للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

فِي الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا (وَالدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ فِي الْإِحْرَامِ) بِتَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ أَوْ ارْتِكَابِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ (خَمْسَةُ أَشْيَاءَ) بِطَرِيقِ الِاخْتِصَارِ وَبِطَرِيقِ الْبَسْطِ تِسْعَةُ أَنْوَاعٍ: دَمُ التَّمَتُّعِ، وَدَمُ الْفَوَاتِ، وَالدَّمُ الْمَنُوطُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ، وَدَمُ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ، وَدَمُ الْإِحْصَارِ، وَدَمُ قَتْلِ الصَّيْدِ، وَدَمُ الْجِمَاعِ، وَدَمُ الِاسْتِمْتَاعِ، وَدَمُ الْقِرَانِ. فَهَذِهِ تِسْعَةُ أَنْوَاعٍ أَخَلَّ الْمُصَنِّفُ بِالْأَخِيرِ مِنْهَا وَالثَّمَانِيَةُ مَعْلُومَةٌ مِنْ كَلَامِهِ إذْ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ دَاخِلَةٌ فِي تَعْبِيرِهِ بِالنُّسُكِ كَمَا سَيَظْهَرُ لَك، وَدَمُ الِاسْتِمْتَاعِ دَاخِلٌ فِي تَعْبِيرِهِ بِالتَّرَفُّهِ كَمَا سَيَظْهَرُ لَك أَيْضًا وَسَتَعْرِفُ التَّاسِعَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (أَحَدُهَا) أَيْ الدِّمَاءِ (الدَّمُ الْوَاجِبُ بِتَرْكِ نُسُكٍ) وَهُوَ شَامِلٌ لِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ. الْأَوَّلُ دَمُ التَّمَتُّعِ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ، وَالثَّانِي دَمُ الْفَوَاتِ لِلْوُقُوفِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ كَمَا مَرَّ. وَالثَّالِثُ: الدَّمُ الْمَنُوطُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَهُوَ) أَيْ الدَّمُ الْوَاجِبُ فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ (عَلَى التَّرْتِيبِ) وَالتَّقْدِيرِ وَسَيَأْتِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (خَمْسَةٌ) هِيَ بِالنَّظَرِ لِكَلَامِ الْمَتْنِ مُنَوَّنَةٌ وَالشَّارِحُ حَذَفَ التَّنْوِينَ حَيْثُ أَضَافَهَا، فَفِيهِ عَدَمُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى كَلَامِ الْمَتْنِ؛ وَهَذَا عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ. وَاعْلَمْ أَنَّهَا بِالنَّظَرِ لِلْأَحْكَامِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأَفْرَادِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْهُمَا. وَيُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ مَشَى عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَكِنْ أَفْرَدَ دَمَ الْجِمَاعِ بِالْعَدِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهَا لِغِلَظِهِ وَفُحْشِهِ، وَفِي جَعْلِ الشَّارِحِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التِّسْعَةِ أَنْوَاعًا نَظَرٌ فَإِنَّهَا أَفْرَادٌ لَا أَنْوَاعٌ؛ نَعَمْ الدَّمُ الْمَنُوطُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ نَوْعٌ فَيَكُونُ غَلَّبَهُ م د.

قَوْلُهُ: (وَبِطَرِيقِ الْبَسْطِ تِسْعَةٌ) فِيهِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِاعْتِبَارِ الْأَحْكَامِ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي الْخَاتِمَةِ، وَإِنْ أَزَادَ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ فَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إذْ هِيَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ؛ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الشَّارِحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَنْوَاعِ مَا بَعْضُهُ نَوْعٌ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ الْآخَرُ أَفْرَادًا فَفِيهِ تَغْلِيبُ النَّوْعِ عَلَى الْأَفْرَادِ، فَهَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَفْرَادًا إلَّا أَنَّ بَعْضَهَا وَهُوَ الدَّمُ الْمَنُوطُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ نَوْعٌ فَغَلَّبَهُ وَعَبَّرَ بِالْأَنْوَاعِ. وَلَوْ أَبْقَى الْمَتْنَ بِحَالِهِ وَحَمَلَهُ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَحْكَامِ لَكَانَ أَوْلَى، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَفْرَدَ الدَّمَ الْوَاجِبَ بِالْوَطْءِ لِغِلَظِهِ فَلَا يُنَافِيهِ عَدُّ غَيْرِهِ لَهَا أَرْبَعَةً. قَوْلُهُ: (الْمَنُوطُ) أَيْ الْمُتَعَلِّقُ.

