للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ أَخَّرَ إعْلَامَهُ بِلَا عُذْرٍ فَلَا رَدَّ لَهُ وَلَا أَرْشَ عَنْهُ لِإِشْعَارِ التَّأْخِيرِ بِالرِّضَا بِهِ وَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ بِدُونِهِ كَكَسْرِ بَيْضِ نَعَامٍ وَجَوْزٍ وَتَقْوِيرِ بِطِّيخٍ مُدَوِّدٍ بَعْضُهُ رُدَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ لِلْحَادِثِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهِ.

وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَا يُظَنُّ حُصُولُهُ بِالتَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ فَهُوَ التَّصْرِيَةُ وَهِيَ أَنْ يَتْرُكَ الْبَائِعُ حَلْبَ النَّاقَةِ أَوْ غَيْرِهَا عَمْدًا قَبْلَ بَيْعِهَا لِيَتَوَهَّمَ الْمُشْتَرِي كَثْرَةَ اللَّبَنِ فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، فَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ بَدَلَ اللَّبَنِ الْمَحْلُوبِ وَإِنْ قَلَّ اللَّبَنُ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُصَرَّاةُ تَعَدَّدَ الصَّاعُ بِعَدَدِهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى رَدِّ غَيْرِ الصَّاعِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِتَمَاثُلِهِمَا فِيهِ؛ وَإِنَّمَا الْعَيْبُ الْحَادِثُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ كَعَيْبِ الْمَأْخُوذِ عَلَى جِهَةِ السَّوْمِ فَعَلَيْهِ غُرْمُهُ. قَوْلُهُ: (لِيَخْتَارَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ الْفَسْخِ وَأَخْذُ الْأَرْشِ لِلْحَادِثِ أَوْ الْإِجَازَةِ وَدَفْعُ أَرْشِ الْقَدِيمِ. قَوْلُهُ: (فَلَا رَدَّ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " فَلَا رَدَّ " لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ فَلَا رَدَّ قَهْرًا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا رَدَّ قَهْرًا وَإِنْ بَادَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ لَا رَدَّ وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ جَازَ، فَهَذَا أَوْلَى. وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّفْيَ لِمَجْمُوعِ الرَّدِّ وَالْأَرْشِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ فَلَا أَرْشَ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ " سَقَطَ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ " أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْقَدِيمُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْجَدِيدِ فَيُرَدُّ لِلْعُذْرِ.

قَوْلُهُ: (لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ بِدُونِهِ) فَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْقَدِيمِ بِأَقَلَّ مِمَّا أَحْدَثَهُ كَتَقْوِيرِ بِطِّيخٍ حَامِضٍ يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ حُمُوضَتِهِ بِغَرْزِ شَيْءٍ فِيهِ وَكَتَقْوِيرِ كَبِيرٍ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِصَغِيرٍ يَسْقُطُ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَمِثْلُ تَقْوِيرِ الْبِطِّيخِ الْمَذْكُورِ تَقْوِيرُ الرُّمَّانِ.

وَلَوْ اشْتَرَى نَحْوَ بَيْضٍ أَوْ بِطِّيخٍ كَثِيرٍ فَكَسَرَ وَاحِدَةً فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً لَمْ يَتَجَاوَزْهَا لِثُبُوتِ مُقْتَضَى الرَّدِّ بِذَلِكَ، لِمَا يَأْتِي مِنْ امْتِنَاعِ رَدِّ الْبَعْضِ فَقَطْ؛ فَإِنْ كَسَرَ الثَّانِيَةَ فَلَا رَدَّ لَهُ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ، أَيْ سَوَاءٌ وَجَدَهَا مَعِيبَةً أَوْ سَلِيمَةً لِوُقُوفِهِ عَلَى الْعَيْبِ الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ بِالْأَوَّلِ فَكَانَ الثَّانِي عَيْبًا حَادِثًا، شَرْحُ م ر.

