للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التَّشْرِيْقِ نَفْلاً (١)، وأَمَّا صَوْمُهُمَا عَنِ الفَرْضِ فَقَدْ بَيَّنَا أنَّ في العِيْدَيْنِ وأَيَامِ التَّشْرِيْقِ رِوَايَتَيْنِ، إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، والأُخْرَى: لاَ يَصِحُّ (٢).

ويُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَامَ رَمَضَانَ أَنْ يُتْبِعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ وإِنْ فَرَّقَهَا، ويُسْتَحَبُّ لَهُ صَوْمُ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ، وآكَدُهَا يَومُ التَّرْوِيَةِ وعَرَفَةٍ؛ إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ حَاجّاً، فَيَكُونُ الأَفْضَلُ لَهُ الفِطْرُ؛ لِيَتَقَوَّى عَلَى الدُّعَاءِ. ويُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ المُحَرَّمِ، وآكَدُهَا تَاسُوعَاءُ وعَاشُورَاءُ. ويُسْتَحَبُّ صِيَامُ الأَيَّامِ البِيْضِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وصَوْمُ الاثْنَيْنِ والخَمِيْسِ. وصِيَامُ دَاوُدَ كَانَ يَصُومُ يَوْماً ويُفْطِرُ يَوْماً.

ويُكْرَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ، قَالَ أَحْمَدُ-رَحِمَهُ اللهُ -: وَهُوَ أَنْ يُدْخِلَ فِيْهِ يَوْمَي العِيْدَيْنِ وأَيَّامَ التَّشْرِيْقِ (٣). ويُكْرَهُ لَهُ الوِصَالُ في الصومِ، واسْتِقْبَالُ رَمَضَانَ باليَوْمِ واليَوْمَيْنِ. ويُكْرَهُ إفْرَادُ رَجَبٍ بالصَّوْمِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وفي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: ويُكْرَهُ إفْرَادُ يَومِ الْجُمُعَةِ (٤) ويَومِ السَّبْتِ (٥)


(١) والعمل عَلَى هَذَا عِنْدَ أهل العِلْم لما ورد من آثار في كراهية صيام أيام التشريق، منها: حَدِيْث عقبة بن عامر قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وَهِيَ أيام أكل وشرب)). أخرجه ابْن أَبِي شيبة (٩٧٧٠)، وأحمد ٤/ ١٥٢، والدارمي (١٧٧١)، وأبو داود (٢٤١٩)، والترمذي (٧٧٣)، والنسائي ٥/ ٢٥٢، وابن خزيمة (٢١٠٠)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢٩٦٤)، وفي شرح المعاني ٢/ ٧١، وابن حبان (٣٦٠٣)، والطبراني في الكبير ١٧/ ٨٠٣، وفي الأوسط (٣٢٠٩)، والحاكم ١/ ٤٣٤، والبيهقي ٤/ ٢٩٨، والبغوي (١٧٩٦)، وانظر في ذَلِكَ: المغني ٣/ ٩٧، والمقنع: ٣٢٣، وشرح الزركشي ٢/ ٥٥.
(٢) نقل المروذي: ((إذا لَمْ يصم المتمتع قبل يوم التروية لَمْ يصم أيام التشريق، أرجو أن لا يكون بِهِ بأس وَلَوْ أفطر وكفّر رجوت))، قَالَ أبو يعلى: ((فظاهر هَذَا جواز صومهما عَنِ النذر)).
ونقل الفضل بن زياد عنه أنه قال: كنت أذهب إلى هَذَا، يعني صوم أيام التشريق إلاّ أني رأيت الأحاديث عَنْ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أنها أيام أكل وشرب)).
قَالَ أبو يعلى: ((فظاهر هَذَا أنَّهُ رجع عَنْ قوله بالجواز)). الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ٤٨/ أ-ب، والمقنع: ٦٦.
(٣) انظر: مسائل الإمام أحمد (رِوَايَة عَبْد الله) ٢/ ٦٢٠، و (رواية إسحاق بن هانئ) ١/ ١٣٤.
(٤) قَالَ أبو داود: قُلْتُ لأحمد إِذَا كَانَ الرجل يصوم يوماً ويفطر يوماً فيوافق الجمعة؟ قَالَ: لاَ بأس إِنَّمَا كره صوم يَوْم الجمعة أن يتعمده الرَّجُل)) مسائل الإمام أَحْمَد برواية أبي داود: ٩٦، وانظر: رِوَايَة إسحاق: ١٣٣.
(٥) استدلالاً بحديث الصماء أخت عَبْد الله بن بسر أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا تصوموا يوم السبت إلا فِيْمَا افترض الله عليكم، فإن لَمْ يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه)).
أخرجه أَحْمَد ٦/ ٣٦٨، والدارمي (١٧٥٦)، وأبو داود (٢٤٢١)، وابن ماجه (١٧٢٦م)، والترمذي (٧٤٤)، وابن خزيمة (٢١٦٣)، والنسائي في الكبرى (٢٧٦٢)، والطبراني الكبير ٢٤/ (٨١٨)، والمزي في تهذيب الكمال ٣٥/ ٢١٩، وأخرجه عَبْد بن حميد (٥٠٨)، والنسائي في الكبرى (٢٧٦١)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ٨٠، والحاكم ١/ ٤٣٥، والبيهقي ٤/ ٣٠٢، والبغوي (١٨٠٦) = =من طريق خالد بن معدان عن عَبْد الله بن بسر مرفوعاً. وأخرجه أَحْمَد ٤/ ١٨٩، والنسائي في الكبرى (٢٧٥٩)، والدولابي في الكنى ٢/ ١١٨ من طريق حسان بن نوح عن عَبْد الله بن بسر، بِهِ.
والحديث متكلم فِيْهِ لمعارضته بِمَا هُوَ أقوى مِنْهُ وحملوا النهي فِيْهِ عَلَى تحري إفراده بالصوم. ينظر تفصيل ذَلِكَ في كتابنا أثر علل الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء: ١٥٢ - ١٥٨.

<<  <   >  >>