للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيَانُ التَّقْدِيرِ، وَأَمَّا التَّرْتِيبُ فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (شَاةٌ) مُجْزِئَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ سُبْعُ بَقَرَةٍ، وَوَقْتُ وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ إذَا فَرَغَ مِنْ الْعُمْرَةِ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ ذَبْحُهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَشَرْطُ وُجُوبِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَهُوَ مَنْ مَسْكَنُهُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْحَرَمِ، وَأَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ، وَأَنْ يَحُجَّ بَعْدَهَا فِي سَنَتِهَا وَأَنْ لَا يَعُودَ إلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ وَقَدْ بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةٌ فَعَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ.

(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) تَارِكُ النُّسُكِ شَاةً بِأَنْ عَجَزَ عَنْهَا حِسًّا بِأَنْ فَقَدَهَا أَوْ ثَمَنَهَا، أَوْ شَرْعًا بِأَنْ وَجَدَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا، أَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ أَوْ غَابَ عَنْهُ مَالُهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ وَهُوَ الْحَرَمُ، سَوَاءٌ أَقَدَرَ عَلَيْهِ بِبَلَدِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْهَدْيَ يَخْتَصُّ ذَبْحُهُ بِالْحَرَمِ وَالْكَفَّارَةُ لَا تَخْتَصُّ بِهِ (فَصِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ) بَدَلَهَا وُجُوبًا (ثَلَاثَةٌ) مِنْهَا (فِي الْحَجِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِهَذَا مَا يُقَالُ إنَّ الِاثْنَيْنِ قَبْلَهُ دَاخِلَانِ فِيهِ؛ لِأَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ وَجَبَ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ، وَدَمُ الْفَوَاتِ أَيْضًا بِتَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ وَهُوَ الْوُقُوفُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ عَلَى التَّرْتِيبِ شَاةٌ) هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَعَلَى التَّرْتِيبِ خَبَرٌ أَوَّلٌ وَشَاةٌ خَبَرٌ ثَانٍ. قَوْلُهُ: (وَالتَّقْدِيرُ) بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ قَدَّرَ مَا يُعْدَلُ إلَيْهِ وَهُوَ الصَّوْمُ بِمَا لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ إلَخْ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ إنَّمَا هِيَ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ لِوُجُوبِهِ سَبَبَيْنِ: فَرَاغُ الْعُمْرَةِ وَالْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِ سَبَبَيْهِ كَزَكَاةِ الْفِطْرَةِ.

قَوْلُهُ: (بِالْعُمْرَةِ) أَيْ بِسَبَبِ فَرَاغِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ، أَيْ مُنْتَفِعًا بِمَحْظُورَاتِهَا، أَيْ بِمَا كَانَ يَحْرُمُ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ بِهَا. وَقَوْلُهُ " إلَى الْحَجِّ " أَيْ وَيَنْتَهِي انْتِفَاعُهُ بِهَا إلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ.

قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ وُجُوبِهِ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ، إذْ شُرُوطُهُ الَّتِي ذَكَرَهَا أَرْبَعَةٌ.

قَوْلُهُ: (مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ) لَيْسَ قَيْدًا.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَعُودَ) هَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا يَجِبُ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ إلَى آخِرِهِ.

قَوْلُهُ: (إلَى الْإِحْرَامِ) لَيْسَ قَيْدًا، بَلْ لَوْ عَادَ مُحْرِمًا وَوَصَلَ إلَى الْمِيقَاتِ ثُمَّ رَجَعَ فَلَا دَمَ أَيْضًا اهـ م د.

قَوْلُهُ: (الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، فَيَكْفِيهِ الْخُرُوجُ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ إلَى أَيِّ مِيقَاتٍ وَلَوْ أَقْرَبَ مِنْ الْأَوَّلِ ق ل. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَلَمْ يَعُدْ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى مِيقَاتٍ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا ل " يَعُودَ " وَالتَّقْدِيرُ: أَنْ لَا يَعُودَ بَعْدَ مُجَاوَزَةٍ إلَخْ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا عَادَ لَا دَمَ وَهُوَ صَحِيحٌ، لَكِنْ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ " بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ " لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " أَنْ لَا يَعُودَ " أَنَّهُ جَاوَزَ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا ظَرْفًا لِقَوْلِهِ " أَحْرَمَ " أَيْ أَحْرَمَ الْمُتَمَتِّعُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ الْأَصْلِيِّ لِلْعُمْرَةِ ثُمَّ تَمَّمَ الْأَعْمَالَ لِلْعُمْرَةِ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ فِي الْحَجِّ لَزِمَهُ دَمٌ، وَإِنْ عَادَ إلَى ذَلِكَ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ فَلَا دَمَ. وَهَذَا صَحِيحٌ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَكُونُ قَاصِرًا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهِيَ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا، فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُهَا، أَيْ حَذْفُ قَوْلِهِ " بَعْدَ مُجَاوَزَةِ إلَخْ " كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ بَقِيَ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ، إذْ لَا مَعْنَى لَهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا كَمَا قَالَهُ ق ل. وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ لَهَا مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَهُوَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَهُوَ لَا دَمَ عَلَيْهِ، كَذَا بِخَطِّ الْمَيْدَانِيِّ؛ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةً، لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا التَّكْرَارُ مَعَ قَوْلِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ) أَيْ التَّقْصِيرِ بِتَرْكِهِ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ، أَيْ فَإِنْ وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَعَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ وَهُوَ دَمُ التَّمَتُّعِ؛ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي وُجُوبِهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) هَذَا هُوَ مَحَلُّ التَّرْتِيبِ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَابَ عَنْهُ مَالُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) كَتَعَذُّرِ وُصُولِهِ إلَى مَالِهِ ق ل.

قَوْلُهُ: (بَدَلَهَا) أَيْ الشَّاةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (فِي الْحَجِّ) مَحَلُّهُ فِي تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ بِالْحَجِّ وَفِي الْمُتَمَتِّعِ.

وَأَمَّا إذَا تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى أَوْ مُزْدَلِفَةَ أَوْ الرَّمْيَ وَقَدْ طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَقَدْ فَرَغَ الْحَجُّ، فَكَيْفَ يَتَأَتَّى صَوْمُهَا فِي الْحَجِّ؟ وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْمِيقَاتِ إذْ لَا حَجَّ، وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ طَوَافَ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ؛ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>