للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو أحَالَهُ أو وَهَبَهُ لَهُ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وإنْ رَدَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْبَلْهُ لأنَّهُ إسْقَاطٌ ولا يَصِحُّ القَبْضُ في المَوْهُوبِ إلا بإذْنِ الوَاهِبِ، فإنْ وَهَبَ مِنْهُ شَيْئاً في يَدِهِ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِقَبْضِهِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ فِيْهِ، ويمْضِي زَمَانٌ يَتَأتَّى قَبْضُهُ في مِثْلِهِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (١)، وفي الأُخْرَى يُحْكَمُ لَهُ بِقَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ إِذَا مَضَى زَمَانٌ يَتَأتَّى القَبْضُ فِيْهِ فإنْ لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ الوَاهِبُ قَامَ وارِثُهُ مَقَامَهُ في القَبْضِ والفَسْخِ ولا يصِحُّ هِبَةُ المَجْهُولِ ولا مَا لا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، ولا ما لا يتمُّ مِلْكَهُ عَلَيْهِ، كالقَفِيْزِ مِنْ صُبْرَةٍ إِذَا اشْتَرَاهُ وَوَهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ ولا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الهِبَةِ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبلٍ (٢)، ولا يَصِحُّ إلاَّ مِنْ تَامِّ المِلْكِ وحَائِزِ التَّصَرُّفِ في مالِهِ وتَصِحُّ هِبَةُ المُشَاعِ سَواء كَانَ مِمَّا يَتأتَّى قسْمَتُهُ كالعِرَاصِ (٣)، أو لا يَتَأَتَّى قِسْمَتُهُ كالشِّقْصِ في يَدِ العَبْدِ والدَّابَّةِ والجَوْهَرَةِ والرحا. والهِبَةُ المُطْلَقَةُ لا تَقْتَضِي الثَّوَابَ سواء كَانَتْ مِنَ الأعْلَى (٤) للأدنَى، ومِنَ الأعْلَى الأدْنَى (٥)، فإنْ شَرَطَ فِيْهَا ثَوَاباً مَعْلُوماً صَحَّتْ وَكَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ البَيْعِ في ثُبُوتِ الخَيَارَاتِ وأحَدُهَا بالشُّفْعَةِ إنْ كَانَتْ شَقْصاً وغَيْرَ ذَلِكَ من أحْكَامِ البَيْعِ وَعَنْهُ ما يَقْتَضِي أنْ يَغْلِبَ فِيْهَا حُكْمُ الهِبَةِ فَلاَ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ وغَيْرَهَا مِنْ أحْكَامِ البَيْعِ، وإنْ شرَطَ ثَوَاباً مَجْهُولاً فَقَالَ شَيْخُنَا (٦): تَبْطُلُ، وظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللهُ - أَنَّهَا تَصِحُّ (٧)، لأنَّهُ قَالَ في رِوَايَةِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ سَعِيْدٍ، إِذَا وَهَبَ لَهُ عَلَى وَجْهِ الإنَابَةِ فَلا يَجُوزُ أنْ يُنِيْبَهُ مِنْهَا ونَحْو ذَلِكَ، قَالَ في رِوَايَةِ بَكْرِ بنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أبِيْهِ وَرِوَايَةِ مُهَنَّا فَعَلَى هَذَا عَلَيْهِ أن يُنِيْبَهُ حَتَّى يَرْضَى، ويُحْتَمَلُ (٨) أنْ يُعْطِيَهُ قَدْرَ قِيْمَتِهَا فإنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِيْهَا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، وإنْ تَلِفَتْ لَزِمَ المَوْهُوبَ لَهُ قِيْمَتُهَا يَوْمَ التَّلَفِ، وَإِذَا شَرَطَ في عَقْدِ الهِبَةِ ما يُنَافِي مُقْتَضَاها نَحْوُ أنْ يَقُوْلَ وَهَبْتُ لَكَ هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً أو عَلَى أن لا تَبِعَهَا فإنْ قَالَ أعْمَرْتُكَ أو أرْقَبْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ وجَعَلْتُهَا لَكَ عُمْرَكَ أو مُدَّةَ حَيَاتِكَ فإنَّها تَكُوْنُ لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ولِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ كَانَتْ لِبَيْتِ المَالِ فَلاَ يَرْجِعُ إِلَى المُعَمِّرِ والمُرَقِّبِ نَصَّ عَلَيْهِ (٩) فإنْ شَرَطَ في العُمُرِيِّ والرقبِيُّ أنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ أو إِلَى


(١) انظر: المقنع: ١٦٥، والإنصاف: ٧/ ١٢٢.
(٢) انظر: الهادي: ١٤٤، المغني ٦/ ٢٥٦، الشرح الكبير ٦/ ٢٦٤، الإنصاف ٧/ ١٣٣.
(٣) المقنع: ١٦٥، الهادي: ١٤٤، المغني ٦/ ٢٥٣، الشرح الكبير ٦/ ٢٦١، الإنصاف ٧/ ١٣١.
(٤) في المخطوط: ((الأعلا)).
(٥) هَكَذَا فِي الأصل، ولعل الصواب: ((ومن الأدنى للأعلى)).
(٦) انظر: المقنع: ١٦٤، الهادي: ١٤٤، الشرح الكبير ٦/ ٢٤٧، الإنصاف ٧/ ١١٧.
(٧) الهادي: ١٤٤.
(٨) الهادي: ١٤٤.
(٩) انظر: الشرح الكبير ٦/ ٢٦٤، الزركشي ٢/ ٦٢٩ - ٦٣٠.

<<  <   >  >>