للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْحَجِّ سَادِسَ ذِي الْحِجَّةِ لَزِمَهُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ مُتَتَابِعَةً فِي الْحَجِّ لِضِيقِ الْوَقْتِ لَا لِتَتَابُعِ نَفْسِهِ، وَلَوْ فَاتَتْهُ الثَّلَاثَةُ فِي الْحَجِّ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا. وَيُفَرِّقُ فِي قَضَائِهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّبْعَةِ بِقَدْرِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَمُدَّةِ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَى أَهْلِهِ عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ كَمَا فِي الْأَدَاءِ، فَلَوْ صَامَ عَشَرَةً وِلَاءً حَصَلَتْ الثَّلَاثَةُ وَلَا يُعْتَدُّ بِالْبَقِيَّةِ لِعَدَمِ التَّفْرِيقِ.

(وَالثَّانِي الدَّمُ الْوَاجِبُ بِالْحَلْقِ وَالتَّرَفُّهِ) كَالْقَلْمِ مِنْ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ، وَتَكْمُلُ الْفِدْيَةُ فِي إزَالَةِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ أَوْ إزَالَةِ ثَلَاثَةِ أَظْفَارٍ وِلَاءً بِأَنْ اتَّحَدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ شَعْرَهَا، وَشَعْرُ سَائِرِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

السَّفَرِ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ، سم.

قَوْلُهُ: (وَيُفَرِّقُ فِي قَضَائِهَا) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْآفَاقِيِّ، أَمَّا الْمَكِّيِّ فَيُفَرِّقُ بَيْنَهَا وَلَوْ بِيَوْمٍ، سم عَلَى الْكِتَابِ. هَذَا غَيْرُ دَمِ التَّمَتُّعِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَكِّيِّ لِأَنَّهُ مِنْ حَاضِرِي الْحَرَمِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي الدَّمُ الْوَاجِبُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الرَّابِعُ فِي نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي قَوْلِهِ:

وَخَيِّرَنْ وَقَدِّرَنْ فِي الرَّابِعِ ... إنْ شِئْتَ فَاذْبَحْ أَوْ فَجُدْ بِآصُعِ

لِلشَّخْصِ نِصْفٌ أَوْ فَصُمْ ثَلَاثًا ... تَجْتَثَّ مَا اجْتَثَثْتَهُ اجْتِثَاثًا

فِي الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ وَلُبْسِ دُهْنِ ... طِيبٌ وَتَقْبِيلٌ وَوَطْءٌ ثُنِّيَ

أَوْ بَيْنَ تَحَلُّلَيْ ذَوِي إحْرَامِ ... هَذِي دِمَاءُ الْحَجِّ بِالتَّمَامِ

ق ل. فَيَجِبُ هَذَا الدَّمُ فِي ثَمَانِيَةِ أَفْرَادٍ.

قَوْلُهُ: (وَالتَّرَفُّهُ) عَطْفٌ عَامٌّ.

قَوْلُهُ: (وَتَكْمُلُ الْفِدْيَةُ إلَخْ) هَذَا إذَا أَزَالَهَا مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ أَزَالَ الْمُحْرِمُ مِنْ غَيْرِهِ الْحَلَالِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ الْمُحْرِمِ بِإِذْنِهِ أَثِمَا وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُحْرِمُ نَائِمًا أَوْ مُكْرَهًا فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْفِدْيَةَ عَلَى الْفَاعِلِ مَعَ إثْمِهِ زي مُلَخَّصًا، أج. قَوْلُهُ: (فِي إزَالَةِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ) أَيْ فَأَكْثَرَ، فَلَوْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَلَوْ مَعَ شَعْرِ بَاقِي بَدَنِهِ وِلَاءً لَزِمَتْهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ يُعَدُّ فِعْلًا وَاحِدًا، وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ إنْ أَطَاقَ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ لِتَفْرِيطِهِ فِيمَا عَلَيْهِ حِفْظُهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ؛ لِأَنَّ شَعْرَ الْمُحْرِمِ بِيَدِهِ كَالْأَمَانَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ مُتْلِفَاتِهَا. وَقَوْلُهُ " فِي إزَالَةِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ " أَوْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ بِأَنْ قَطَعَ مِنْ كُلِّ شَعْرَةٍ بَعْضَهَا.

قَوْلُهُ: (وَالْمَكَانُ) أَيْ مَكَانُ الْحَالِقِ، أَيْ الَّذِي أَزَالَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْعَنَانِيُّ الْمَنْهَجُ.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَحَلُّ الْمُزَالِ كَالرَّأْسِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، حَتَّى لَوْ أَزَالَ شَعْرَةً مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَعْرَةً مِنْ رَأْسِهِ وَشَعْرَةً مِنْ بَاقِي بَدَنِهِ فِي مَكَان وَاحِدٍ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. لَا يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ تَعَدُّدِ الْمَكَانِ تَعَدُّدُ الزَّمَانِ فَهَلَّا اكْتَفَى بِهِ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: التَّعَدُّدُ هُنَا عُرْفِيٌّ وَقَدْ يَتَعَدَّدُ الْمَكَانُ عُرْفًا وَلَا يَتَعَدَّدُ الزَّمَانُ عُرْفًا لِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِاتِّحَادِ الزَّمَانِ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا، وَبِاتِّحَادِ الْمَكَانِ أَنْ لَا يَتَعَدَّدَ الْمَكَانُ الَّذِي زَالَ فِيهِ؛ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ. وَعِبَارَةُ ح ل: وَالْمُرَادُ بِاتِّحَادِ الزَّمَانِ وُقُوعُ الْفِعْلِ عَلَى الْأَثَرِ الْمُعْتَادِ، وَإِلَّا فَالِاتِّحَادُ الْحَقِيقِيُّ مَعَ الِاتِّحَادِ فِي الْفِعْلِ مِمَّا لَا يُتَصَوَّرُ اهـ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ بِمَا إذَا أَزَالَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ مَعًا فِي مَكَان وَاحِدٍ، قَالَ ز ي: أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ مَحَلُّ الْإِزَالَةِ أَوْ زَمَنُهَا عُرْفًا فَيَجِبُ فِي كُلِّ شَعْرَةٍ أَوْ بَعْضِهَا مُدٌّ وَالظُّفْرُ كَذَلِكَ اهـ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: قَوْلُهُ " مَكَانُ الْإِزَالَةِ " قِيلَ: هُوَ الْأَرْضُ الَّتِي يَجْلِسُ فِيهَا، وَقِيلَ: مَكَانُ الشَّعْرِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ؛ وَلَوْ أَزَالَ الشَّعْرَةَ فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَكَانُ أَوْ الزَّمَانُ لَزِمَ ثَلَاثَةُ أَمْدَادٍ، وَإِنْ اتَّحَدَا فَقِيلَ فِدْيَةٌ كَامِلَةٌ وَقِيلَ مُدٌّ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَرْحُومِيِّ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ تَوَاصَلَتْ الْإِزَالَةُ فَكَالشَّعْرَةِ وَلَوْ شَقَّ الشَّعْرَةَ نِصْفَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُزِلْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>