أقداحا، وقدمت إليهن سكاكين نصبها «١» جوهر. فقالت لهن: اقطعن من هذه الفاكهة، وقيل إن الذي كان بين أيديهن اترج وهو المتكأ، فلمّا أخذن في شربهن، قالت لهن: قد بلغني ما خضتنّ فيه من أمري مع عبدي. قلن لها:
الأمر كما بلغك لأنك أعلى قدرا من هذا وأنت تجلّين «٢» عن أولاد الملوك، فكيف رضيت بغلامك؟ فقالت: لم يبلغكن الصدق عني، ولو كان لكان أهلا لذلك. ثم ارسلت الى المواشط في اخراجه ورفعت ستور المجلس الذي يحاذي مجلسها وأقبل يوسف خارجا منه مستقبلا للشمس. فأشرق المجلس وما فيه (من وجه)«٣» يوسف وما عليه، وأرسل ذلك شعاعا كاد أن يخطف أبصارهن، وأقبل يوسف والمذبّة معه وهن يرمقنه حتى وقف على رأسها يذبّ عنها، وهي تخاطبهن وهن لا يفهمن خطابها «٤» للذي أذهلهن من النظر اليه، فقالت: ما لكنّ قد اشتغلتن عن خطابي بالنظر الى عبدي؟
٩٨٠ قلن لها: معاذ الله، ما هذا عبدك «٥» وما هذا الّا ملك كريم. ولم تبق منهن واحدة الا حاضت وأنزلت شهوة من محبته. فقالت لهن زليخا عند ذلك:
فهذا الذي لمتنّني فيه. فقلن: ما ينبغي لأحد أن يلومك بعدها، ومن لامك فقد ظلمك فدونكه. قالت: قد فعلت فأبى عليّ فخاطبنه لي. فكانت كل واحدة منهن تخاطبه وتدعوه سرا الى نفسها وتبذل له، وهو يمتنع منها. فإذا يئست منه لنفسها خاطبته لزليخا ووعدته (بالحظوة والرفعة)«٦» والأموال فيقول: ما لي بذلك من حاجة فلما رأين ذلك أجمعن «٧» على أخذه غصبا، فقالت زليخا: لا يحسن ذلك ولا يقع موقعا، ولكنه ان لم يفعل لأمنعنّه اللذات ولأسجنّنه. فقال يوسف عليه السلام: ربّ السجن أحب إليّ مما تدعونني اليه. وأقسمت «٨» بإلاهها- وكان صنما من زبرجد أخضر باسم