَمِ صَبِيٍّ بِالنِّسْبَةِ لِثَدْيِ أُمِّهِ وَغَيْرِهِ كَتَقْبِيلِهِ فِي فَمِهِ عَلَى وَجْهِ الشَّفَقَةِ مَعَ الرُّطُوبَةِ، فَلَا يَلْزَمُ تَطْهِيرُ الْفَمِ كَذَا قَرَّرَهُ م ر اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ) خَرَجَ الْمَائِعُ كَمَا قَالَهُ ز ي، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ م ر الْإِطْلَاقُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ.

فَرْعٌ: مَا تُلْقِيهِ الْفِئْرَانُ فِي بُيُوتِ الْأَخْلِيَةِ يُرْجَعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ فَمَا عَدَّهُ الْعُرْفُ قَلِيلًا عُفِيَ عَنْهُ وَمَا لَا فَلَا وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَحَدُ أَوْصَافِ الْمَاءِ وَإِلَّا فَلَا عَفْوَ، وَإِذَا شَكَكْنَا فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَلَا عَفْوَ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ وَلَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ وَلَمْ يَحْصُلْ هُنَا، وَإِذَا شَكَكْنَا فِي أَنَّهُ مِنْ الْفِئْرَانِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَالْأَصْلُ إلْقَاءُ الْفِئْرَانِ وَالْفِئْرَانُ بِالْهَمْزِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ.

قَوْلُهُ: (مُسْتَجْمِرٍ) أَيْ بِالْأَحْجَارِ، وَقَوْلُهُ: (عَنْ الدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ) صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ ذُبِحَتْ شَاةٌ وَقُطِعَ لَحْمُهَا وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَثَرٌ مِنْ الدَّمِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْبَقَرِ الَّتِي تُذْبَحُ فِي الْمَحَلِّ الْمُعَدِّ لِذَبْحِهَا الْآنَ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِإِزَالَةِ الدَّمِ عَنْهَا، فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ الدَّمِ عَلَى اللَّحْمِ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ لِاخْتِلَاطِهِ بِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ تَصْوِيرٌ حَسَنٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ عَمَّا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُبْتَلَى بِهِ كَالْجَزَّارِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَلَوْ شَكَّ فِي الِاخْتِلَاطِ وَعَدَمِهِ لَمْ يَضُرَّ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَقَدْ يُقَالُ هَذَا الْمَاءُ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ ضَرُورِيٌّ، فَالْمُنَاسِبُ عَدَمُ ضَرَرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يُبَالِغُوا فِي إزَالَةِ الدَّمِ بِالْمَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ اللَّحْمُ الْمَذْكُورُ صَارَ أَجْنَبِيًّا ضَارًّا تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>