للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإِجَارَةُ فِيْمَا بَقِيَ في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ (١)، وَفِي الآخر (٢): يَثْبُتُ للمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الفَسْخِ، فَإِنْ وَجَدَهَا مَعِيْبَةً أو حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ فَلَهُ الفَسْخُ، فَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا مَضَى، فَإِنْ غُصِبَتِ العَيْنُ حَتَّى انْقَضَتِ مُدَّةُ الإِجَارَةِ فَهُوَ بالخِيَارِ بَيْن دَفْعِ الإِجَارَةِ المُسَمَّاةِ ومُطَالَبَةِ الغَاصِبِ بِأُجْرَةِ المِثْلِ وبَيْنَ فَسْخِ الإِجَارَةِ، ويُتَخَرَّجُ انْفِسَاخُ العَقْدِ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُوْلُ: إِنْ مَنَافِعَ الغَصْبِ لاَ تُضْمَنُ، فَإِنْ هَرَبَ المَعْقُودُ عَلَيْهِ والإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ مِثْلُ: خِيَاطَةِ قَمِيْصٍ أو بِنَاءِ دَارٍ ثَبَتَ لَهُ الخِيَارُ بَيْنَ الفَسْخِ وبَيْنَ البَقَاءِ إلى أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ فَيُطَالِبُهُ بالعَمَلِ (٣)، فَإِنْ كَانَتْ الإِجَارَةُ عَلَى مُدَّةٍ فَانْقَضَتْ في هَرَبِهِ خُرِّجَ عَلَى الوَجْهَيْنِ في الغَاصِبِ.

ولاَ يَصِحُّ عَقْدُ الإِجَارَةِ عَلَى مَنَافِعَ عَيْنٍ لا يمكن اسْتِيفَاءِ المَنْفَعَةِ مِنْها مِثْلُ: أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَرْضاً للزِّرَاعَةِ سَبْخَةً لاَ (٤) تُنْبِتُ، أَو لاَ مَاءَ لَهَا، أَو لَهَا مَاءٌ لاَ يَدُومُ لِمُدَّةِ الزَّرْعِ، أَو دَابَّةً للرُّكُوبِ وَهِيَ زَمِنَةٌ ولاَ تَصِحُّ إلاَّ عَلَى عَيْنٍ مَعْلُومَةٍ بِرُؤْيَةٍ أَو صِفَةٍ في أَصَحِّ الوَجْهَيْنِ (٥)، ويَصِحُّ في الآخَرِ. وللمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، كَقَوْلِنَا في شِرَاءِ الأَعْيَانِ الغَائِبَةِ، ولاَ يَصِحُّ إِلاَّ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةِ القَدَرِ إِمَّا بالزَّمَانِ كَسُكْنَى شَهْرٍ وخِدْمَةِ سَنَةٍ، أو بالعَمَلِ كَالإِجَارَةِ عَلَى بِنَاءِ دَارٍ، أَو خِيَاطَةِ قَمِيْصٍ، أَو الرُّكُوبِ إلى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ (٦)، فَإِنْ شَرَطَ تَقْدِيْرَ العَمَلِ والزَّمَانِ فَقَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَبْنِيَ لي هذِهِ الدَّارَ في شَهْرٍ لَمْ تَصِحَّ، ويَجُوزُ عَقْدُ الإِجَارَةِ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ يَجُوزُ بَقَاءُ العَيْنِ فِيْهَا وإِنْ طَالَتْ، ولاَ يَجُوزُ عَلَى مُدَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَقَوْلِهِ: أَجَرْتُكَ سَنَةً أو شَهْراً، فَإِنْ قَالَ: أَجَرْتُكَ هذِهِ العَيْنَ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، لَمْ يَصِحَّ العَقْدُ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، ويَصِحُّ في الأُخْرَى (٧)، وكُلَّمَا دَخَلاَ في شَهْرٍ لَزِمَهُمَا حُكْمُ


(١) انظر: المغني ٦/ ٨.
(٢) فِي الأصل: ((الأخرى)).
(٣) الإنصاف ٦/ ١٨.
(٤) تكررت في المخطوطة.
(٥) انظر: شرح الزركشي ٢/ ٥٧٢.
(٦) فإذا كان المستأجر مِمَّا له عمل كالحيوان جاز فيه الوجهان؛ لأن لَهُ عملاً تتقدر منافعه بِهِ، وإن لَمْ يَكُنْ لَهُ عمل كالدار والأرض لَمْ يَجُزْ إلا عَلَى مدة، ومتى تقدرت المدة لَمْ يَجُزْ تقدير العَمَل، وبهذا قَالَ أبو حَنِيْفَة وَالشَّافِعِيّ؛ لأن الجمع بَيْنَهُمَا يزيدها غرراً؛ لأَنَّهُ قَدْ يفرغ من العَمَل قَبْلَ انقضاء المدة، فإن استعمل فِي بقية المدة فَقَدْ زاد عَلَى مَا وقع عَلَيْهِ العقد، وإن لَمْ يعمل كَانَ تاركاً للعمل فِي بَعْض المدة، وَقَدْ لاَ يفرغ من العَمَل فِي المدة فإن أتمه عمل فِي غَيْر المدة وإن لَمْ يعمل لَمْ يأتِ بِمَا وقع عَلَيْهِ العقد، وهذا غرر أمكن التحرز عَنْهُ، وَلَمْ يوجد مثله فِي محال الوفاق فَلَمْ يَجُزْ العقد مَعَهُ. انظر::: المغني: ٦/ ٨ - ٩.
(٧) انظر: المغني والشرح الكبير ٦/ ٩، وشرح الزركشي ٢/ ٥٧٣.

<<  <   >  >>