للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دَخَلَ وَقْتُهَا، وَجَبَ عَلَيْهِ طَلَبُ الْمَاءِ في رَحْلِهِ، ورفْقَتِهِ، وَمَا قَرُبَ منْهُ، فَإِنْ بُذِلَ لَهُ مَاءٌ، أَوْ بِيعَ مِنْهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ زِيَادَةٍ يَسِيْرَةٍ لا تُجْحِفُ بِمَالِهِ، لَزِمَهُ قَبُولُهُ، وإنْ دُلَّ عَلَى مَاءٍ، لَزِمَهُ قصدُهُ، مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ، ومَالِهِ، وَلَمْ يَفتِ الوَقْتُ. فإِنْ وَجَدَ مَا يَحْتَاجُ إِليهِ للعَطَشِ، أَوْ بِيعَ مِنْهُ الْمَاء بِزِيَادَةٍ كَثيرَةٍ، فَهُوَ كَالعَادِمِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ لا يَجِبُ الطَّلَبُ (١).

ويُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ إلى آخِرِ الوَقْتِ، إِنْ رَجَا وُجُوْدَ الْمَاءِ، وإِنْ يَئِسَ مِنْ وُجُوْدِهِ، اسْتُحِبَّ تَقْديْمُهُ.

فَإِذَا تَيَمَّمَ، صَلَّى صَلاةَ الوَقْتِ، وَقَضَى الفَوَائِتَ (٢)، وَجَمعَ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ، وتَنَفَّلَ حَتَّى يَخْرُجَ الوَقْتُ، فَإِذَا خَرَجَ اسْتَأْنَفَ التَّيَمُّمَ لِلصَّلاَةِ الأُخْرَى، في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى: يُصَلِّي بِهِ حَتَّى يُحْدِثَ (٣). فَيَتَخَرَّجُ مِنْ هذِهِ الرِّوَايَةِ: أنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ عِنْدَ عدم الْمَاءِ، وأنَّهُ يَجُوزُ قَبْلَ الوَقْتِ، وأنَّهُ إذَا نَوَى مُطْلَقاً، جَازَ أنْ يُصَلِّيَ بِهِ الفَرْضَ، ويُصَلِّي بِهِ مَا شَاءَ مِنَ الصَّلَوَاتِ في الوَقْتِ.

وَإِذَا نَسِي الْمَاءَ بِمَوْضِعٍ يُمكنهُ اسْتِعْمَالُهُ، وصَلَّى بالتَّيَمُّمِ، لَمْ يُجْزِهِ. وإِذَا تَيَمَّمَ، ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ الدُّخُولِ في الصَّلاةِ، بَطَلَ تَيَمُّمُهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الفَراغِ مِنْها، أَجْزأتْهُ صَلاتُهُ، وإنْ كَانَ فِيْهَا، لَزِمَهُ الْخُرُوجُ، وقِيْلَ: في ذَلِكَ رِوَايَتَانِ (٤).

وإِذَا وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ لِبَعْضِ بَدَنِهِ، لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي، إنْ كَانَ جُنُباً. وإنْ كَانَ مُحْدِثاً، فَهَلْ يَلْزمُهُ اسْتِعْمَاله؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (٥).

وَإِذَا كَانَ بَعْضُ بَدَنِهِ قَرِيْحاً غسل الصَّحِيحَ، وَتَيَمَّمَ لِلْقَرِيحِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى جرحِهِ نَجَاسَةٌ يستضرُّ بإِزَالَتِهَا، تَيَمَّمَ، وَصَلَّى، ولا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. وإِذَا تَيَمَّمَ لِلنَّجَاسَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، وَصَلَّى، لَزِمَهُ الإِعَادَةُ عِنْدِي. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لاَ تَلْزَمُهُ الإِعَادَةُ (٦).


(١) رِوَايَة الوجوب عن صالح وابن منصور، ورواية الاستحباب عن الميموني. الروايتين والوجهين ١٠/ أ.
(٢) فِي الأصل بدون ((أل)) إلاّ أن العبارة لاَ تستقيم بِهَا.
(٣) نقل الأولى: جَمَاعَة مِنْهُمْ أبو طالب والمروذي وأبو دَاوُد ويوسف بن موسى، ونقل الثانية: الميموني والفضل بن عَبْد الصمد. الروايتين والوجهين ١٠/أ.
(٤) الأولى عن أبي طالب والمروذي وغيرهما، والثانية عن ابن منصور والميموني، وسبب وجود الاختلاف في الروايتين وعدم وجوده هُوَ رجوع الميموني عن قوله بالمعنى. الروايتين والوجهين ١٠/أ.
(٥) ينظر: الروايتين والوجهين ١٠/ب -١١/أ.
(٦) ينظر: المغني ١/ ٢٧٤.

<<  <   >  >>