للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيَاسًا عَلَى الشَّعْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِبَعْضِ شَعْرَةٍ أَوْ ظُفْرٍ.

(وَ) السَّابِعُ (الطِّيبُ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُحْرِمُ ذَكَرًا أَمْ غَيْرَهُ وَلَوْ أَخْشَمَ، بِمَا يُقْصَدُ مِنْهُ رَائِحَتُهُ غَالِبًا وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَالْمِسْكِ وَالْعُودِ وَالْكَافُورِ وَالْوَرْسِ وَهُوَ أَشْهُرُ طِيبٍ بِبِلَادِ الْيَمَنِ وَالزَّعْفَرَانِ وَإِنْ كَانَ يُطْلَبُ لِلصَّبْغِ وَالتَّدَاوِي أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مَلْبُوسِهِ كَثَوْبِهِ أَمْ فِي بَدَنِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ «وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ مَا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ» وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِأَكْلٍ أَوْ إسْعَاطٍ أَمْ احْتِقَانٍ فَيَجِبُ مَعَ التَّحْرِيمِ فِي ذَلِكَ الْفِدْيَةُ، وَاسْتِعْمَالُهُ أَنْ يُلْصِقَ الطِّيبَ بِبَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ، وَلَوْ اُسْتُهْلِكَ الطِّيبُ فِي الْمُخَالِطِ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ رِيحٌ وَلَا طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ كَأَنْ اُسْتُعْمِلَ فِي دَوَاءٍ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ وَأَكْلُهُ وَلَا فِدْيَةَ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْأَكْلُ أَوْ التَّدَاوِي وَإِنْ كَانَ لَهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ كَالتُّفَّاحِ وَالسُّنْبُلِ وَسَائِرِ الْأَبَازِيرِ الطَّيِّبَةِ كَالْمُصْطَكَى لَمْ يَحْرُمْ، وَلَمْ يَجِبْ فِيهِ فِدْيَةٌ لِأَنَّ مَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْأَكْلُ أَوْ التَّدَاوِي لَا فِدْيَةَ فِيهِ.

(وَ) الثَّامِنُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ (قَتْلُ الصَّيْدِ) إذَا كَانَ مَأْكُولًا بَرِّيًّا وَحْشِيًّا كَبَقَرِ وَحْشِيٍّ وَدَجَاجَةٍ أَوْ كَانَ مُتَوَلِّدًا بَيْنَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِدْيَةَ، إذْ الشَّعْرُ تَابِعٌ؛ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (الصَّادِقُ بِبَعْضِ شَعْرَةٍ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ: " وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْفِدْيَةُ " مَعَ أَنَّ الْوَاحِدَةَ فِيهَا مُدٌّ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِدْيَةِ مَا يَشْمَلُ الْمُدَّ، أَوْ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرْمَةِ وَتَكْمُلُ الْفِدْيَةُ فِي ثَلَاثٍ فَأَكْثَرَ، بِخِلَافِ الدَّهْنِ فَإِنَّ فِيهِ الْفِدْيَةَ وَلَوْ لِبَعْضِ شَعْرَةٍ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ وَجْهِهِ لِحُصُولِ التَّرَفُّهِ بِذَلِكَ ق ل وأج.

قَوْلُهُ: (وَالطِّيبُ) أَيْ التَّطَيُّبُ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْلُوفِ فِيهِ كَالتَّبَخُّرِ بِالْعُودِ، بِخِلَافِ أَكْلِهِ وَحَمْلِهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلِأَيِّ شَيْءٍ حُرِّمَ الطِّيبُ عَلَى الْمُحْرِمِ مَعَ أَنَّهُ فِي حَضْرَةِ اللَّهِ الْخَاصَّةِ كَالصَّلَاةِ وَالطِّيبُ مُسْتَحَبٌّ فِي الْجُمُعَةِ؟ فَالْجَوَابُ إنَّمَا حُرِّمَ ذَلِكَ لِحَدِيثِ: " الْمُحْرِمُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ " وَلِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْمُحْرِمِ إظْهَارُ الذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ وَاسْتِشْعَارُ الْخَجَلِ مِنْ الْحَقِّ تَعَالَى وَطَلَبُ الصَّفْحِ وَالْعَفْوِ خَوْفًا مِنْ مُعَاجَلَةِ الْعُقُوبَةِ كَمَا وَرَدَ: «إنَّ السَّيِّدَ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا حَجَّ مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ مَاشِيًا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي عَرَفَاتٍ وَتَلَقَّى هُنَاكَ كَلِمَاتِ الِاسْتِغْفَارِ بِقَوْلِهِ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: ٢٣] » .

