للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ لِأَنَّا لَا نُوجِبُهَا بِالشَّكِّ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَسْتَتِرَ بِالْمَخِيطِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رَجُلًا وَيُمْكِنُ سَتْرُهُ بِغَيْرِهِ.

(وَ) الرَّابِعُ (تَرْجِيلُ) أَيْ تَسْرِيحُ (الشَّعْرِ) أَيْ شَعْرِ رَأْسِ الْمُحْرِمِ أَوْ لِحْيَتِهِ وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ (بِالدُّهْنِ) وَلَوْ غَيْرَ مُطَيَّبٍ كَزَيْتٍ وَشَمْعٍ مُذَابٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّزْيِينِ الْمُنَافِي لِحَالِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ، وَلَا فَرْقَ فِي الشَّعْرِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَلَوْ وَاحِدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ كَانَ شَعْرُ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ الشَّعْرِ وَتَنْمِيَتِهِ بِخِلَافِ رَأْسِ الْأَقْرَعِ وَالْأَصْلَعِ وَذَقَنِ الْأَمْرَدِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى، وَلَهُ دَهْنُ بَدَنِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَسَائِرِ شَعْرِهِ بِذَلِكَ، وَلَهُ أَكْلُهُ وَجَعْلُهُ فِي شَجَّةٍ وَلَوْ بِرَأْسِهِ، وَأَلْحَقَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بِشَعْرِ اللِّحْيَةِ شَعْرَ الْوَجْهِ كَحَاجِبٍ وَشَارِبٍ وَعَنْفَقَةٍ، وَقَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: التَّحْرِيمُ ظَاهِرٌ فِيمَا اتَّصَلَ بِاللِّحْيَةِ كَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَالْعِذَارِ، وَأَمَّا الْحَاجِبُ وَالْهُدْبُ وَمَا عَلَى الْجَبْهَةِ أَيْ وَالْخَدِّ فَفِيهِ بُعْدٌ انْتَهَى وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَزَيَّنُ بِهِ، وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُ بَدَنِهِ وَرَأْسِهِ بِخَطْمِيٍّ وَنَحْوِهِ كَسِدْرٍ مِنْ غَيْرِ نَتْفِ شَعْرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ الْوَسَخِ لَا لِلتَّزْيِينِ وَالتَّنْمِيَةِ لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ وَتَرْكُ الِاكْتِحَالِ الَّذِي لَا طِيبَ فِيهِ، وَلِلْمُحْرِمِ الِاحْتِجَامُ وَالْفَصْدُ مَا لَمْ يُقْطَعْ بِهِمَا شَعْرٌ.

(وَ) الْخَامِسُ (حَلْقُهُ) أَيْ الشَّعْرِ مِنْ سَائِرِ جَسَدِهِ وَمِثْلُ الْحَلْقِ النَّتْفُ وَالْإِحْرَاقُ وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ شَعْرَهَا، وَشَعْرُ سَائِرِ الْجَسَدِ مُلْحَقٌ بِهِ.

(وَ) السَّادِسُ (تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْأُنْثَى. وَعِبَارَةُ م ر: وَلَيْسَ لَهُ سَتْرُ وَجْهِهِ مَعَ كَشْفِ رَأْسِهِ خِلَافًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ.

قَالَ ق ل: وَلَعَلَّ كَلَامَ الشَّارِحِ سَبْقُ قَلَمٍ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ كَشْفُ وَجْهِهِ وَسَتْرُ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ هُنَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْخُنْثَى أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَسْتُرَ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ أَوْ يَكْشِفَهُمَا أَوْ يَسْتُرَ الْوَجْهَ وَيَكْشِفَ الرَّأْسَ أَوْ يَعْكِسَ، فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَأْثَمُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ يَأْثَمُ وَلَا فِدْيَةَ، وَفِي الرَّابِعَةِ لَا إثْمَ وَلَا فِدْيَةَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ هِيَ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ق ل. قَوْلُهُ: (لَا نُوجِبُهَا بِالشَّكِّ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ. قَوْلُهُ (وَأَنْ لَا يَسْتَتِرَ) لَوْ قَالَ أَنْ لَا يَلْبَسَ الْمَخِيطَ لَكَانَ أَوْلَى ق ل؛ لِأَنَّ السَّتْرَ يَصْدُقُ بِمَا إذَا اتَّزَرَ بِسَرَاوِيلَ أَوْ ارْتَدَى بِقَمِيصٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَتَرْجِيلُ الشَّعْرِ) أَيْ تَسْرِيحُهُ؛ وَالْأَوْلَى حَذْفُ (تَرْجِيلُ) بِأَنْ يَقُولَ: وَدَهْنُ الشَّعْرِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ اسْتِعْمَالُ الدُّهْنِ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ وَلَوْ بَعْضَ شَعْرَةٍ ق ل بِالْمَعْنَى. فَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى التَّدْهِينِ وَالتَّرْجِيلِ لَيْسَ قَيْدًا، وَمِنْ هُنَا إلَى آخِرِ الْمُحَرَّمَاتِ عَامٌّ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى التَّوْزِيعِ الْأَوَّلَانِ لِلرَّجُلِ وَمَا بَعْدَهُمَا إلَى هُنَا لِلْمَرْأَةِ.

