للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِقْرَاضُ وَجَعْلُهُ عِوَضًا فِي نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ، فَلَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْبَيْعِ ضَعْفُ الْمِلْكِ، وَيَصِحُّ الْإِعْتَاقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَسَوَاءٌ أَكَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ أَمْ لَا لِقُوَّتِهِ، وَضَعْفُ حَقِّ الْحَبْسِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْوَقْفِ كَالْعِتْقِ وَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ كَالْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ وَهُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَمَانَةٌ كَوَدِيعَةٍ وَمُشْتَرَكٍ وَقِرَاضٍ وَمَرْهُونٍ بَعْدَ انْفِكَاكِهِ وَمَوْرُوثٍ وَبَاقٍ فِي يَدِ وَلِيِّهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَى ذَلِكَ.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ.

وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَبَيْعُهُ لِلْبَائِعِ كَغَيْرِهِ) وَمَحَلُّ مَنْعِ بَيْعِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِ الْمُقَابِلِ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ، أَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ تَفَاوُتِ صِفَةٍ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ بِعَيْنِ الْمُقَابِلِ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ أَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَيَصِحُّ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ بِإِيضَاحٍ.

قَوْلُهُ: (وَالْإِجَارَةُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَيْعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ سَائِرُ الْعُقُودِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ. قَوْلُهُ: (وَالصَّدَاقُ) أَيْ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَيَرْجِعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ.

وَعِبَارَةُ م ر: " وَالصَّدَقَةُ " بَدَلُ الصَّدَاقِ، وَهِيَ أَوْلَى فَلَعَلَّهُ مِنْ تَحْرِيفِ النَّاسِخِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ فِي قَوْلِهِ " وَجَعْلُهُ عِوَضًا فِي نِكَاحٍ ". وَيُمْكِنُ أَنَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ عِوَضًا عَنْ صَدَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَجُوزُ وَالصَّدَاقُ عَلَى حَالِهِ بِذِمَّتِهِ.

وَصُورَتُهُ: أَنْ يَجْعَلَ لِزَوْجَتِهِ صَدَاقًا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يَجْعَلَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ الصَّدَاقِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَجَعَلَهُ عِوَضًا عَنْ مَهْرٍ مُسَمًّى فِي نِكَاحٍ وَالصَّدَاقُ فِي الْأُولَى صُورَتُهُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ صَدَاقًا لِزَوْجَتِهِ؛ فَلَا تَكْرَارَ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) كَالْعَارِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْبَيْعِ) أَيْ فِي مَنْعِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الْإِعْتَاقُ) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ كَفَّارَتِهِ لَا عَنْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَا يَجُوزُ إعْتَاقُهُ عَلَى مَالٍ وَلَا عَنْ كَفَّارَةِ الْغَيْرِ.

قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ أَكَانَ إلَخْ) يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِمَا لَا يَصِحُّ وَلِمَا يَصِحُّ ق ل.

قَوْلُهُ: (حَقُّ الْحَبْسِ) بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا وَلَمْ يَقْبِضْهُ، وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْمَبِيعِ بِالْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْوَقْفِ لَا بِالتَّزْوِيجِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي مَفْهُومِ الْمَتْنِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ، وَسَيَأْتِي مُقَابِلُ الْمُعَيَّنِ فِي قَوْلِهِ: وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ إلَخْ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَوْ فَتْحِهَا وَعَلَى الثَّانِي، فَ " مَا " مَوْصُولَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ) أَيْ مِمَّا لَا يُضْمَنُ بِعَقْدٍ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (أَمَانَةٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الْمَغْصُوبُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ضَمِنَ ضَمَانَ عَقْدٍ كَالْمَبِيعِ وَالصَّدَاقِ فِي يَدِ الزَّوْجِ لَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَمَا ضَمِنَ ضَمَانَ يَدٍ كَمُعَارٍ وَمُسْتَامٍ أَوْ لَمْ يَضْمَنْ أَصْلًا كَمُودَعٍ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ.

وَمَعْنَى ضَمَانِ الْعَقْدِ الضَّمَانُ بِالْمُقَابَلِ كَالْمَبِيعِ يُضْمَنُ بِالثَّمَنِ، وَضَمَانُ الْيَدِ الضَّمَانُ بِالْبَدَلِ الشَّرْعِيِّ أَعْنِي الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ انْفِكَاكِهِ) أَوْ قَبْلَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ. قَوْلُهُ: (وَمَوْرُوثٍ) أَيْ كَانَ لِلْمُوَرِّثِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِأَنْ كَانَ اشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ، أَمَّا لَوْ كَانَ اشْتَرَى شَيْئًا وَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ مُوَرِّثِهِ وَالْمَوْرُوثُ لَيْسَ أَمَانَةً، فَالتَّمْثِيلُ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ) أَيْ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُ إقَالَةً وَإِلَّا صَحَّ. وَمِثْلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَهَذَانِ مِنْ الْمُثَمَّنِ وَمِثْلُهُمَا مِنْ الثَّمَنِ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ وَالرِّبَوِيُّ الْمَبِيعُ بِرِبَوِيٍّ آخَرَ، وَمِثْلُهَا الْأُجْرَةُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ؛ فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ لَا يَجُوزُ فِيهَا الِاعْتِيَاضُ وَلَا الْبَيْعُ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ " أَيْ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، أَمَّا مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ لَهُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ فَيَكُونُ إقَالَةً. وَقَوْلُهُ " وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ " أَيْ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ عَادَةُ الْفُقَهَاءِ يُعَبِّرُونَ عَنْ الْبَيْعِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَلِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِالِاسْتِبْدَالِ أَوْ الِاعْتِيَاضِ. وَهَذَا، أَعْنِي قَوْلَهُ " وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ " فِيهِ تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا ابْتَاعَهُ إلَخْ، فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْطُوقِ، فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى التَّكَلُّمِ عَلَى الْمَفْهُومِ بِقَوْلِهِ: وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>