للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، وَقِيْلَ: لا يَبْطُلُ؛ لأَنَّ مَنَارَةَ المَسْجِدِ كَالمُتَّصِلَةِ بِهِ (١)، فَإِنْ خَرَجَ لِمَا لاَ بُدَّ مِنْهُ فَسَأَلَ عَنِ المَرِيْضِ في طَرِيْقِهِ وَلَمْ يُعَرِّجْ جَازَ لَهُ، وكَذَلِكَ إِنْ دَخَلَ مَسْجِداً في طَرِيْقِهِ فَأَتَمَّ اعْتِكَافَهُ فِيْهِ، وإِذَا خَرَجَ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ في الاعْتِكَافِ المُتَتَابِعِ بَطَلَ مَا مَضَى مِنِ اعْتِكَافِهِ واسْتَأْنَفَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الخِرَقِيِّ (٢)، ويَتَخَرَّجُ أَنْ يَقْضِيَ مَا خَرَجَ فِيْهِ ويُكَفِّرَ كَفَّارَةَ يَمِيْنٍ (٣)، وأَصْلُ الوَجْهَيْنِ إِذَا نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَأَفْطَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ هَلْ يَسْتَأْنِفُ أو يَقْضِي ما تَرَكَ ويُكَفِّرُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا (٤)، وإِذَا نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمَ يَقْدُمُ فُلاَنٌ فَقَدِمَ لَيْلاً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيءٌ، فَإِنْ قَدِمَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لَزِمَهُ اعْتِكَافُ البَاقِي وَلَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ مَا قَدْ مَضَى مِنَ اليَومِ (٥)، وَإِذَا وَطِئَ المُعْتَكِفُ فِي الفَرْجِ بَطلَ اعْتِكَافُهُ وإنْ كَانَ نَاسِياً (٦) ويَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ إِذَا كَانَ نَذْراً، واخْتَلَفَ أصْحَابُنَا فِي الكَفَّارَةِ وَقَالَ شَيْخُنَا فِي " الخِلافِ ": تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ (٧)، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ (٨)، وَقَالَ أبو بَكْرٍ فِي " التَّنْبِيْهِ ": يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ ويَمِيْنٌ (٩)، وعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ بالوَطْءِ (١٠)، وإنْ وَطِئَ دُوْنَ الفَرْجِ فأنْزَلَ بَطُلَ اعْتِكَافُهُ وإنْ لَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَبْطُلْ (١١). ولا يَعْتَكِفُ العَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، ولا المَرْأَةُ بِغَيْرِ إذِنِ زَوْجِهَا، فإنْ أذِنَا ثُمَّ أرَادَا تَحْلِيْلَهُمَا (١٢)


(١) نقل ابن قدامة في المغني ٣/ ١٤٢، هَذَا القول احتمال عن ابن الخطاب، وأنت ترى أن أبا الخطاب ناقلٌ لهذا القول لذا صدره بلفظ: " قِيْلَ ".
(٢) قَالَ صاحب الإنصاف: وَهُوَ قياس قَوْل الخِرَقِيّ. الإنصاف ٣/ ٣٨٠. وانظر: المغني ٣/ ١٤٦.
(٣) انظر: المغني ٣/ ١٤٥.
(٤) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ٢١٠/أ.
(٥) انظر: المغني ٣/ ١٥٨، والفروع ٣/ ١١٨.
(٦) قَالَ ابن قدامة: ((إن ما حرم في الاعتكاف استوى عمده وسهوه في إفساده)). المغني ٣/ ١٤٣.
(٧) نقل قَوْل أبي يعلى كُلّ من: الزركشي والمرداوي. انظر: المغني ٣/ ١٤٤ وشرح الزركشي ٢/ ٦٧، والإنصاف ٣/ ٣٨١.
(٨) نقل حنبل رِوَايَتَيْنِ، إحداهما: إِذَا وطئ نهاراً وجب عَلَيْهِ كفارة.
ونقل عَنْهُ في موضع آخر: بطل اعتكافه وعليه أياماً مكان ما أفسده ويستقبل ذَلِكَ ولا كفارة عَلَيْهِ.
انظر: الروايتين والوجهين ٤٩/أ.
(٩) انظر: شرح الزركشي ٢/ ٦٧، والإنصاف ٣/ ٣٨١.
(١٠) سبق تخريج هَذِهِ الرِّوَايَة وقدمها ابن قدامة وزعم في المغني أنَّهُ ظاهر المذهب وفي الكافي أنَّهُ المذهب.
انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ٤٩/أ، والمغني ٣/ ١٤٣، والكافي ١/ ٣٧٣، وشرح الزركشي ٢/ ٦٦.
(١١) قَالَ ابن قدامة: ((ولنا أنها مباشرة لا تفسد صوماً ولا حجاً فَلَمْ تفسد الاعتكاف كالمباشر لغير شهوة، وفارق الَّتِي أنزل بِهَا لأنها تفسد الصوم ولا كفارة عَلَيْهِ إلا عَلَى رِوَايَة حنبل)). المغني ٣/ ١٤٥.
(١٢) أي منعهما. انظر: المغني ٣/ ١٥٣، الشرح الكبير ٣/ ١٢٢.

<<  <   >  >>