قَوْلُهُ: (بِالدُّهْنِ) بِالضَّمِّ مَا يُدْهَنُ بِهِ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا فَهُوَ الْفِعْلُ أَعْنِي التَّدْهِينَ أج.

قَوْلُهُ: (وَشَمَعٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ السُّيُوطِيّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَاحِدَةً) أَيْ إنْ كَانَتْ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ التَّزْيِينُ كَشَعْرِ اللِّحْيَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ مَنَاطُ التَّحْرِيمِ، مَرْحُومِيٌّ؛ أَيْ بِخِلَافِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْإِبْطِ أَوْ الْعَانَةِ.

قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ) أَيْ تَرْجِيلِ الشَّعْرِ بِالدُّهْنِ، وَقَوْلُهُ " مِنْ تَزْيِينٍ " أَيْ وَلَوْ بَعْدَ طُلُوعِهِ.

قَوْلُهُ: (الْأَقْرَعِ) أَيْ الَّذِي لَا يُنْبِتُ، وَقَوْلُهُ " وَالْأَصْلَعِ " أَيْ فِي مَحَلِّ الصَّلَعِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ " وَذَقَنِ الْأَمْرَدِ " أَيْ إذَا لَمْ يَبْلُغْ أَوَانُ نَبَاتِ لِحْيَتِهِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالرَّأْسِ الْمَحْلُوقِ م ر. فَإِذَا بَلَغَ أَوَانُ الطُّلُوعِ وَلَمْ يَلْتَحِ يُقَالُ لَهُ ثَطٌّ.

قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى) أَيْ التَّزْيِينِ وَالتَّنْمِيَةِ.

قَوْلُهُ: (وَبَاطِنًا) كَبَاطِنِ أَنْفِهِ وَأُذُنَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَأَكْلُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَمَسَّ شَيْئًا مِنْ نَحْوِ شَارِبِهِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ ق ل، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَشَارِبٍ) وَحِينَئِذٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لِمَا يُغْفَلُ عَنْهُ كَثِيرًا مِنْ تَلْوِيثِ الشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ بِالدُّهْنِ عِنْدَ أَكْلِ اللَّحْمِ، فَإِنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ وَالتَّعَمُّدِ حَرَامٌ فِيهِ الْفِدْيَةُ، شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ (وَهَذَا) أَيْ مَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ مِنْ التَّفْصِيلِ. فَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ ثَلَاثَةٌ فِي شَعْرِ الْوَجْهِ الْحُرْمَةُ وَعَدَمُهَا وَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ؛ لَكِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَدُّ عِنْدَ م ر مَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (غَسْلُ بَدَنِهِ) أَيْ وَمَلْبُوسِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ نَتْفٍ) أَمَّا بِنَتْفٍ فَحَرَامٌ. قَوْلُهُ: (الَّذِي لَا طِيبَ فِيهِ) أَمَّا مَا فِيهِ طِيبٌ فَحَرَامٌ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يُقْطَعْ بِهِمَا شَعْرٌ) وَإِلَّا حَرُمَا.

قَوْلُهُ: (وَمِثْلُ الْحَلْقِ النَّتْفُ) وَلَوْ كَشَطَ الْمُحْرِمُ جِلْدَةَ الرَّأْسِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>