أدمة الوجه ناصع بياض الجسم طويل اللحية، وكان يلبس السراويل والملحفة ولا يلبس القميص، ولا يعتمّ إلّا في الحرب ولا يعتمّ أحد في بلده إلّا الغرباء، وكان يجمع جنده وحشمه في كلّ عام ويظهر أنّه يغزو من حوله، فتهاديه القبائل وتستألفه، فإذا استوعب هداياهم وألطافهم فرّق أصحابه وسكنت حركته. فملك في دعة اثنتين وأربعين سنة ودفن بأمسلاخت وبها قبره. وولي بعده من بنيه ابنه أبو منصور عيسى بن أبي غفير، وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، وذلك سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، فسار بسيرة آبائه ودان بديانتهم واشتدّت شوكته وعظم سلطانه «١» . وكان أبوه قد وصّاه قبل «٢» موته بموالاة صاحب الأندلس، (وكذلك يوصّي جميعهم المرشّح للملك بعده. قال زمّور)«٣» : وقال له: يا بنيّ أنت سابع الأمراء من أهل بيتك، وأرجو أن يأتيك صالح بن طريف كما وعد. انتهى كلام زمّور.
١٣٧٤ وقال أبو العبّاس فضل بن مفضّل بن «٤» عمرو المدحجي: إنّ يونس القائم بدين برغواطة أصله من شدونة من وادي بربط، وكان قد رحل إلى المشرق في عام «٥» واحد مع عبّاس بن ناصح وزيد «٦» بن سنان الزناتي صاحب الواصلية «٧» وبرغوت بن سعيد التراري وجدّ «٨» بني عبد الرزّاق ويعرفون ببني وكيل الصفرية، ومناد صاحب المنادية المنسوب إليه القلعة المعروفة بالمنادية قريبا من سجلماسة وآخر ذهب عنّي اسمه. فأربعة منهم فقهوا في الدّين وادّعى ثلاثة منهم النبوّة، منهم يونس صاحب برغواطة. قال:
وكان يونس شرب دواء الحفظ فلقن «٩» كلّ ما سمع حفظه، وطلب علم النجوم والكهانة والجانّ ونظر في الكلام والجدال، وأخذ ذلك من غيلان.