قَوْلُهُ: (وَدَمُ الِاسْتِمْتَاعِ) كَالتَّطَيُّبِ وَاللُّبْسِ وَمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ وَالْجِمَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ وَالدَّهْنِ كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (أَخَلَّ الْمُصَنِّفُ) قَدْ يُقَالُ لَا إخْلَالَ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ دَمُ تَرْكِ النُّسُكِ؛ لِأَنَّ الْقِرَانَ فِيهِ تَرْكُ مِيقَاتِ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ، فَإِنَّهُ يُحْرِمُ بِهِمَا مَعًا مِنْ مِيقَاتٍ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي: وَإِنَّمَا لَمْ يَدْخُلْ هَذَا النَّوْعُ أَعْنِي الْقِرَانَ فِي تَعْبِيرِهِ بِتَرْكِ النُّسُكِ لِأَنَّهُ دَمُ جَبْرٍ لَا دَمُ نُسُكٍ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي الرَّوْضَةِ.

قَوْلُهُ: (أَحَدُهَا الدَّمُ الْوَاجِبُ إلَخْ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ: وَيَلْحَقُ بِهَذَا الدَّمُ الْمَنْدُوبُ لِتَرْكِ طَوَافِ الْقُدُومِ، أَوْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، أَوْ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِعَرَفَةَ؛ فَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ يُسَنُّ فِيهِ دَمٌ كَدَمِ التَّمَتُّعِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهَا مَا قِيلَ بِوُجُوبِهِ وَتَرْكِهِ، فَيُسَنُّ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ يُخْرِجَ فِيهِ دَمًا كَدَمِ التَّمَتُّعِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ أج.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ شَامِلٌ لِثَلَاثَةٍ) لِأَنَّ النُّسُكَ شَامِلٌ لِلرُّكْنِ وَالْوَاجِبِ. وَفِي كَلَامِهِ مُسَامَحَةٌ، بَلْ هُوَ شَامِلٌ لِتِسْعَةِ أَفْرَادٍ، وَهَذَا هُوَ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي وَلَفْظُهُ فِيهِ:

أَرْبَعَةُ دِمَاءِ حَجٍّ تُحْصَرُ ... أَوَّلُهَا الْمُرَتَّبُ الْمُقَدَّرُ

تَمَتُّعٌ فَوْتٌ وَحَجٌّ قُرِنَا ... وَتَرْكُ رَمْيٍ وَالْمَبِيتُ بِمِنَى

وَتَرْكُهُ الْمِيقَاتَ وَالْمُزْدَلِفَهْ ... أَوْ لَمْ يُوَدِّعْ أَوْ كَمَشْيٍ أَخْلَفَهْ

نَاذِرُهُ يَصُومُ إنْ دَمًا فَقَدْ ... ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ وَسَبْعًا فِي الْبَلَدْ

فَهَذِهِ التِّسْعَةُ دَاخِلَةٌ فِي تَرْكِ النُّسُكِ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ، وَيَدَّعِي أَنَّ الْمَشْيَ الْمَنْذُورَ نُسُكٌ فَتَارِكُهُ قَدْ تَرَكَ النُّسُكَ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّحَلُّلِ) ظَرْفٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ ذَبْحُهُ إلَّا فِي عَامِ الْقَضَاءِ.

قَوْلُهُ: (الدَّمُ الْمَنُوطُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ) وَتَحْتَهُ تِسْعَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْوَاجِبَاتِ) انْدَفَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>