للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طَوِيلٌ وَهُوَ مَا أَشْعَرَ بِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْقَبُولِ، وَأَنْ يَتَوَافَقَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعْنًى، فَلَوْ أَوْجَبَ بِأَلْفٍ مُكَسَّرَةٍ فَقَبِلَ بِصَحِيحَةٍ أَوْ عَكْسِهِ لَمْ يَصِحَّ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عَدَمُ التَّعْلِيقِ وَالتَّأْقِيتِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ مَاتَ أَبِي فَقَدْ بِعْتُكِ هَذَا بِكَذَا أَوْ بِعْتُكَهُ بِكَذَا شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ.

وَشَرْطٌ فِي الْعَاقِدِ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ، فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا أَشْعَرَ بِإِعْرَاضِهِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ بِقَدْرِ مَا يَقْطَعُ الْقِرَاءَةَ فِي الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ، أَوْ الْقَصِيرُ إذَا قَصَدَ بِهِ الْإِعْرَاضَ بِخِلَافِ السُّكُوتِ الطَّوِيلِ لِعُذْرِ مَنْ جَهِلَ أَوْ نِسْيَانٍ فَيَضُرُّ كَالْفَاتِحَةِ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَتَوَافَقَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعْنًى) وَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقَا لَفْظًا كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك بِقِرْشٍ فَقَبِلَ بِثَلَاثِينَ نِصْفِ فِضَّةٍ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَأَنْ يَتَوَافَقَا مَعْنًى بِأَنْ يَتَّفِقَا فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَالْعَدَدِ وَالْحُلُولِ وَالْأَجَلِ وَإِنْ اخْتَلَفَ لَفْظُهُمَا صَرِيحًا وَكِنَايَةً اهـ. وَقَالَ ع ش عَلَيْهِ: قَوْلُهُ " مَعْنًى " أَيْ لَا لَفْظًا، حَتَّى لَوْ قَالَ: وَهَبْتُكَهُ بِكَذَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت أَوْ عُكِسَ صَحَّ مَعَ اخْتِلَافِ صِيغَتِهِمَا لَفْظًا اهـ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَوْجَبَ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ تُسَاوِهِ قِيمَةُ الصِّحَاحِ قِيمَةَ الْمُكَسَّرَةِ، أَمَّا إذَا تَسَاوَيَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ كَذَا قِيلَ، لَكِنْ فِي الْبِرْمَاوِيِّ وَالْحَلَبِيِّ: وَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا، وَاعْتَمَدَ كَلَامَهُمَا شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ.

قَوْلُهُ: (مُكَسَّرَةً) وَهِيَ قِطَعُ نَقْدٍ مَضْرُوبَةٍ لَا نَحْوُ أَنْصَافِ الْقُرُوشِ وَأَرْبَاعِهَا، وَقَالَ ق ل عَلَى الْمُحَلَّى: الْمُرَادُ بِالْمُكَسَّرَةِ قِطَعٌ صِغَارٌ تُقْرَضُ مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ لِشِرَاءِ الْحَوَائِجِ الصَّغِيرَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ الْقُرُوشِ.

قَوْلُهُ: (فَقَبِلَ بِصَحِيحَةٍ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَوْجَبَ بِأَلْفٍ فَقِيلَ بِأَلْفٍ مِنْ نَقْدٍ آخَرَ مُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ فِي السِّكَّةِ دُونَ الْقِيمَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ بَرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ (أَوْ عَكْسَهُ) بِالنَّصْبِ، أَيْ أَوْ كَانَ عَكْسَهُ أَوْ بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ: أَوْ حَصَلَ عَكْسُهُ، وَالْجُمْلَةُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى " أَوْجَبَ ".

قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِقَبُولِهِ مَا لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ؛ قَالَهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (عَدَمُ التَّعْلِيقِ) أَيْ الَّذِي لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ بِخِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ ك " إنْ كَانَ مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ " أَوْ " بِعْتُك إنْ شِئْت " كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَالتَّأْقِيتِ) وَلَوْ بِمَا يُبْعِدُ بَقَاءَ الدُّنْيَا إلَيْهِ كَأَلْفِ سَنَةٍ ح ل، وَعِبَارَةُ ز ي: وَعَدَمُ تَأْقِيتٍ وَلَوْ بِنَحْوِ حَيَاتِك أَوْ أَلْفِ سَنَةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّكَاحِ عَلَى مَا فِيهِ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ لِانْتِقَالِهِ لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَشَرْطٌ فِي الْعَاقِدِ) أَيْ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: اثْنَانِ لِلْعَاقِدِ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا وَهُمَا الْأَوَّلَانِ، وَالِاثْنَانِ الْآخَرَانِ خَاصَّانِ بِالْمُشْتَرِي؛ فَلِذَا أَظْهَرَ فِي مَحِلِّ الْإِضْمَارِ فِي قَوْلِهِ " وَإِسْلَامُ مَنْ يَشْتَرِي " حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَإِسْلَامُهُ، أَيْ الْعَاقِدِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَحَاصِلُ شُرُوطِهِ أَنَّ بَعْضَهَا عَامٌّ وَهُوَ الْأَوَّلَانِ، وَمِثْلُهُمَا فِي الْعُمُومِ الْإِبْصَارُ إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا. أَمَّا قَوْلُهُ " وَإِسْلَامُ " فَهُوَ مِنْ الْخَاصِّ. وَمِنْهَا عَدَمُ إحْرَامِ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ صَيْدَ بَرِّيٍّ وَحْشِيٍّ، وَعَدَمُ حِرَابَةِ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ عِدَّةَ حَرْبٍ.

وَخَرَجَ بِالْعَاقِدِ الْمُتَوَسِّطُ كَالدَّلَّالِ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فِيهِمَا بَلْ الشَّرْطُ فِيهِ التَّمْيِيزُ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ ع ش.

قَوْلُهُ: (إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبَ وَالْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْوَكِيلِ، فَإِنَّ كُلًّا غَيْرُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ لِأَنَّ كُلًّا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ وَلَا أَنْ يَتَصَدَّقَ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ. اهـ. ح ل. وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: الْمُرَادُ بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ صِحَّتُهُ وَلَوْ بِالْبَيْعِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ " إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ دُونَ الرُّشْدِ " لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَيْهِ لَا عَلَى الرُّشْدِ فَيَدْخُلُ مَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ وَدَيْنِهِ ثُمَّ بَذَّرَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ وَهُوَ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ، فَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ رَشِيدًا. وَدَخَلَ الْمُفْلِسُ إذَا عَقَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ بَيْعًا أَوْ شِرَاءً فَيَصِحُّ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَقَدَ عَلَى الْعَيْنِ. دَخَلَ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ جَرَيَانَ الْعَقْدِ مَعَهُ كَالْإِذْنِ لَهُ، وَهُوَ إذَا أَذِنَ لَهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ صَبِيٍّ إلَخْ) ثُمَّ إنْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَ مَا قَبَضَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ قَبَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ ضَاعَ عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ وَيَلْزَمُ الرَّشِيدَ رَدُّ الثَّمَنِ لِلْوَلِيِّ، وَأَمَّا إنْ قَبَضَ مِنْ غَيْرِ رَشِيدٍ فَيَضْمَنُ كُلٌّ مَا أَخَذَهُ مِنْ صَاحِبِهِ إنْ كَانَ بِغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>