للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإِجَارَةِ فِيهِ (١)، فَإِنْ فسخ أَحَدُهُمَا عقيب الشَّهْر انْفَسَخَتْ، فَإِنْ أَجَرَهُ شَهْرَ رَمَضَانَ فَهُوَ في رَجَبٍ، أو سَنَةَ خَمْسٍ ويَكُونُ سَنَةَ أَرْبَعٍ صَحَّ العَقْدُ، فَإِنْ أَجَرَهُ عَيْناً شَهْراً فَسَلَّمَها إِلَيْهِ لِصِفَةِ أو مَنْفَعَةٍ مِنْها بَقِيَّةُ الشَّهْرِ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ أُجْرَةَ مَا سَلَّمَهُ إِلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ.

وتَفْتَقِرُ صِحَّةُ الإِجَارَةِ إلى مَعْرِفَةِ المَنْفَعَةِ إِمَّا بالعُرْفِ كَسُكْنَى دَارٍ أو لُبْسِ قَمِيْصٍ ومَا أَشْبَهَهُ، أو بالوَصِفِ كَقَوْلِهِ: لِتَحْمِلَ لي زُبْرَةَ حَدِيْدٍ وَزْنُهَا كَذَا إلى مَوْضِعِ كَذَا أو لِتَبْنِيَ لي حَائِطاً طُوْلُهُ كَذَا وعرْضُهُ كَذَا وعُلُوُّهُ كَذَا بِلَبِنٍ وطِيْنٍ أو آجُرٍ وطِيْنٍ، أو أَجَرْتُكَ هذِهِ الدَّارَ لِنَزْرَعَ فِيْهَا كَذَا وكَذَا وما أشْبَهَهُ، فَإِنْ / ١٨٦ ظ / كَانَ مِمَّا لاَ يَدْخُلُهُ الوَصْفُ كَالمِحْمَلِ والرَّاكِبِ ومَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنَ الأَغْطِيَةِ والأَوْطِيَةِ لَمْ يَمُرَّ حَتَّى يَرَى ذَلِكَ وجَمِيْعَ مَا يحْتَاجُ إِلَيْهِ للتَّمَكُّنِ مِنَ الانْتِفَاعِ كَزِمَامِ الجَمَلِ والبَرْذَعَةِ والحِزَامِ واليَالاَنِ والتَّوْطِيَةِ وشَدِّ المِحْمَلِ والرَّفِعِ والحَطِّ ولزُومِ البَعِيْرِ لِيَنْزِلَ لِصَلاَةِ الفَرِيْضَةِ ومَا جَرَتِ العَادَةُ أَنْ يُوطَأَ بِهِ المَرْكُوب للرَّاكِب، فَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى المُؤَجِّرِ، وكَذلِكَ مِفْتَاحُ الدَّارِ وعِمَارَةُ حِيْطَانِهَا وسُقُوْفِهَا وتَقْيِيْرِ الحَمَّامِ وعَمَلِ البَزْلِ وخُرُوجِ المَاءِ وعِمَارَةِ المسْتَوْقِدِ، كُلُّ ذَلِكَ يَلْزَمُ المُؤَجِّرَ، أَمَّا تَفْرِيْقُ البَالُوعَةِ والكَنِيْفِ فَيَلْزَمُ المُسْتَأْجِرَ إِذَا تَسَلَّمَهَا فَارِغَةً (٢)، وللمُكْتَرِي اسْتِيْفَاءُ المَنْفَعَةِ بِالمَعْرُوفِ بِنَفْسِهِ ولِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ مِمَّنْ يُؤَجِّرُهُ أَو يُعِيْرُهُ، وإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضاً للزِّرَاعَةِ لِشَيءٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا هُوَ دُوْنَهُ في الضَّرَرِ، ويَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَ مَا اسْتَأْجَرَ بِمِثْلِ الإِجَارَةِ، والزِّيَادَةُ في إِحْدَى الرِّوَايَاتِ (٣)، ولاَ يَجُوزُ في الثَّانِيَةِ إِلاَّ بِإِذْنِ المُؤَجِّرِ، وَفِي الثَّالِثَةِ: إِنْ حَدَّدَ في العَيْنِ عِمَارَةً جَازَ أَنْ يُؤَجِّرَ بِالزِّيَادَةِ، وإِنْ لَمْ يُحَدِّدْ تَصَدَّقَ بالزِّيَادَةِ، ويَجُوزُ بَيْعُ العَيْنِ المُسْتَأْجَرَةِ مِنْ غَيْرِ المُسْتَأْجِرِ ولاَ تَنْفَسِخُ الإِجَارَةُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ المُشْتَرِي بالإِجَارَةِ فَلَهُ الخِيَارُ إِذَا عَلِمَ في الفَسْخِ والإِمْضَاءِ، فَإِنْ بَاعَهَا مِنَ المُسْتَأْجِرِ فَهَلْ تُفْسَخُ الإِجَارَةُ؟ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ (٤).

ولاَ تَنْفَسِخُ الإِجَارَةُ بِمَوْتِ أَحَدِ المُسْتَأْجِرَيْنِ، ولاَ تَنْفَسِخُ بِعُذْرٍ في حَقِّ المُسْتَأْجِرِ (٥)


(١) وبهذا قال الشافعي وأبو حنيفة وأبو ثور. انظر: الشرح الكبير ٦/ ٧.
(٢) قال المرداوي: بلا نزاع، ويتوجه أن يرجع ذلك إلى العرف. وكذا تفريغ الدار من القمامة والزبل ونحوهما. ويلزم المكرى تسليمها منظفة، وتسليم المفتاح، وهو أمانة مع المستأجر، وعلى المستأجر البكرة والحبل والدلو. الإنصاف ٦/ ٥٧ - ٥٨.
(٣) انظر: شرح الزركشي: ٢/ ٥٨١ - ٥٨٢.
(٤) انظر: شرح الزركشي ٢/ ٥٨٦.
(٥) لأن الإجارة عقد لازم فَلا ينفسخ بتلف العاقد مَعَ سلامة المعقود عليه، كَمَا لو زوج أمته ثُمَّ مات، هَذَا المنصوص عن أحمد وعليه الأصحاب، وقال أبو مُحَمَّد في المستأجر: إذا لَمْ يَكُنْ لَهُ وارث أو تعذر استيفاء وارثه كأن اكترى للحج ومات في الطريق أن الإجارة تنفسخ، وزعم أن هَذَا =

<<  <   >  >>