ثمّ انصرف يريد الأندلس، فنزل بين هؤلاء القوم من زناتة، فلمّا رأى جهلهم استوطن ببلدهم، وكان يخبرهم بأشياء قبل كونها ممّا تدلّ عليه النجوم عندهم فتكون على ما يقول أو قريبا منه، فعظم عندهم. فلمّا رأى ذلك منهم وعرف ضعف حلومهم وسخافة «١» عقولهم أظهر ديانته ودعا إلى نبوّته، وسمّى من اتّبعه بربطي «٢» لما كان من بربط «٣» ، ثمّ أحالوه بألسنتهم وردّوه إلى لغتهم فقالوا: برغواطي.
١٣٧٥ قال فضل بن مفضّل: وقال سعيد بن هشام المصمودي في وقعة بهت قصيدة «٤» طويلة اخترنا منها أبياتا [وافر] :
قفي قبل التفرّق فاخبرينا ... وقولي واخبري خبرا مبينا
هموم برابر خسروا «٥» وضلّوا ... وخابوا لا سقوا ماء معينا
ألايم أمّة هلكت وضلّت «٦» ... وزاغت عن سبيل المسلمينا
يقولون النّبيّ أبو غفير ... فأخزى الله أمّ الكاذبينا
ألم تسمع ولم تر يوم بهت ... على آثار خيلهم رنينا
رنين الباكيات فبين ثكلى ... وعاوية ومسقطة جنينا
سيعلم قوم تامسنى إذا ما ... أتوا يوم النّشور مهيمنينا
هناك يونس وبنو أبيه «٧» ... يقودون البرابر مهطعينا
إذا ورياورى زمّت عليه ... جهنّم قائد المستكبرينا
فليس اليوم ردّتكم ولكن ... ليالي كنتم متميسرينا «٨»