وخرج الرجل على فرس له وحمل إدريس على فرس آخر فمضى به في الطريق الغامضة) «١» وهي مسيرة أيّام حتّى تقدّما الرفقة وأقاما ينتظرانها حتّى وردت. فركب إدريس مع راشد حتّى إذا قربا من إفريقية تركا دخولها وسارا في بلاد البربر حتّى انتهيا إلى بلاد فاس وطنجة. فأقام إدريس بين ظهراني البربر حتّى انتهى إلى الرشيد خبره. فكرّبه وشكا ذلك «٢» إلى يحيى بن خالد البرمكي فقال: أنا أكفيك خبره «٣» يا أمير المؤمنين. فأرسل إلى سليمان بن حريز الجزري، وهو رجل من ربيعة وكان متكلّما من يرى رأي الزيدية وكان حلوا شجاعا أحد شياطين الانس وكانت له إمامة في الزيدية إذ كان متكلّمهم «٤» ، وهو الّذي جمع الرشيد بينه وبين هشام بن الحكم حين ناظره في الإمامة.
١٣٤٠ فأرغبه يحيى بن خالد في مال ووعده عن نفسه وعن الخليفة بمواعد عظيمة ودعاه إلى قتل إدريس والتلطّف في ذلك. فأجابه، فأجابه، فأعطاه مالا جزلا ووجّه معه رجلا يثق به وبشجاعته ودفع إلى سليمان قارورة فيها غالية مسمومة، فانطلق مع صاحبه فلم يزالا يتغلغلان حتّى وصلا إلى إدريس، وكان إدريس عالما بسليمان ورئاسته في الزيدية. فلمّا وصل إليه قال: إنّما جئت إليك وحملت نفسي على ما حملتها عليه لمذهبي الّذي تعرفني به، وإنّ السلطان طلبني لمحبّتي في الخروج معكم أهل البيت، فجئتك لآمن في ناحيتك «٥» وأنصرك بنفسي. فسرّه قوله وقبله وأحسن مثواه وأكرم نزله وأنس به. وكان سليمان يجلس في مجالس البربر ويظهر الدعاء إلى ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويحتجّ لأهل هذه المقالة كاحتجاجه بالعراق، فأعجب ذلك إدريس منه فمكث