للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الأخْرَى يَصِحُّ في العرُوضِ أَيْضَاً (١)، ويَجْعَلُ رَأْسَ الْمَالِ قِيْمَتَها وَقْتَ العَقْدِ وتَصِحُّ وإنْ لَمْ يَخْلُطَا الْمَالَيْنِ، وما يَشْتَرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَالِهِ بَعْدَ عَقْدِ الشِّرْكَةِ فَهُوَ لَهُ ولِشَرِيْكِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ تَلِفَ أحَدُ الْمَالَيْنِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِمَا، والرِّبْحُ فِيْهِمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ، والوَضِيْعَةُ (٢) عَلَى قَدْرِ الْمَالِ، فإنْ شَرَطَا التَّسَاوِيَ في الوَضِيْعَةِ مَعَ التَّفَاضُلِ في الْمَالِ، فالشَّرْطُ بَاطِلٌ والعَقْدُ صَحِيْحٌ، وَكَذَلِكَ جَمِيْعُ الشُّرُوطِ الفَاسِدَةِ لا تُبْطِلُ العَقْدَ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قِيَاسِ البَيْعِ والْمُزَارَعةِ بُطْلانُ الشِّرْكَةِ بِذَلِكَ، وما يُوجَدُ فِيْهِمَا منْ رِبْحٍ يُقَسَّمُ عَلَى قَدَرِ الْمَالَيْنِ، ويَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الآخَرِ بأُجْرَةِ عَمَلِهِ في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ (٣)، وَفِي الآخَرِ لاَ يَرْجِعُ، وَيَجُوزُ لِكُلِ واحِدٍ مِنَ شَرِيكَي العِنَانِ أَنْ يَبِيْعَ ويَشْتَرِيَ ويَقْبِضَ ويُطَالِبَ بِالدَّيْنِ ويُخَاصِمَ فِيْهِ ويَحِيْلَ ويَحْتَالَ ويَرُدَّ بِالعَيْبِ ويَفْعلَ كُلَّ مَا هُوَ مِنْ مَصَالِحِ تِجَارَتِهِمَا بِمُطْلَقِ الشِّرْكَةِ، ولاَ يَجُوْزُ لأَحَدِهِمَا أَنْ يُكَاتِبَ ولا يَعْتِقَ عَلَى مَالٍ ولا يَتَزوَجَ الرَّقِيْقَ ولا يَهَبَ ولا يُقْرِضَ ولا يُحَابِيَ ولا يُضَارِبَ بِمَالِ الشِّرْكَةِ ولا يَأخُذَ بِهِ سُفْتَجَةً (٤)، ولاَ يُعْطِيَ سُفْتَجَةً إلاَّ بِإِذْنِ شَرِيْكِهِ، وهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُوْدِعَ أَوْ يُسَافِرَ بالمَالِ أو يَبِيْعَ نَسأً أو يُبَضِّعَ أَو يُوَكِّلَ فِيْمَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ بِنَفْسِهِ أو يَرْهَنَ أو يُوْدِعَ أو يَرْتَهِنَ أو يُقَايِلَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (٥): أَحَدُهُمَا: لا يَجُوزُ، والآخَرُ: يَجُوزُ، فَإِنْ أَبْرَأَ أَحدُهُمَا لَزِمَ في حَقِّهِ، وكَذلِكَ إنْ أَقَرَّ بِمَالٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا في " الخِصَالِ " (٦): يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ عَلَى مَالِ الشِّرْكَةِ (٧)، فَإِنْ أَقَرَّ بِعَيْبٍ في عَيْنٍ بَاعَهَا مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ قَبْلَ إِقْرَارِهِ عَلَى شَرِيْكِهِ، وكَذلِكَ يُقْبَلُ إِقْرَارُ الوَكِيْلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ بالعَيْبِ، نَصَّ عَلَيْهِ (٨)، وَلَيْسَ لَهُ أنْ يَسْتَدِيْنَ عَلَى مَالِ الشِّرْكَةِ، فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ في ضَمَانِهِ، ورِبْحُهُ لَهُ إلاَّ أَنْ يَأْذَنَ الشَّرِيْكُ فَيَكْون الدَّيْنَ في ضَمَانهما، ورِبْحُهُ لَهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ (٩)، فَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ مِنَ الدَّيْنِ جَازَ، فَإِنْ صَارَ


(١) انظر: المغني ٥/ ١٢٥، والمقنع: ١٣٠، والمحرر ١/ ٣٥٣، ونقل عدم الجواز أبو طالب وحرب. انظر: المغني ٥/ ١٢٤.
(٢) يعني الخسران في الشركة عَلَى كُلّ واحد مِنْهُمَا بقدر ماله فإن كَانَ مالهما متساوياً في القدر فالخسران بَيْنَهُمَا نصفين. المغني ٥/ ١٤٧، وانظر: شرح الزَّرْكَشِيّ ٢/ ٥٢٠.
(٣) انظر: شرح الزَّرْكَشِيّ ٢/ ٥٢٠.
(٤) السفتجة: هِيَ أن يعطي آخر مالاً، وللآخر مال في بلد العطى، فيوفيه إياه هناك، فيستفيد أمن الطريق. انظر: الشرح الكبير ٥/ ١٢١، والمعجم الوسيط: ٤٣٢.
(٥) انظر: المقنع: ١٣١، والهادي: ١١٥، والشرح الكبير ٥/ ١٢٢.
(٦) ذكره ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة ٢/ ١٧٦.
(٧) انظر: المقنع: ١٣١، والهادي: ١١٥.
(٨) المغني ٥/ ١٣١.
(٩) نص عَلَى ذَلِكَ في رِوَايَة صالح. وَقَالَ الْقَاضِي: إذا استقرض شيئاً لزمهما ربحه لهما؛ لأنه تمليك مال بمال فهو كالصرف. انظر: المغني ٥/ ١٣٠.

<<  <   >  >>