مساكنهم، وهم يصيدون (الطير من)«١» السّمانى وغيرها على أبواب دورهم بشباك يمدونها على سككهم. وقد ذكرنا في أخبار مصر خبر الأكوام التي بتنّيس وأن تنّيس كانت جزيرة عظيمة وكانت كثيرة الجنّات «٢» والمتنزهات والقصور فغلب الماء على أكثرها. وقد (زعم قوم)«٣» أنها كانت مقسومة بين ملكين من ولد ابرويت «٤» بن مصريم «٥» وكان أحدهما مؤمنا والآخر كافرا.،
فأنفق المؤمن ماله في وجوه البر حتى باع من أخيه الكافر حصّته من تنّيس، فزاد فيها غروسا «٦» فجرّ فيها أنهارا وبنى مصانع، واحتاج أخوه الى ما في يده، فمنعه وسطا «٧» بماله وحشمه عليه وحقره لفقره. فقال له أخوه: فما أراك شاكرا لله تعالى «٨» على ما رزقك ويوشك أن ينتزع ذلك منك ويغير نعمته عندك «٩» . فأرسل الله على جناته ومصانعه الماء فأصبحت خاوية على عروشها. فهما اللذان عنى الله تعالى بقوله في سورة الكهف «١٠» . فتركب السفن من جزيرة تنّيس الى الفرما، وهي مدينة جليلة كثيرة الخير وهي في الساحل. ويذكر أن هاجر أمّ إسماعيل من قرية من قراها تسمّى أمّ العرب وهي على مقربة منها.
١٠٤٢ والفرما قديمة البناء، ويذكر أهل مصر أنّه كان منها طريق الى جزيرة قبرس في البرّ فغلب عليه البحر، وكان فيما غلب عليه البحر مقطع الرخام المجزّع الأبيض. وقال يحيى بن عثمان: أرابط «١١» بالفرما وبينها وبين البحر قريب من يوم يخرج المرابطون الى ساحله فيقيمون «١٢» عليه، ثم غلب البحر على ذلك كله. فالفرما اليوم على البحر، فصار ما بين الفرما والقلزم هو الحاجز الذي ذكره الله تعالى (في كتابه فقال)«١٣» : وجعل بين البحرين حاجزا «١٤» ، وهما