٣٨١ ولم تزل أمور «١» الصين مستقيمة الأحوال إلى سنة أربع وستّين ومائتين «٢» ، فإنّه ظهر فيهم رجل من غير بيت المملكة يسمّى يانشو، فاجتمع إليه أهل الدعارة «٣» والشّرّ، فافتتح مدينة خانفو، وهي من كبار مدائنها وفيها أخاليط الناس من كلّ ملّة، فاستباحها بما فيها، وكان مذهبه الإفساد لأنّه لم يكن من بيت المملكة فيطمع فيها. فانتهى من قتل فيها مائتا ألف «٤» ، وإنّما حصي ذلك لأنّ ملوك «٥» الصين تحصي من في مملكتها من الأمم وتتعاهد ذلك وتضمّه في دواوين لها، وعلى ذلك قوم مرتّبون لا يشتغلون بسواه. ولم يزل أمره ظاهرا حتّى استولى على دار المملكة بعد أن هزم الملك مرارا. ونجا الملك إلى مدينة خانفو- وهي مدينته استباحها يانشو القائم على الملك أوّلا- فالتقى الفريقان، فكانت الحرب بينهما سجالا نحوا من سنة، ثمّ فقد يانشو، ويقال إنّه أحرق، ثمّ رجع الملك إلى دار مملكته.
٣٨٢ وهم يسمّونه بغبور «٦» وتفسير ذلك ابن السّماء، أي إنّما أنزل من السّماء فولينا، والعرب تسمّيه المغبون مكان تسمّيه أولئك ببغبور «٧» ، وربّما تقارب اللّفظان أي المغبون في دينه. وتغلّب رأس كلّ ناحية من بلاد الصين على ناحيته كتغلّب ملوك الطوائف حين قتل الإسكندر [دارا ملك الفرس]«٨» وكنحو «٩» ما نحن بسبيله. فرضي ملك الصين منهم بالطاعة، وأغار كلّ فريق منهم على من يليه، فعدم انتظام ملكهم إلى الآن.