للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِثلُ أَنْ يَكْتَرِيَ لِيَحِجَّ فَتَضِيْعُ نَفَقَتُهُ، أَو يَكْتَرِيَ دُكَّاناً لِيَبِيْعَ فِيهِ البُرَّ فَيَحْتَرِقَ مَتَاعُهُ، وإِذَا مَاتَ الجَمَّالُ أَو هَرَبَ في بَعْضِ الطَّرِيقِ وتَرَكَ الجِمَالَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالاً بَاعَ الفَاضِلَ عَنِ المُكْتَرَى مِنَ الجِمَالِ وأَنْفَقَهُ عَلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيْهَا فَضْلٌ اسْتَدَانَ عَلَيْهَا النَّفَقَةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ جَازَ للمُكْتَرِي أَنْ يُنْفِقَ بِإِذْنِ الحَاكِمِ لِيَكُونَ دَيْناً عَلَيْهِ، فَإِنْ رَجَعَ الجَمَّالُ واخْتَلَفَا في النَّفَقَةِ فَالقَوْلُ قَوْلُ المُنْفِقِ، فَإِنْ أَنْفَقَ المُكْتَرِي مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الحَاكِمِ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى النَّفَقَةِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ، وإِنْ أَشْهَدَ بالرُّجُوعِ في النَّفَقَةِ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (١).

وإِذَا وَصَلَ المُكْتَرِي إِلى المَكَانِ الَّذِي اكْتَرَى إِلَيْهِ رَفَعَ الأَمْرَ إلى الحَاكِمِ؛ لِيَبِيْعَ مَا يَرَى بَيْعَهُ ويَقْضِيَ دَيْنَ المُنْفِقِ ويَحْفَظَ البَاقِيَ للجِمَّالَ أَو لِوَرَثَتِهِ إِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ، فَإِنِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلى مَكَانٍ فَجَاوَزَهُ فَعَلَيْهِ المُسَمَّى وأُجْرَةُ المِثْلِ للزِّيَادَةِ، وكَذلِكَ إِنِ اكْتَرَى بِحَمْلِ شَيءٍ فَحَمَلَ أَكْثَرَ مِنْهُ ذَكَرَهُ الخِرَقِيُّ (٢)، وذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ مَا بُذِلَ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ المِثْلِ للجَمِيْعِ / ١٨٧ و / فَإِنْ تَلِفَتْ البهيِمَّةُ في حَالِ زِيَادَةِ الطَّرِيْقِ أو الحَمْلِ ولَيْسَتْ في يَدِ صَاحِبِهَا فَعَلَى المُكْتَرِي كَمَالُ قِيْمَتِهَا، وإِنْ كَانَتْ في يَدِ صَاحِبِهَا احْتَمَلَ أَنْ يُلْزِمَهُ كَمَالَ قِيْمَتِهَا أَيْضاً، واحْتَمَلَ أَنْ يُلْزِمَهُ نِصْفَ قِيْمَتِهَا.

وَإِذَا ضَرَبَ الدَّابَّةَ أَو كَبَحَهَا (٣) باللِّجَامِ بِمِقْدَارِ العَادَةِ فَلا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وكَذلِكَ الحُكْمُ في الرَّائِضِ (٤)، والمُعَلِّمِ إِذَا ضَرَبَ الصَّبِيَّ، والزَّوْجِ إِذَا ضَرَبَ زَوْجَتَهُ في النُّشُوزِ، ولاَ ضَمَانَ عَلَى الأَجْيرِ المُشْتَرِكِ فِيْمَا لَمْ تَجْنِ يَدُهُ كَالقَصَّارِ والحَدَّادِ، وَهِيَ اخْتِيَارُ الخِرَقِيِّ وأَبِي (٥) بَكْرٍ (٦)، وَعَنْهُ: أنَّ عَلَيْهِ الضَّمَانَ، وَعَنْهُ: إِنْ كَانَ الهَلاَكُ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ كالحَرِيْقِ واللُّصُوصِ فَلا ضَمَانَ عَلَيْهِ (٧)، وإِنْ كَانَ بِأَمْرٍ خَفِيٍّ كالضَّيَاعِ ضَمِنَ. فَأَمَّا مَا جَنَتْ يَدُهُ فَيَضْمَنُ، نَصَّ عَلَيْهِ، ويُتُخَرَّجُ أَنْ لاَ يَضْمَنَ بِنَاءً عَلَى مَا إِذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَأَقْضَاهَا أو


= ظاهر كلام أحمد. وشمل كلام الخرقي - رحمه الله - إذا مات المَوْقُوْف عليه فانتقل الوقف إلى من بعده، فإن الإجارة لا تنفسخ وهو أحد الوجهين، والوجه الآخر تنفسخ، وهو قول أبي إسحاق بن شاقلا، وأومأ إليه أحمد لا للموت؛ بَلْ لأن ملكه قَدْ زال. شرح الزَّرْكَشِيّ ٢/ ٥٨١.
(١) انظر: الإنصاف ٦/ ٦١.
(٢) شرح الزركشي ٢/ ٥٨٥.
(٣) كبحها: أي جذبها لتقف، انظر: المعجم الوسيط: ٧٧٢.
(٤) وهو الذي يعلمها السير.
(٥) في الأصل: ((أبو)).
(٦) الإنصاف ٦/ ٧٩.
(٧) انظر: شرح الزركشي ٢/ ٥٨٩. أما إن كَانَ بأمر خفي كالضياع ونحو ذلك فعليه الضمان إناطة بالتهمة. قَالَ صاحب التلخيص: ومحل الروايات إذا لَمْ تكن يد المالك عَلَى المال، وأما إن كانت عليه فَلا ضمان بحال.

<<  <   >  >>