للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رِوَايَتَيْنِ (١)، وإِنْ دَفَعَ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ جَازَ، وإِنْ دَفَعَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ لَزِمَهُ دَمٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيْلَ: فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ (٢)، فَإِنْ وَافَى مُزْدَلِفَةَ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَلاَ دَمَ عَلَيْهِ، وإِنْ وَافَاهَا بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَحَدُّ المُزْدَلِفَةِ مَا بَيْنَ المَأْزِمَيْنِ وَوَادِي مُحَسِّرٍ، فَإِذَا أَصْبَحَ بِهَا صَلَّى الفَجْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، ثُمَّ يَأْتِي قَزْحَ جَبَلٍ، وَهُوَ المَشْعَرُ الحَرَامُ فَيَرْقَا عَلَيْهِ، وإِنْ أَمْكَنَهُ وَإِلاَّ وَقَفَ عِنْدَهُ، ويَحْمَدُ اللهَ، ويُهَلِّلُهُ، ويُكَبِّرُهُ، ويَدْعُو، ويَكُوْنُ مِنْ دُعَائِهِ: ((اللَّهُمَّ كَمَا وَفَقتَنا فِيْهِ، وأَرَيْتَنَا إِيَّاهُ، فَوَفِّقْنَا لِذِكْرِكَ كَمَا هَدَيْتَنَا، وارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا بِقَوْلِكَ وَقَوْلِكَ الحق: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} إلى قَوْلِهِ: {غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ} إلى أَنْ يُسْفِرَ، ثُمَّ يَدْفَعُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِذَا بَلَغَ وَادِي مُحَسِّرٍ سَعَى إِنْ كَانَ مَاشِياً، وحَرَّكَ دَابَّتَهُ إنْ كَانَ رَاكِباً قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ.

فَإِذَا وَصَلَ إلى مِنَى- وَحَدُّ منى مِنْ جَمْرَةِ العَقَبَةِ إلى وَادِي مُحَسِّرٍ (٣) - فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِجَمْرَةِ العَقَبَةِ فَيَرْميهَا بِسَبْعِ حَصَيَّاتٍ، وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ (٤)، ويَعْلَمُ حُصُولَهَا في المَرْمَى، فَإِنْ رمى بِغَيْرِ الحَصَى مِثْلِ: الكُحْلِ والرُّخَامِ والبِرَامِ (٥) والذَّهَبِ والفِضَّةِ ومَا أَشْبَهَهُ، أو رَمَى بِحَجَرٍ قَدْ رُمِيَ بِهِ أَخَذَهُ مِنَ المَرْمَى لَمْ يُجْزِهِ (٦). والأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَاشِياً، ويَرْفَعَ يَدَيْهِ في الرْمي حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبطَيْهِ، ويَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مَعَ أَوَّلِ حَصَاةٍ، ويَرْمِي بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِنْ رَمَى بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَجْزَأَهُ. وإِذَا رَمَى نَحَرَ


(١) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (٥٢/ب).
وَقَالَ ابْن قدامة ٣/ ٤٤٦ - ٤٤٧: واختلف عن أَحْمَد فِي ذَلِكَ فروي عَنْهُ أنه مستحب لأنَّهُ روي عن ابْن عُمَر أنَّهُ غسله وَكَانَ طاوس يفعله، وَكَانَ ابْن عُمَر يتحرى سنة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وعن أَحْمَد أنه لاَ يستحب وَقَالَ: لَمْ يبلغنا أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فعله وهذا الصَحِيْح وَهُوَ قَوْل عطاء ومالك وكثير من أهل العِلْم فإن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لما لقطت لَهُ الحصيات وَهُوَ راكب عَلَى بعيره يقبضهن فِي يده لَمْ يغسلهن وَلاَ أمر بغسلهن وَلاَ فِيْهِ معنى يقتضيه، فَإِنْ رمي بحجر نجس أجزأه لأنَّهُ حصاة، ويحتمل أن لاَ يجزئه لأنَّهُ يؤدي بِهِ العبادة فاعتبرت طهارته كحجر الاستجمار وتراب التيمم، وإن غسله ورمى بِهِ أجزأه وجهاً واحداً. وعدد الحصا سبعون حصاة يرمي مِنْهَا بسبع يَوْم النحر وسائرها فِي أيام منى والله أعلم.
(٢) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (٥٢/ب).
(٣) وقد قامت حكومة المملكة العربية السعودية بوضع علامات كبيرة ترشد الحجّاج إلى حدود مِنى وغيرها من مواطن الشعائر المقدسة.
(٤) فإن قَالَ مَعَ رمية كُلّ حصاة: ((اللهم اجعله حجّاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وعملاً مشكوراً)) فحسن؛ لأن ابن مسعود وابن عمر كانا يقولان ذَلِكَ. انظر: المغني ٣/ ٤٤٨.
(٥) هُوَ نوع من المعادن. انظر: الفروع ٢/ ٣٦٥، والإنصاف ٣/ ١٢٠ و ٤/ ٣٦.
(٦) هَذَا اختيار المصنف تبعاً لشيخه القاضي أبي يعلى، وفي المذهب أقوال أخرى: منها الإجزاء مَعَ الكراهة. انظر: المغني ٣/ ٤٤٦، وشرح الزركشي ٢/ ٢١٢.

<<  <   >  >>