ومن ذلك أنه جل اسمه لما ذكر أبواب جهنم ذكرها بغير واو لأنها سبعة فقال:{حتى إذا جاءها فتحت أبوابها} ولما ذكر أبواب الجنة بها الواو لكونها ثمانية، فقال سبحانه:{حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} وتسمى هذه الواو واو الثمانية. ومما ينتظم أيضاً في إقحام الواو ما حكاه "أبو إسحاق الزجاج" قال: سألت "ابا العباس المبرد" عن العلة في ظهور الواو في قولنا: سبحانك اللهم وبحمدك، فقال: إني لقد سألت "أبا عثمان المازني" عما سألتني عنه فقال: المعنى سبحانك اللهم وبحمدك سبَّحتك.
ــ
قال "ابن هشام": لو كان لواو الثمانية حقيقة لم تكن الآية منها؛ إذ ليس فيها ذكر عدد البتة وإنما فيها ذكر الأبواب، وهو جمع لا يدل على عدد خاص، ثم الواو ليست داخلة عليه بل على جملة هو فيها، وقد مر أن الواو في قوله: وفتحت مفخمة عند قوم وعاطفة عند آخرين، وقيل: هي واو الحال، أي جاؤها [حال كونها] مفتحة قيل: وإنما فتحت لهم قبل مجيئهم إكراماً لهم عن أن يقفوا حتى تفتح لهم، وفيه كلام وفي "درة التأويل" فإن قيل: هل يختلف المعنيان إذا حذفت الواو أو أثبتت؟ قلنا: يختلفان بأن الفتح يقع عند مجيء أهل النار لأن قوله "فتحت" جزاء الشرط وحقه إذا كان فعلاً أن لا يدخله واو لا فاء ويكون عقيب الشرط، وإذا حذف الجزاء وعطف عليه فعل فقيل: حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها كان التقدير حتى إذا جاءوها وأبوابها مفتوحة، وهذا حكم اللفظ. وأما حكم المعنى فإن جهنم لما كانت أشد المحابس، ومن عادة الناس إذا شددوا أمرها أن لا يفتحوا أبوابها إلا لداخل وخارج، وكانت جهنم أهولها أمراً وأبلغها عقاباً أخبر عنها الإخبار عما شوهد من أهوال الحبوس التي يضيَّق على محبوسها، فوقع الفتح يتشوق للقاء أهلها، ومن رسم المنازل إذا بشر من فيها بإتيان أهلها أن تفتح أبوابها استبشاراً بهم وتطلعاً إليهم، فيكون ذلك قبل مجيئهم، فأخبر عن المؤمن وحالهم على ما جرت به عادة الدنيا في أمثالهم، فيكون حذف الجزاء وإدخال الواو على الفعل المعطوف