فَرْعٌ: شَخْصٌ اشْتَرَى بَقَرَةً مَثَلًا وَذَبَحَهَا فَرَأَى لَحْمَهَا مُنْتِنًا، فَيَنْظُرُ إنْ كَانَ يَظْهَرُ هَذَا الْعَيْبُ بِغَيْرِ الذَّبْحِ وَذَبَحَهَا رَدَّهَا وَغَرِمَ أَرْشَ النَّقْصِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِالذَّبْحِ رَدَّهَا وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ،. اهـ. زِيَادِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بَيْضِ نَعَامٍ) خَرَجَ بَيْضُ غَيْرِ النَّعَامِ، فَلَا رَدَّ لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْبَيْعِ لِوُرُودِهِ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَكَذَا إذَا كَانَ الْبِطِّيخُ مُدَوِّدًا كُلُّهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ " كَكَسْرِ بَيْضِ نَعَامٍ " أَيْ ثَقْبِهِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يُعْرَفُ أَيْ فِي الْعُرْفِ لَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (بِطِّيخٍ) بِكَسْرِ " الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا، وَبَعْضُ أَهْلِ الْحِجَازِ يَجْعَلُ الطَّاءَ مَكَانَ الْبَاءِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ مَا هُوَ مَكْسُورٌ: وَتَقُولُ هُوَ الْبِطِّيخُ وَالطَّبِيخُ وَالْعَامَّةُ تَفْتَحُ الْأَوَّلَ، وَهُوَ غَلَطٌ لِفَقْدِ فَعِيلٍ بِالْفَتْحِ. اهـ. مُنَاوِيٌّ عَلَى الشَّمَائِلِ.

قَوْلُهُ: (مُدَوِّدٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَبَعْضُهُ فَاعِلٌ. وَخَرَجَ بَيْضُ غَيْرِ النَّعَامِ، فَلَا رَدَّ لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْبَيْعِ لِوُرُودِهِ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، بِخِلَافِ بَيْضِ النَّعَامِ فَإِنَّ قِشْرَهُ مُتَقَوِّمٌ. وَخَرَجَ الْمُدَوِّدُ كُلُّهُ، فَكَذَلِكَ لَا رَدَّ. اهـ. مَدَابِغِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ التَّصْرِيَةُ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ مَا يُظَنُّ حُصُولُهُ بِالتَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ هُوَ كَثْرَةُ اللَّبَنِ لَا التَّصْرِيَةُ، إذْ التَّصْرِيَةُ هِيَ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ " فَهُوَ التَّصْرِيَةُ " أَيْ فَهُوَ مُسَبَّبُ التَّصْرِيَةِ.

قَوْلُهُ: (عَمْدًا) لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ حُصُولُ الضَّرَرِ، مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِيُتَوَهَّمَ) فِي نُسْخَةٍ: لِيُوهِمَ.

قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) فَإِنْ قُلْت: اللَّبَنُ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَتَلَفُ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يَمْنَعُ رَدَّ الْبَاقِي وَقِيَاسُهُ مَنْعُ رَدِّ الْمُصَرَّاةِ؟ قُلْت: صَدَّ عَنْ ذَلِكَ وُرُودُ الْأَخْبَارِ بِالرَّدِّ فَوَجَبَ اتِّبَاعُهَا، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً) وَلَوْ نَحْوُ أَرْنَبٍ أَوْ بِنْتِ عُرْسٍ وَيَنْتَفِعُ بِلَبَنِهَا بِإِضَافَتِهِ إلَى الْأَكْحَالِ وَالشِّشْمِ.

قَوْلُهُ: (رَدَّ مَعَهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِالتَّصْرِيَةِ بَلْ بِعَيْبٍ آخَرَ. قَوْلُهُ: (الْمَحْلُوبِ) مِثْلُ حَلَبَهُ مَا لَوْ شَرِبَهُ الْوَلَدُ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ نَزَلَ عَلَى الْأَرْضِ، ح ل وسم.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَلَّ اللَّبَنُ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُتَمَوَّلًا وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِصَاعٍ م ر.

قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ رَدُّ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ. قَوْلُهُ: (عَلَى رَدِّ غَيْرِ صَاعٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى غَيْرِ رَدِّ الصَّاعِ لِيَشْمَلَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>