للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صُوفٌ (١)، وكلُّ جِنْسٍ أصْلُهُ الكَيْلُ [لا] (٢) يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إلاَّ كَيلاً، وكذَلِكَ ما أَصْلُهُ الوَزْنُ فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إلاَّ وَزْناً وإن اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بالآخَرِ وَزْناً وكَيْلاً وجُزافاً حِنْطَةً بِتَمْرٍ، وزَبِيبٍ بِشَعِيْرٍ. وَقَالَ شيخُنَا: لا يَجُوزُ ذَلِكَ إلاَّ عَلَى ما ذَكَرْنَا في الْجِنْسِ الوَاحِدِ. والْمَرْجِعُ في الكَيْلِ والوَزْنِ إِلَى عُرْفِ العَادَةِ بالْحِجَازِ في زمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنْ كَانَ الْمَبِيْعُ مِمّا لا عُرْفَ لَهُ بالْحِجَازِ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَينِ أحَدهِمَا: اعْتِبَارُ عُرْفِهِ في موْضِعِهِ، والآخَرُ: أنْ يُرَدَّ إِلَى أقْرَبِ الأشْيَاءِ بِهِ شِبْهاً بالْحِجَازِ والدَّراهِمِ والدَّنَانَيرِ يَتَعَيَّنَانِ بِالعَقْدِ فَلاَ يَجُوزُ إبْدَالُهُمَا، فإنْ خَرَجَتْ مَغْصُوبَةً بَطُلَ العَقْدُ، وإنْ وَجَدَ بِهَا عَيباً لَمْ يُطَالِبْ بالبَدَلِ وَلَكِنْ يُمْسِكْ أو يَفْسَخْ، ويَتَخَرَّجُ أنْ يُمْسِكَ ويُطَالِبَ بأَرْشِ العَيْبِ، وإذَا تَلِفَتْ كَانَتْ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وإنْ لَمْ يَقْبِضْهَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُوْلُ الْمُتَعَيِّنُ لا يَفْتَقِرُ الاسْتِقْرَارُ فِيْهِ إِلَى القَبْضِ وَعَنْهُ / ١٤٠ ظ /: أنَّهَا لا تَتَعَيَّنُ (٣). فَيَجُوزُ إبْدَالُهَا وإذا تَلِفَتْ كَانَتْ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي ما لَمْ يَقْبِض البَائِعُ وإذا افْتَرَقَ الْمُتَصَارِفَانِ عن مَجْلِسِ العَقْدِ قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطُلَ الصَّرْفُ فإنْ تَقَابَضَا وافْتَرَقَا فَوَجَدَ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَهُ زُيُوفاً أو بَهْرَجَةً (٤)، فَرَدَّهَا بَطُلَ العَقْدُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ والأُخْرَى إنْ رَدَّها وأخَذَ بَدَلَهَا في مَجْلِسِ الرد لَمْ يَبْطُل العَقْدُ (٥)، وَكَذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِذَا رَدَّ بَعْضَهَا بِالْعَيْبِ وأَخَذَ بَدَلَهُ وعلى الرِّوَايَةِ الأُوْلَة رَدُّ البَعْضِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْرِيْقِ الصَّفْقَةِ، فإِنْ قُلْنَا: يَجُوزُ تَفْرِيْقُ الصَّفْقَةِ. بَطُلَ هَاهُنَا في الْمَرْدُودِ وصَحَّ في الباقِي، وإنْ قُلْنَا: لا يَجُوزُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، بَطُلَ العَقْدُ في الْجَمِيْعِ، وإذا اشْتَرَى ما بَاعَ بأقَلِّ مِمَّا بَاعَ قبلَ نَقْدِ الثَّمَنِ الأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَاناً، ويَجُوزُ قِياساً فإِنْ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ أو اشْتَراهُ أبُوهُ أو ابْنَهُ جَازَ فإِن اشْتَرَاهُ وَكِيْلُهُ لَمْ يَجُزْ وكُلُّ رِباً حُرِّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِيْنَ في دَارِ الإسْلامِ حرم بَيْنَ المسلم والحربي فِي دار الإسلام وَدَارِ الْحَرْبِ.


(١) نقل أبو طَالِب عدم جواز بيع الصوف عَلَى ظهر الحيوان، وصححه الْقَاضِي أبو يعلى، ونقل حنبل جواز ذَلِكَ واختاره ابن حامد. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ٧١/أ، ,الشرح الكبير ٤/ ١٥٩.
(٢) ما بَيْنَ المعكوفتين زيادة يقتضيها النص.
(٣) انظر: الشرح الكبير ٤/ ١٧٥.
(٤) هُوَ الدرهم الَّذِي تَكُوْن فضته رديئةٌ. انظر: الصحاح ١/ ٣٠٠، وتاج العروس ٥/ ٤٣٢ (بهرج).
(٥) واختار الأولى الْقَاضِي أبو يعلى الفراء. انظر: الشرح الكبير ٤/ ١٦٧.

<<  <   >  >>