للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صُلْحاً (١) يَجُوزُ ذَلِكَ. فَأَمَّا أَرْضُ السَّوَادِ، وَهِيَ مِنْ حَدِيْثَةِ المَوْصِلِ إلى عَبَّادَانَ طُوْلاً ومِنْ عُذَيْبِ القَادِسِيَّةِ إلى حُلْوَانَ عُرْضاً، فَيَكُوْنُ طُوْلُهُ مِئَةً وسِتِّيْنَ فَرْسَخاً وعرضه ثمانين رسخاً، [وسُمِّيَ سَوَاداً؛ لأَنَّ العَرَبَ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ أَرْضِهَا ولاَ تَزْرَعُ بِهَا ولاَ شَجَرَ فَيَظْهَرُ لَهُمْ خُضْرَةُ الأَشْجَارِ والزَّرْعِ بالعِرَاقِ] (٢)، وهُمْ يَجْمَعُونَ في الاسْمِ بَيْنَ الخُضْرَةِ والسَّوَادِ فَيُسَمُّونَهُ سَوَاداً، وسَمُّوا العِرَاقَ عِرَاقاً لاسْتِواءِ أَرْضِهِ وخُلُوِّهَا مِنْ جِبَالٍ مُرْتَفِعَةٍ وأَوْدِيَةٍ مُنْخَفِضَةٍ. ومَذْهَبُ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللهُ - أنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَلَمْ يُقَسِّمْهَا عُمَرُ - رضي الله عنه - بَيْنَ الغَانِمِيْنَ بَلْ وَقَفَهَا عَلَى كَافَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وأَقَرَّهَا في يَدِ أَرْبَابِهَا بالخَرَاجِ الَّذِي ضَرْبهُ يَكُوْنُ أُجْرَةً لَهَا في كُلِّ عَامٍ، وَلَمْ يُقَدِّرْ مُدَّتَهَا؛ لِعُمُومِ المَصْلَحَةِ فِيْهَا فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا (٣) ولاَ شِرَاؤُهَا، وَعَنْهُ: أنَّهُ كَرَّهَ بَيْعَهَا وأَجَازَ شِرَاءَهَا، فَأمَّا إِجَازَتُهَا (٤) فَجَائِزٌ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لأنَّهَا فِي يَدِ أَرْبَابِهَا مُسْتَأْجَرَةً بالخَرَاجِ فَأَجَارة المُسْتَأْجِر جَائِزَةً، ويَجُوزُ بَيْعُ المُصْحَفِ مَعَ الكَرَاهِيَةِ (٥)، وَعَنْهُ: لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ (٦)، وهَلْ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وإِبْدَالُهُ أَمْ لاَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (٧). ولاَ يَجُوزُ بَيْعُ حَبَلِ الحبلة - وَهُوَ نِتَاجُ الجَنِيْنِ -، ولاَ بَيْعَ المَلاَقِيْحِ - وَهُوَ بَيْعُ مَا فِي بُطُوْنِ الأَنْعَامِ -، ولاَ بَيْعَ المَضَامِيْن - وَهُوَ بَيْعُ مَا فِي ظُهُوْرِهَا -، ولاَ بَيْعَ كُلِّ مَعْدُومٍ إلاَّ فِي السَّلَمِ والإِجَارَةِ رُخْصَةٌ، ولاَ يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ مَا عُدَّ كَمِيَاهِ (٨) ونَقْعِ البِئْرِ،


(١) الحديث الذي يرويه أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قيل له: أين تنزل غداً قَالَ: ((وهل تَرَكَ لَنَا عقيل من رباع)). أخرجه عَبْد الرزاق (١٩٣٠٤)، وأحمد ٥/ ٢٠٢، والبخاري ٢/ ١٨١ (١٥٨٨) و ٤/ ٨٦ (٣٠٥٨) و ٥/ ١٨٧ (٤٢٨٢)، ومسلم ٤/ ١٠٨ (١٣٥١) (٤٣٩) و (٤٤٠)، وأبو داود (٢٠١٠)
و (٢٩١٠)، وابن ماجه (٢٧٣٠) و (٢٩٤٢)، والمروزي في السنة: ١٠٨، والنسائي في الكبرى (٤٢٥٥) و (٤٢٥٦)، وابن خزيمة (٢٩٨٥)، وأبو عوانة (٥٥٩٦) و (٥٥٩٧)، والطبراني في الكبير (٤١٢) و (٣٤١٣)، والدارقطني ٣/ ٦٢، والخطيب في الفصل والوصل ٢/ ٦٨٩، والبغوي (٢٧٤٧)، والمزي في تهذيب الكمال ٥/ ٤٤٤، والعلائي في البغية: ١٨٧.
(٢) الكلام مَا بَيْنَ القوسين هَكَذَا وجد فِي المخطوطة.
(٣) انظر: مسائل ابن هانئ ٢/ ١٠.
(٤) نقل ابن هانئ: ((وسئل عن الرجل: يستأجر أرضاً من السواد؟ قَالَ: يزارع رجلاً، أحب إليّ من أن يستأجر أرضاً)). مسائل ابن هانئ ٢/ ٣٠.
(٥) انظر: مسائل عبد الله ٣/ ٩٢٣ - ٩٢٤، والإنصاف ٤/ ٢٧٨، والمبدع ٤/ ١٢.
(٦) انظر: مسائل أبي داود ١/ ١٩١. قَالَ المرداوي في مسألة البيع: لا يجوز ولا يصح، وهو المذهب عَلَى ما اصطلحناه. الإنصاف ٤/ ٢٧٨، وَقَالَ ابن مفلح عن عدم الجواز: إنه أشهر الروايتين. المبدع ٤/ ١٢.
(٧) انظر: مسائل عبد الله ٣/ ٩٢٤ - ٩٢٥، والإنصاف ٤/ ٢٧٩.
(٨) في المبدع ٤/ ٢٢، والإنصاف ٤/ ٢٩٠، وكشاف القناع ٣/ ١٦٠: ((كمياه العيون ونقع البئر)). وانظر: مسائل أبي داود: ١٩٤، والمغني ٤/ ٣٠٩.

<<  <   >  >>