للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المَذْهَبُ أَنَّ البِنَاءَ والغِرَاسِ يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ تَبَعاً للأرْضِ، فَأَمَّا الثِّمَارُ فَهَلْ تُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ تَبَعاً؟ يُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْخَذَ إِذَا بَاعَ شِقْصاً مِنْ إِنْسَانٍ فِيهِ ثَمَرَةٌ، وَقَالَ شَيْخُنَا: لاَ يُؤْخَذُ بالشُّفْعَةِ. فَأَمَّا المَقْسُومَةُ المَحْدُودَةُ فَلاَ شُفْعَةَ لِجَارِهِ فِيهِ (١)، وأَمَّا إِذَا كَانَ الشَّرِيْكُ ذِمِّيّاً فَبَاعَ شَرِيْكُهُ المُسْلِمُ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ، وأَمَّا إِنِ انْتَقَلَ الشِّقْصُ بِغَيْرِ مَالٍ، مِثْلُ: أَنْ يَجْعَلَهُ مَهْراً أو عِوَضاً في الخُلْعِ أَو في الصُّلْحِ عَنْ دَمِ العَمْدِ أو في مَنْفَعَةِ دَارٍ، فَقَالَ شَيْخُنَا: لاَ شُفْعَةَ في ذَلِكَ (٢)، وَهُوَ قَوْلُ أبي بَكْرٍ، وَقَالَ ابنُ حَامِدٍ: تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ (٣)، ويَأْخُذُ الشَّفِيْعُ الشِّقْصَ بِعِوَضِهِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ العَقْدُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ أَخَذَهُ بِمِثْلِهِ، وإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ أَخَذَهُ بِقِيْمَتِهِ، وإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلاً أَخَذَهُ بِذَلِكَ الأَجِلِ إِنْ كَانَ مَلِيْئاً وإِلاَّ أَقَامَ ضَامِناً مَلِيْئاً وأَخَذَ، نَصَّ عَلَيْهِ (٤)، وأَمَّا مِلْكُهُ بِهِبَةٍ أو وَصِيَّةٍ فَلاَ شُفْعَةَ فِيهِ، فَإِنْ بَاعَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيّاً شِقْصاً بِخَمْرٍ، فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ مَالٌ لَهُمْ وجَبَتِ الشُّفْعَةُ، وإِنْ قُلْنَا: لَيْسَتْ بِمَالٍ فَلاَ شُفْعَةَ. والمُوْقَفُ عَلَيْهِ شِقْصٌ مِنْ عَقَارٍ إِذَا بَاعَ شَرِيْكُهَ حَقَّهُ، فَقَالَ شَيْخُنَا: لا شُفْعَةَ لَهُ بِشِرْكِةِ الوَقْفِ، وعِنْدِي أَنَّ المَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنْ الوَقْفَ يَمْلِكُهُ المُوَقَّفُ عَلَيْهِ أمْ لاَ؟ وفِيهِ رِوَايَتَانِ (٥):

إحْدَاهُمَا: يَمْلِكُهُ فَيَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ.

والثَّانِيَةُ: لاَ يَمْلِكُهُ فَلاَ يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ (٦).

وإِذَا كَانَتِ الدَّارُ بَيْنَ ثَلاَثَةٍ فَاشْتَرَى إِنْسَانٌ حَقَّ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ كَانَ للشَّفِيْعِ أَخْذُ حَقِّ أَحَدِهِمَا دُوْنَ الآخَرِ، وَقَالَ شَيْخُنَا: لَيْسَ لَهُ إِلاَّ أَخْذُ الكُلِّ أو التَّرْكُ (٧)، فَإِنِ اشْتَرَى اثْنَانِ مِنْ أَحَدٍ حَقَّهُ فَإِنَّ للشَّفِيْعِ أَخْذَ حِصَّةِ أَحَدِ المُشْتَرِيَيْنِ دُوْنَ الآخَرِ، فَإِنْ وَرِثَ رَجُلاَنِ دَاراً عَنْ أَبِيْهِمَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا وخَلَفَ ابْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُ الابْنَيْنِ نَصِيْبَهُ كَانَتْ الشُّفْعَةُ بَيْنَ الأَخِ


(١) وَقِيلَ: قَالَ المرداوي في الإنصاف ٦/ ٢٥٥: ((تثبت الشفعة للجار، وحكاه القاضي يعقوب في التبصرة، وابن الزاغوني عن قوم من الأصحاب رِوَايَة.
قَالَ الزركشي صححه ابن الصيرفي، واختاره الحارثي فِيْمَا أظن، وأخذ الرِّوَايَة من نصه في رِوَايَة أبي طالب ومهنّا: لا يحلف أن الشفعة تستحق بالجوار)). وانظر: شرح الزركشي ٢/ ٥٥٤.
(٢) وَهُوَ ظاهر كلام الخرقي أيضاً. انظر: المقنع ٥/ ٤٦٩، وشرح الزركشي ٢/ ٥٥٦.
(٣) وَهُوَ اختيار أبي الخطاب في الانتصار كَمَا نقل ذَلِكَ الزركشي في شرحه ٢/ ٥٥٦.
(٤) انظر: المغني ٥/ ٥٠٧، والإنصاف ٦/ ٣٠١.
(٥) وجعلها في المقنع: ١٥٣، والهادي: ١٣٦ عَلَى وجهين.
(٦) الصَّحِيح من المذهب هنا: أنه لا شفعة لَهُ، جزم بِهِ في الوجيز وغيره، وقطع بِهِ أيضاً ابن أبي موسى، والقاضي وابنه، وابن عقيل، والشريفان - أبو جَعْفَر والزيدي -، وأبو فرج الشيرازي في آخرين. الإنصاف ٦/ ٢٨٣. انظر: المقنع: ١٥٣، والشرح الكبير ٥/ ٥٠٥.
(٧) انظر: المغني ٥/ ٥٢٧، وشرح الزركشي ٢/ ٥٦٣.

<<  <   >  >>