للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَاكِمِ أَوْ حَالَ تَوْكِيلِهِ أَوْ عُذْرِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ بِالْفَسْخِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَلَفُّظٌ بِالْفَسْخِ وَعَلَيْهِ تَرْكُ اسْتِعْمَالٍ لَا تَرْكُ رُكُوبٍ مَا عَسُرَ سَوْقُهُ وَقَوْدُهُ، فَلَوْ اسْتَخْدَمَ رَقِيقًا أَوْ تَرَكَ عَلَى دَابَّةٍ سَرْجًا أَوْ إكَافًا فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ لِإِشْعَارِ ذَلِكَ بِالرِّضَا بِالْعَيْبِ.

وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ سَقَطَ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ لِإِضْرَارِهِ بِالْبَائِعِ. ثُمَّ إنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ الْبَائِعُ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِلَا أَرْشٍ لِلْحَادِثِ أَوْ قَنَعَ بِهِ بِلَا أَرْشٍ لِلْقَدِيمِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْبَائِعُ، فَإِنْ اتَّفَقَا فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ عَلَى فَسْخٍ أَوْ إجَازَةٍ مَعَ أَرْشٍ لِلْحَادِثِ أَوْ الْقَدِيمِ فَذَاكَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا أُجِيبَ طَالِبُ الْإِمْسَاكِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشْتَرِي أَمْ الْبَائِعُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْرِيرِ الْعَقْدِ. أَمَّا الرِّبَوِيُّ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْفَسْخُ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي إعْلَامُ الْبَائِعِ فَوْرًا بِالْحَادِثِ مَعَ الْقَدِيمِ لِيَخْتَارَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (أَوْ حَالَ تَوْكِيلِهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلشَّهَادَةِ، وَإِلَّا فَيَكْفِي. قَوْلُهُ: (أَوْ عُذْرِهِ) ، أَيْ وَعَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِي حَالِ وُجُودِهِ وَالْمُرَادُ تَحَرِّي ذَلِكَ. فَالْإِشْهَادُ فِي كَلَامِهِ أَرَادَ بِهِ الْأَعَمَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ وَتَحَرِّيهِ ح ل. فَالتَّحَرِّي فِي الْعُذْرِ فَقَطْ وَعَدَمُ التَّحَرِّي فِي غَيْرِهِ، فَإِذَا سَارَ فِي طَرِيقِهِ لِيَرُدَّ الْمَبِيعَ وَرَأَى شُهُودًا أَشْهَدَهُمْ عَلَى الْفَسْخِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمْ فِي طَرِيقِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَحَرِّيهِمْ وَالتَّفْتِيشُ عَلَيْهِ لِلْإِشْهَادِ كَمَا فِي م ر وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَكَذَا فِي حَالِ تَوْكِيلٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ مَعْذُورًا بِالْغَيْبَةِ أَوْ الْخَوْفِ أَوْ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحَرِّي الْإِشْهَادِ وَلَوْ حَالَةَ تَوْكِيلِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَحَرِّي الْإِشْهَادِ بَلْ يَذْهَبُ لِيَرُدَّ، فَإِنْ وَجَدَ فِي طَرِيقِهِ مَنْ يُشْهِدُهُ أَشْهَدَ وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ إلَخْ) إذْ يَبْعُدُ لُزُومُ الْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ سَامِعٍ فَيُؤَخِّرُهُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عِنْدَ الْمَرْدُودِ إلَيْهِ أَوْ الْحَاكِمِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَقَوْدُهُ) أَيْ سَحْبُهُ بِنَحْوِ اللِّجَامِ وَالْمِقْوَدِ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ اسْتَخْدَمَ) أَيْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَخْدُمَهُ كَقَوْلِهِ: نَاوِلْنِي كَذَا، وَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ، وَمِثْلُ اسْتِخْدَامِهِ خِدْمَتُهُ كَأَنْ أَعْطَاهُ كُوزًا مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَأَخَذَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرُدَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ أَخْذِ السَّيِّدِ لَهُ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا، لِأَنَّ وَضْعَهُ فِي يَدِ السَّيِّدِ كَوَضْعِهِ فِي الْأَرْضِ، شَرْحُ م ر مَعَ تَغْيِيرٍ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " فَلَوْ اسْتَخْدَمَ " أَيْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ، فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ فَلَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ تَرَكَ عَلَى دَابَّةٍ سَرْجًا) أَيْ وَلَوْ مِلْكًا لِلْبَائِعِ، أَوْ اشْتَرَاهُ مَعَهَا؛ شَرْحُ م ر، خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ، بِخِلَافِ اللِّجَامِ لِتَوَقُّفِ حِفْظِهَا عَلَيْهِ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ نَزْعُ السَّرْجِ أَوْ الْإِكَافِ يَضُرُّهَا، كَأَنْ عَرِقَتْ وَخَشِيَ مِنْ النَّزْعِ تَعَيُّبَهَا، وَكَذَا لَوْ تَرَكَهُ لِمَشَقَّةِ حَمْلِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ لَا يَلِيقُ بِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يُعْذَرُ فِي مِثْلِهِ لِجَهْلِهِ، شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا. قَوْلُهُ: (أَوْ إكَافًا) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا مَا تَحْتَ الْبَرْذعَةِ وَقِيلَ نَفْسَهَا م ر

قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ) أَيْ لَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبُهُ ح ل.

قَاعِدَةٌ: كُلُّ عَيْبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ عَلَى الْبَائِعِ يَمْنَعُ الرَّدَّ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَلَا رَدَّ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ،. اهـ. مُنَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (سَقَطَ الرَّدُّ) أَيْ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْبَائِعِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ مِنْ حَيْثُ التَّرَوِّي أَيْ التَّشَهِّي، فَلَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ مَعَ جَهْلِ الْبَائِعِ بِالْحَادِثِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ كَانَ لَهُ فَسْخُ هَذَا الْفَسْخِ ح ل. وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ " فَلَوْ رَدَّهُ " أَيْ مَا لَمْ يَحْدُثْ عَيْبٌ جَدِيدٌ.

قَوْلُهُ: (رَدَّهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَنَعَ) أَيْ الْمُشْتَرِي لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَرْضَ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ: إنْ رَضِيَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ) أَيْ الَّذِي بِيعَ بِجِنْسِهِ لَا مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (مَعَ أَرْشِ لِلْحَادِثِ) يَرْجِعُ لِلْفَسْخِ. وَقَوْلُهُ: " أَوْ الْقَدِيمُ " يَرْجِعُ لِلْإِجَازَةِ، بِأَنْ يَغْرَمَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَرْشَ الْحَادِثِ وَيَفْسَخُ أَوْ يَغْرَمُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَرْشَ الْقَدِيمِ وَلَا يُفْسَخُ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالْآخَرُ الْإِجَازَةُ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الرِّبَوِيُّ) أَيْ الَّذِي بِيعَ بِجِنْسِهِ.

قَوْلُهُ: (فَيَتَعَيَّنُ) وَإِلَّا كَانَ رِبًا. قَوْلُهُ: (مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ) أَيْ لِلْبَائِعِ، وَيَمْتَنِعُ إمْسَاكُهُ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا، بِخِلَافِ رَدِّهِ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ إذْ لَا مُفَاضَلَةَ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ فِي الْبَيْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>