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ) الْمُنَاسِبُ: " وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا " أَيْ الرَّائِحَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، أَيْ وَلَوْ كَانَ الْقَصْدُ مِنْهُ رَائِحَتُهُ مَعَ غَيْرِهِ كَالتَّدَاوِي فَيَكُونُ غَايَةً فِي يُقْصَدُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَإِنْ كَانَ يُطْلَبُ لِلصَّبْغِ وَالتَّدَاوِي أَيْضًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ كَأَنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ وَتَطَيَّبَ بِهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ، وَرُبَّمَا يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الطِّيبَ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ (أَشْهَرُ طِيبٍ إلَخْ) وَهُوَ نَبْتٌ أَصْفَرُ يُزْرَعُ بِالْيَمَنِ وَيُصْبَغُ بِهِ، قِيلَ: وَهُوَ صِنْفٌ مِنْ الْكُرْكُمِ، وَقِيلَ: يُشْبِهُهُ. اهـ. مِصْبَاحٌ. قَوْلُهُ: (فِي مَلْبُوسِهِ) أَيْ وَلَوْ نَعْلًا.

قَوْلُهُ: (بِأَكْلٍ) أَيْ اُعْتِيدَ الطِّيبُ بِهِ لِذَلِكَ كَالْمِسْكِ، بِخِلَافِ أَكْلِ الْعُودِ.

قَوْلُهُ: أَوْ إسْعَاطٌ هُوَ الْإِدْخَالُ فِي الْأَنْفِ قَوْلُهُ: (أَيْنَ يُلْصَقُ) وَمِنْ ذَلِكَ الْبَخُورُ بِنَحْوِ الْعُودِ فَإِنَّ فِيهِ لَصْقَ أَجْزَاءِ الدُّخَانِ بِبَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ وَخَرَجَ بِهِ مُجَرَّدُ الشَّمِّ كَمَا فِي م ر وَمَا إذَا أَلْقَتْهُ عَلَيْهِ الرِّيحُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا لَوْنَ) اعْتَمَدَ م ر. أَنَّهُ لَا ضَرَرَ بِبَقَاءِ اللَّوْنِ، وَعِبَارَتُهُ: فَلَوْ كَانَ فِي مَأْكُولٍ بَقِيَ فِيهِ رِيحُ الطِّيبِ أَوْ طَعْمُهُ حَرُمَ لِأَنَّ الرِّيحَ هُوَ الْغَرَضُ الْأَعْظَمُ مِنْ الطِّيبِ وَالطَّعْمُ مَقْصُودٌ مِنْهُ أَيْضًا، بِخِلَافِ اللَّوْنِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْأَكْلُ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِمَا يُقْصَدُ مِنْهُ رَائِحَتُهُ.

قَوْلُهُ: (الْأَبَازِيرُ) أَيْ أَنْوَاعُ الرَّوَائِحِ وَهُوَ جَمْعُ بِزْرٍ كَحَبَّهَانَ. وَفِي إطْلَاقِ الْأَبَازِيرِ عَلَى الْمُصْطَكَى تَغْلِيبٌ لِأَنَّ الْمُصْطَكَى لَيْسَ لَهَا بِزْرٌ، وَكَذَا الْمِسْكُ، ثُمَّ رَأَيْت الْمَرْحُومِيَّ قَالَ: قَوْلُهُ " كَالْمُصْطَكَى " تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ اهـ. وَالْمُصْطَكَى بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْكَافِ وَالْقَصْرُ أَكْثَرُ مِنْ الْمَدِّ قَالَ بَعْضُهُمْ تُشَدَّدُ فَتُقْصَرُ وَتُخَفَّفُ فَتُمَدُّ وَحَكَى ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فَتْحَ الْمِيمِ وَالتَّخْفِيفَ وَالْمَدَّ وَذَكَرَ غَيْرُهُ الْقَصْرَ أَيْضًا وَيُقَالُ مُصْتَكَى بِالتَّاءِ. اهـ. مِصْبَاحٌ.

قَوْلُهُ: (يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ، وَانْظُرْ لِمَ صَرَّحَ بِهِ فِي هَذَا دُونَ غَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>