للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وِلَايَةٌ، فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ فُضُولِيٍّ وَإِنْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. وَيَصِحُّ بَيْعُ مَالِ غَيْرِهِ ظَاهِرًا إنْ بَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ لَهُ كَأَنْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مِلْكُهُ.

وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ قُدْرَةُ تَسَلُّمِهِ فِي بَيْعٍ غَيْرِ ضِمْنِيٍّ لِيُوثَقَ بِحُصُولِ الْعِوَضِ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ ضَالٍّ كَآبِقٍ وَمَغْصُوبٍ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ لِعَجْزِهِ عَنْ تَسَلُّمِهِ حَالًا بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِقَادِرٍ عَلَى ذَلِكَ. نَعَمْ إنْ احْتَاجَ فِيهِ إلَى مُؤْنَةِ الْمَطْلَبِ فَفِيهِ يَنْبَغِي الْمَنْعُ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ تَنْقُصُ بِقَطْعِهِ قِيمَتُهُ أَوْ قِيمَةُ الْبَاقِي كَجُزْءِ إنَاءٍ أَوْ ثَوْبٍ نَفِيسٍ يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ مَا ذُكِرَ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ ذَلِكَ شَرْعًا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِيهِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْكَسْرِ أَوْ الْقَطْعِ، وَفِيهِ نَقْصٌ وَتَضْيِيعُ مَالٍ بِخِلَافِ مَا لَا يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ مَا ذُكِرَ كَجُزْءٍ غَلِيظٍ كِرْبَاسٍ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ.

وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ الْعِلْمُ بِهِ لِلْعَاقِدَيْنِ عَيْنًا وَقَدْرًا وَصِفَةً عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ حَذَرًا مِنْ الْغَرَرِ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ: أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

حِينَئِذٍ حَرَامٌ صَغِيرَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (عَقْدُ فُضُولِيٍّ) بِالْإِضَافَةِ، وَهُوَ مَنْ لَيْسَ مَالِكًا وَلَا وَكِيلًا وَلَا وَلِيًّا، وَمِثْلُ الْعَقْدِ الْحِلُّ كَطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ؛ فَلَوْ عَبَّرَ بِالتَّصَرُّفِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْحَلَبِيُّ. وَعَقْدُ الْفُضُولِيِّ بَاطِلٌ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ غَيْرِنَا مَوْقُوفٌ إنْ أَجَازَهُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ) هِيَ لِلرَّدِّ، وَعِبَارَةُ ش م ر: وَفِي الْقَدِيمِ وَحُكِيَ عَنْ الْجَدِيدِ أَنَّ عَقْدَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى رِضَا الْمَالِكِ إنْ أَجَازَهُ نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْمُعْتَبَرُ إجَازَةُ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عِنْدَ الْعَقْدِ؛ فَلَوْ بَاعَ مَالَ الطِّفْلِ فَبَلَغَ وَأَجَازَ لَمْ يَنْفُذْ.

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ، فَلَوْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.

قَوْلُهُ: (ظَاهِرًا) مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ فِي الظَّاهِرِ. وَهُوَ صِفَةٌ لِمَالٍ، أَيْ الْمَالِ الْمَمْلُوكِ لِغَيْرِهِ فِي الظَّاهِرِ، وَيَكُونُ فِي الْوَاقِعِ مِلْكًا لَهُ. وَإِنَّمَا صَحَّ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ م د. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَهُ) لَيْسَ قَيْدًا، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ، فَيَشْمَلُ مَا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَكِيلٌ بِبَيْعِ الْعَيْنِ أَوْ أَنَّهُ وَلِيٌّ عَلَى الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ لِلْبَيْعِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ.

قَوْلُهُ: (كَأَنْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ) أَوْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَبَانَ إذْنُهُ لَهُ فِيهِ ح ل.

قَوْلُهُ: (ظَانًّا حَيَاتَهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ مِثْلُهُ إذَا لَمْ يَظُنَّ بِالْأَوْلَى

قَوْلُهُ: (قُدْرَةُ تَسَلُّمِهِ) وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قُدْرَةُ التَّسْلِيمِ، وَالْمُرَادُ قُدْرَةُ تَسَلُّمِهِ يَقِينًا حَالًّا بِلَا مُؤْنَةٍ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ، فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَوْ احْتَمَلَ قُدْرَتَهُ وَعَدَمَهَا لَمْ يَجُزْ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ.

قَوْلُهُ: (غَيْرِ ضِمْنِيٍّ) أَمَّا الضِّمْنِيُّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قُدْرَةُ التَّسَلُّمِ؛ فَإِذَا قُلْت لِمَالِكِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا، فَقَالَ: أَعْتَقْته عَنْك، صَحَّ، وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى انْتِزَاعِهِ مِنْ غَاصِبِهِ؛ وَإِنَّمَا كَانَ بَيْعًا ضِمْنِيًّا لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ: بِعْنِيهِ وَأَعْتِقْهُ عَنِّي، فَإِذَا أَعْتَقَهُ عَنْهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: بِعْته لَك وَأَعْتَقْته عَنْك كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَمِثْلُ الضِّمْنِيِّ مَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْعِتْقُ كَشِرَاءِ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، أَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا، ز ي.

قَوْلُهُ: (حَالًا) أَيْ حَالَةَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (لِقَادِرٍ) أَيْ حَالًا وَمَآلًا، فَلَوْ عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ بَطَلَ، وَيَصْدُقُ فِي عَدَمِ قُدْرَتِهِ ق ل. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَجْزَ إذَا طَرَأَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (إلَى مُؤْنَةِ) أَيْ لَهَا وَقْعٌ وَإِنْ تَحَمَّلَهَا الْبَائِعُ، شَوْبَرِيٌّ. وَمِثْلُ الْمُؤْنَةِ الْكُلْفَةُ أَيْ الْمَشَقَّةُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ السَّمَكِ فِي الْبِرْكَةِ الْوَاسِعَةِ ق ل.

قَوْلُهُ: (جُزْءٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ بِالشَّخْصِ كَمِنْ هُنَا إلَى هُنَا. أَمَّا الْمُعَيَّنُ بِالْقَدْرِ وَالنِّصْفِ وَنَحْوِهِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ شَرِيكًا.

قَوْلُهُ: (نَفِيسٍ) لَمْ يَقُلْ نَفِيسَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِنَاءَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النَّفَاسَةُ، لِأَنَّ كَسْرَهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (عَنْ تَسْلِيمِ) الْمُنَاسِبُ تَسَلُّمِ كَمَا فِي خَطِّهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ " لِلْعَجْزِ إلَخْ " صِحَّةُ بَيْعِ جُزْءِ إنَاءِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَلَوْ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّ كَسْرَهَا وَاجِبٌ فَالنَّقْصُ مِنْ حَيْثُ الصِّفَةِ الْمُحَرَّمَةِ م د.

قَوْلُهُ: (وَفِيهِ) أَيْ فِي كُلِّ نَقْصٍ. قَوْلُهُ: (كِرْبَاسَ) أَيْ قُطْنٍ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وع ش. وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ مَا هُوَ أَعَمُّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (الْعِلْمُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَإِنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>