غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ الْبَيْعُ مَعَ زِيَادَةِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى الْآخَرِ. وَرِبَا الْيَدِ وَهُوَ الْبَيْعُ مَعَ تَأْخِيرِ قَبْضِهِمَا أَوْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا. وَرِبَا النَّسَاءِ وَهُوَ الْبَيْعُ لِأَجَلٍ. (وَالرِّبَا حَرَامٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] وَلِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْبَيْضَاوِيُّ: وَإِنَّمَا كُتِبَ بِالْوَاوِ كَالصَّلَاةِ لِلتَّفْخِيمِ عَلَى لُغَةٍ، وَزِيدَتْ الْأَلِفُ بَعْدَهَا تَشْبِيهًا بِوَاوِ الْجَمْعِ اهـ؛ أَيْ وَالتَّفْخِيمُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ وَاوِيٌّ بِدَلِيلِ عَدَمِ الْإِمَالَةِ. وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يُكْتَبُ بِوَاوٍ كَالصَّلَاةِ وَيُكْتَبُ بَعْدَ تِلْكَ الْوَاوِ أَلِفٌ، نَحْوُ قَالُوا.
وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى رَسْمِ الْقُرْآنِ، أَمَّا رَسْمُهُ فِي غَيْرِهِ فَلَا يُرْسَمُ إلَّا بِالْأَلِفِ لِأَنَّهُ وَاوِيٌّ، وَيَجُوزُ رَسْمُهُ بِالْيَاءِ عَلَى قِلَّةٍ. وَإِنَّمَا لَمْ يُرْسَمْ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ كَالْقُرْآنِ لِخُرُوجِ الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْقَوَاعِدِ، وَقَدْ قَالُوا: خَطَّانِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِمَا: خَطُّ الْمُصْحَفِ وَخَطُّ الْعَرُوضِيِّينَ. وَيُثَنَّى بِالْوَاوِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَالْبَصْرِيِّينَ وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ بِالْيَاءِ لِأَجْلِ كَسْرَةِ الرَّاءِ؛ وَلِهَذَا قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: " الرِّبَا " بِالْإِمَالَةِ وَالْبَاقُونَ بِالتَّفْخِيمِ أَيْ عَدَمِ الْإِمَالَةِ، قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَالْوَاوُ أَوْلَى لِأَنَّهَا الَّتِي فِي رَسْمِ الْمُصْحَفِ وَتُبْدَلُ بَاؤُهُ مِيمًا فَيُمَدُّ م د.
قَوْلُهُ: (اهْتَزَّتْ) أَيْ تَحَرَّكَتْ.
قَوْلُهُ: (وَشَرْعًا إلَخْ) هَذَا ضَابِطٌ لِلرِّبَا الَّذِي تَعَاطِيهِ حَرَامٌ، فَإِنْ اخْتَلَّ قَيْدٌ مِنْ قُيُودِ التَّعْرِيفِ لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ رِبًا.
وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ " غَيْرُ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ " يَصْدُقُ بِالتَّفَاضُلِ فِي غَيْرِ مُتَّحِدِي الْجِنْسِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَلْ فِي التَّمَاثُلِ لِلْعَهْدِ أَيْ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مُتَّحِدِي الْجِنْسِ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ أَيْضًا بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ، لِأَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ مَعَ تَأْخِيرِ إلَخْ " عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، وَالتَّقْدِيرُ: أَوْ كَانَ مَعْلُومَ التَّمَاثُلِ لَكِنْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، فَيَكُونُ خَاصًّا بِمُتَّحِدِي الْجِنْسِ مِنْ الرِّبَوِيِّ، فَيَخْرُجُ عِنْدَمَا لَوْ حَصَلَ تَأَخُّرُ الْقَبْضِ لِلْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ " عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ " أَيْ عَقْدٍ وَاقِعٍ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ، أَوْ وَاقِعٍ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ. فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَقْصُودَ وَهُوَ الرِّبَوِيُّ فَيَصْدُقُ بِغَيْرِ الرِّبَوِيِّ. أُجِيبَ بِأَنَّ " أَلْ " فِي الْبَدَلَيْنِ لِلْعَهْدِ أَيْ الرِّبَوِيَّيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: التَّعْرِيفُ مَعَ ذَلِكَ لَا يَصْدُقُ بِالْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ رِبَا الْفَضْلِ وَالثَّانِي رِبَا الْيَدِ. أُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ " أَيْ قَبْضًا أَوْ اسْتِحْقَاقًا، فَيَصْدُقُ بِرِبَا النَّسَاءِ. وَعِبَارَةُ سم: قَوْلُهُ " عَقَدَ إلَخْ " هَذَا الْحَدُّ غَيْرُ جَامِعٍ، إذْ يَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَوْ أَجَلًا الْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ لِقِصَرِ الْأَجَلِ أَوْ لِلتَّبَرُّعِ بِالْإِقْبَاضِ مَعَ أَنَّ فِيهِ الرِّبَا. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْخِيرِ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَعَمُّ مِنْ تَأْخِيرِ اسْتِحْقَاقِ الْقَبْضِ أَوْ تَأْخِيرِ نَفْسِ الْقَبْضِ اهـ. قَوْلُهُ: (مَخْصُوصٍ) وَهُوَ النَّقْلُ وَالْمَطْعُومُ.
قَوْلُهُ: (فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ) وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ. وَالتَّعْرِيفُ يَصْدُقُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ: بِأَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ التَّمَاثُلِ، أَوْ مَعْلُومَ التَّفَاضُلِ، أَوْ مَعْلُومَ التَّمَاثُلِ لَا فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ كَقِنْطَارِ بُرٍّ بِقِنْطَارِ بُرٍّ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَعَ تَأْخِيرِ) أَيْ أَوْ وَاقِعٌ مَعَ تَأْخِيرٍ أَيْ قَبْضًا، وَهُوَ رِبَا الْيَدِ، أَوْ اسْتِحْقَاقًا وَهُوَ رِبَا النَّسَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعُ. قَوْلُهُ: (رِبَا الْفَضْلِ) وَلَا يَكُونُ إلَّا فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ، وَأَمَّا الْقِسْمَانِ الْآخَرَانِ فَيَكُونَانِ فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ وَمُخْتَلِفِهِ.
قَوْلُهُ: (وَرِبَا الْيَدِ) نُسِبَ إلَيْهَا لِعَدَمِ الْقَبْضِ بِهَا أَصَالَةً.
قَوْلُهُ: (وَرِبَا النَّسَاءِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمَدِّ، أَيْ الْأَجَلِ؛ بِمَعْنَى اشْتِمَالِ الْعَقْدِ عَلَى الْمُدَّةِ وَإِنْ قَصُرَتْ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ رِبَا الْقَرْضِ، كَأَنْ يُقْرِضَهُ مَقَاصِيصَ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا دِيوَانِيَّةٌ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبًا» وَيُمْكِنُ رَدُّهُ لِرِبَا الْفَضْلِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ اهـ ش فِي الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: «لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا» إلَخْ فَإِنْ قُلْت: الرِّبَا اسْمٌ لِلْعَقْدِ وَالْعَقْدُ لَا يُؤْكَلُ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَهُ عَلَى حَذْفِ